
حسين زلغوط, خاص – “رأي سياسي”:
لم تكن واشنطن بعيدة عن العملية الاسرائيلية التي تمثلت بتفجير الأجهزة المحمولة “بيجر”، والأجهزة اللاسلكية ، سيما وانها أتت بعد ساعات قليلة من مغادرة المبعوث الاميركي الخاص آموس هوكشتاين المولود في إسرائيل لأبوين يهوديين أميركيين، تل ابيب التي زارها، بحجة تحذير القادة الاسرائيلين من الذهاب الى خيار توسعة رقعة الحرب مع لبنان، اذ ما من عاقل من الممكن ان يقتنع بأن البيت الأبيض لم يوضع في أجواء مثل هذه الخطوة التي من الممكن ان تشرع تداعياتها المنطقة على حرب واسعة ، بل يمكن الجزم بأن هوكشتاين ساهم في جانب ما في هندسة هذا العدوان السيبيراني الذي ساعد على نجاحه الاقمار الاصطناعية وطائرة أميركية كانت تجوب البحر قبالة السواحل اللبنانية.
واذا كان هذا الاختراق غير المسبوق ليس في لبنان وحسب، بل على مساحة العالم قد خلق حالة من الارباك لدى بيئة المقاومة وعلى مستوى لبنان بشكل عام ، فان الهدف الأساسي من هذا الحدث هو محاولة ممارسة المزيد من الضغط على “حزب الله” وحمله على فك الارتباط مع حركة “حماس” ، حيث ان اسرائيل على مدى 11 شهرا تلقت الكثير من الضربات على الرأس على جبهة الجنوب التي ادى فتحها في اليوم التالي لعملية “طوفان الأقصى” الى منع جيش العدو الاسرائيلي من حسم المعركة في غزة في غضون اشهر قليلة كما كانت تعتقد الحكومة وكذلك القيادة العسكرية.
صحيح ان ما حصل في غضون اليومين الماضين قد أوجع “حزب الله” وبيئته، ويسجل في المقابل ان اسرائيل ربحت هذه الجولة غير ان ذلك لا يعني ان اسرائيل ربحت المعركة ، فهناك جولات كثيرة يمكن ان تحصل في قابل الأيام، والحزب في تقدير مصادر قريبة منه يحضر لرد “الصاع صاعين” من دون الكشف عن ماهية هذا الرد اكان ذلك عسكريا مباشرا أم استخبارتيا ، وما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم في الكلمة التي كان من المقرر ان يلقيها بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف سيسلط الضوء على ما سيكون عليه قابل الأيام على مستوى المواجهة مع اسرائيل.
وفق المعلومات فان “السيد” سيقطع وعداً برد مؤلم على ما حصل من دون اعطاء اية ملامح على نوع هذا الرد وزمانه، اذ وكما هو معلوم فان “حزب الله” لا يعمل على قاعدة رد الفعل السريع، بل انه يتروى ويدرس ويتمحص الأمور، ويتصرف وفق النتائج التي يصل اليها وقد رأينا هذه الطريقة التي يعتمدها في ظروف مماثلة، علما ان ما حصل لن يكون له التأثير الكبير على القدرة القتالية والصاروخية التي هي خارج منظومة التقنيات التي تم اختراقها.
من هنا فانه يمكن القول ان المشهد من الآن وصاعدا سيكون مختلفا عما كان عليه ، فقواعد الاشتباك لن تبقى على حالها بالتأكيد، وأن الحرب على جبهة الجنوب ستدخل مرحلة جديدة وربما تكون هذه المرة من دون ضوابط، حيث ان وقائع الميدان هي من ستحدد ، ومن غير المأمول ان ينتهي اجتماع مجلس الأمن يوم غد الجمعة بناء على طلب لبنان الى اي قرار ملزم من شأنه ان يساهم في تبريد الأجواء التي بلغت منسوبا عاليا من الاحتقان .