رأي

وجهان لزيارة أردوغان إلى العراق: جدية في حل المشاكل وابتعاد عن المزايدات

من الصعب عدم الانتباه إلى أن توقيت الزيارة يبعد تركيا عن بؤرتين مشتعلتين، هما المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية وحرب غزة.

يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الإثنين زيارة إلى العراق تهدف إلى حل قضايا معقدة بين أنقرة وبغداد، على رأسها ملف تقاسم المياه، ما يظهر ابتعادا تركيا عن التوترات التي تشهدها المنطقة بسبب الحرب في غزة والأزمة بين إيران وإسرائيل.

ويعكس التوقيت والتوتر الإقليمي الذي تشهده المنطقة وجهين لهذه الزيارة، يتمثل الأول في جدية تركيّة لحل القضايا العالقة بين البلدين، أما الوجه الآخر فيتمثل في وضع المزايدات والشعارات جانبا، وهو ما يشكل نهجا تركيّا جديدا.

وعلى مدى سنوات سادت لهجة المزايدات في قضايا المنطقةِ اللغةَ السياسية للرئيس التركي وكانت جزءا من محاولة فرض النفوذ من خلال ملفات شبيهة بتلك التي تستخدمها إيران اليوم، وخاصة منها القضية الفلسطينية. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن البلدين سيوقعان 20 اتفاقية خلال الزيارة.

العلاقات التركية – العراقية يمكن أن تنتقل إلى مستوى أفضل شريطة حل مسألة وجود “بي كي كي” الإرهابي في العراق

وقال فيدان “هدفنا تطوير العلاقات (مع العراق) بحيث يكون تحقيق الاستقرار الإقليمي والازدهار والتنمية ممكنا، وإضفاء طابع مؤسسي على علاقاتنا، وبذل ما بوسعنا لتطوير النظام والازدهار في المنطقة”.

ولفت في هذا الإطار إلى الأعمال الجارية منذ فترة طويلة بين البلدين في مجالات مثل الأمن والطاقة والزراعة والمياه والصحة والتعليم. وأكد وزير المواصلات والبنى التحتية التركي عبدالقادر أورال أوغلو أن مشروع طريق التنمية سيكون على رأس أولويات جدول الأعمال.

وأوضح في تصريح تلفزيوني الأحد أن حركة السفن التي تمر عبر قناة السويس تستغرق 35 يوما، وأكثر من 45 يوما عبر رأس الرجاء الصالح، أما عند اكتمال مشروع طريق التنمية الذي يمر من العراق والأراضي التركية فستنخفض مدة شحن البضائع إلى 25 يوما.

وأضاف أن المرحلة الأولى من المشروع سيتم تشغيلها العام المقبل، مشيرا إلى أنهم يخططون لبناء 1200 كيلومتر من السكك الحديد والطرق السريعة وخطوط نقل الطاقة وخط للاتصالات ضمن نطاق المشروع.

ولفت إلى أنه في إطار المشروع سيتم بناء خط سكة حديد من قرية أوفاكوي الحدودية مع العراق إلى أوروبا، مؤكدا أن مشاريع النقل الوطنية والدولية لها أهمية حيوية بالنسبة إلى تركيا.

وذكر أورال أوغلو أن مشروع طريق التنمية يسير بشكل أسرع مما يتوقعون، وأن تقدما كبيرا يتم إحرازه من خلال الزيارات المتبادلة كل شهر بين البلدين.

وسبق أن قال وزير التجارة التركي عمر بولات إن بغداد وأنقرة ستوقعان خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق “إعلانًا مشتركًا بشأن إنشاء اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، وبروتوكول إنشاء آلية التشاور والتعاون في مجالات سلامة المنتجات والحواجز التقنية”. وأضاف “كما سيوقع المجلس التركي للعلاقات الاقتصادية الخارجية واتحاد غرف التجارة في العراق على ثلاث اتفاقيات في المجال التجاري، من بينها مذكرة تفاهم”.

ونقلت وكالة الأناضول التركية تعليقات عن مسؤولين ومحللين عراقيين بشأن أهمية زيارة أردوغان. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي إن الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق الاثنين تمثل “نقلة نوعية” في العلاقات العراقية – التركية، لاسيما أن الإعداد لها يجري منذ نحو سنة، وستشهد مناقشة “ملفات مهمة”. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها العوادي للأناضول قبيل زيارة أردوغان، وتأتي بعد 12 عاما من آخر زيارة له إلى العراق.

ونقلت الأناضول عن خبراء عراقيين في شؤون الأمن والإرهاب قولهم إنه من الممكن توقيع اتفاقية تعاون ضد وجود حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) في العراق، القضية التي تؤرق تركيا، وإنه من الممكن أيضا توسيع مجالات التعاون في القضايا الأمنية الأخرى.

توقيت زيارة الرئيس أردوغان يبعد تركيا عن بؤرتين مشتعلتين، هما المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية وحرب غزة

وأفاد الخبير الأمني أحمد الشريف بأن العلاقات التركية – العراقية يمكن أن تنتقل إلى مستوى أفضل بكثير عقب زيارة الرئيس أردوغان إلى بغداد، مشددا على ضرورة حل مسألة وجود “بي كي كي” الإرهابي في العراق.

لكن من الصعب على أي مراقب سياسي ألا يلاحظ أن توقيت الزيارة يبعد تركيا عن بؤرتين مشتعلتين، هما المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية وحرب غزة. ويقول مراقبون إن توقيت الزيارة يرسل إشارات إلى وضع المزايدات الإقليمية على الرف رغم الدمار والقتل اللذين تشهدهما غزة واشتعال التوتر الإيراني – الإسرائيلي.

وسجل الموقف التركي برودا في قضية غزة خاصة إذا تمت مقارنة التحركات التركية الحالية بتلك التي كانت تقوم بها أنقرة قبل سنوات حيث تفرغ أردوغان بشكل كامل تقريبا لقضية سفينة مافي مرمرة التي هاجمتها إسرائيل عندما حاولت إيصال مساعدات إلى قطاع غزة قبل حوالي 14 عاما، كما تبنى قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وهو ما قاد إلى شبه قطيعة مع السعودية تأثرت بعدها مصالح تركيا في المملكة.

ومنذ اندلاع الحرب يكتفي أردوغان بتصريحات تدين وتنتقد الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة، دون تحركات فعلية من أجل الضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب، في حين تشير تقارير رسمية إسرائيلية إلى أن شركات تركية زادت صادراتها من المواد الغذائية إلى إسرائيل منذ أكتوبر الماضي.

وكشفت بيانات وزارة الزراعة الإسرائيلية أن شركات من تركيا والأردن هي أكثر من صدّر المنتجات من 8 أكتوبر 2023 إلى 11 فبراير 2024.

المصدر: العرب”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى