رأي

واشنطن بوست: مع من يجب أن تقف تركيا في الحرب الباردة الجديدة؟

أين تقف تركيا في الحرب الباردة الجديدة؟ سؤال تقول الزميلة البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أصلي أيدن طاشباش إن الجواب عليه ليس معقدا.

وقالت فيه “لم أسمع كلمة (النازيون الجدد) مثلما سمعتها في الإعلام التركي منذ بداية الحرب في أوكرانيا. في الأسبوع الماضي ناقشت في قناة تلفازية عددا من المعلقين الذين اعتقدوا أن أوكرانيا يديرها نازيون جدد وأن الناتو هو آلة حرب يجب على تركيا الخروج منه وبسرعة”، ومع أن هذا النقاش حدث في قناة يسارية معارضة يشتبه أنها تأثرت بالرواية الروسية عن أوكرانيا إلا أن المشاعر المعادية للغرب حاضرة في الإعلام الموالي للحكومة. وحاول المحللون في القنوات المؤيدة أو التي تدعمها الحكومة تأطير النقاش على أنه مواجهة بين روسيا والناتو كمضاد للهجوم غير الشرعي على السيادة الأوكرانية.

ورغم وجود تعاطف واسع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والشعب الأوكراني إلا أن الموقف الافتراضي هو لوم الناتو على كل شيء. وهناك الكثير من العناوين الصحافية حول شرور الغرب والتمييز ضد الأفارقة الذين علقوا في أوكرانيا أو محاباة الأوكرانيين على حساب المسلمين في سوريا. وكانت الرسالة واضحة: روسيا سيئة ولكن الغرب شرير أيضا. وهذه المواقف ليست مفاجئة، وباستثناء فترة “الانضمام الأوروبي”، فإن المشاعر المعادية للغرب واضحة في مواقف كل الأحزاب وعلى مدى الطيف السياسي، مع أن البلد يقف في التحالف العابر للأطلنطي منذ الحرب العالمية الثانية وعضو في حلف الناتو منذ عام 1952.

وأدى الانقلاب الفاشل عام 2016 إلى شرعنة المواقف المعادية للغرب في لغة الحكومة. والمفارقة هي أن تركيا في المعسكر الغربي، رغم الميول الاستبدادية الأخيرة ومغازلة روسيا، وهي دولة مهمة لحلف الناتو وتعيش علاقات معقدة مع روسيا. وزيادة على هذا، صعدت أنقرة من تعاونها مع الناتو وقدمت مساعدات عسكرية لأوكرانيا، ومن أهمها مسيرات عسكرية تعتبر جوهرة الصناعة التركية إلى أوكرانيا. وكانت المسيرات فعالة في إبطاء التقدم الروسي وأصبحت عنوانا على تصميم الأوكرانيين ضد الغزاة. وقيدت تركيا حركة السفن الروسية بناء على مبادئ معاهدة مونترو، عام 1936 والتي تنظم حركة الملاحة أثناء الحرب في المضائق التركية.

ولماذا يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمورا مثل “لا نستطيع التخلي عن أوكرانيا أو روسيا”؟ ولماذا امتنعت تركيا عن التصويت في مجلس الأمن الدولي بشأن قرار يدين الغزو؟ وقررت دعم قرار في الجمعية العامة يشجب العدوان ضد أوكرانيا؟

وتعلق الكاتبة أن هناك حسا من الغموض يطبع فعل التوازن التركي مع روسيا. ويشعر صناع القرار في تركيا بالمواقف الروسية التصحيحية والتي تسيطر على روسيا ووسعت تأثيرها في القوقاز وتهدد الآن بالسيطرة على الجزء الشمالي من البحر الأسود. ومن الناحية التاريخية ظلت تركيا وروسيا متنافستين وتقاتلان منذ عامين على الجانب المخالف في نزاعات مثل ليبيا وسوريا. ومات غرام أردوغان بروسيا عندما قتلت الطائرات الروسية والسورية 34 جنديا تركيا في إدلب السورية. والآن يظهر تهور بوتين في أعلى تجلياته. ولا تريد تركيا أن تغضب بوتين، على الأقل بعرض قوي من الغرب. وجعل أردوغان تركيا عرضة للتأثيرات الروسية ويعرف أن قدرة تركيا للعمل في سوريا مرهون بموافقة بوتين. وهناك الغاز الروسي والسياحة الروسية والاستثمارات الروسية. كل هذا جعل العلاقة غير المريحة تثير أعصاب تركيا. وقال مسؤول تركي “لو كانت هناك حرب جديدة فلا مجال للشك حول الموقف الذي سنتخذه”، ولكنه قدم للتعليق بنقد للولايات المتحدة التي أدارت ظهرها لتركيا وأردوغان.

وما تحدسه الكاتبة أن أردوغان يريد التوجه نحو الغرب بدون العودة لنادي الديمقراطيات. فهو يريد نهاية للتباعد الاجتماعي من بايدن وبدون تغيير سياساته المحلية التي قد تؤثر على قيادته. لكنه بالتأكيد لا يرى أن النظام العالمي يتغير. وفي عام 1945 رمت القيادة التركية بثقلها وراء الغرب لأنها خافت من روسيا ستالين وأرادت أن تكون على الجانب الصحيح من التاريخ.

وكجزء من الصفقة قبل الرئيس التركي في حينه عصمت أينونو بنظام التعددية الحزبية ودخول تركيا في المؤسسات العابرة للأطلنطي، وكان هذا بالمجمل جيدا لتركيا.

وبمواجهة هذه المعضلة على أردوغان عمل ما هو أفضل لتركيا: العودة إلى الديمقراطية والنظام الأمني العابر للأطلنطي. ويمكن أن تبدأ الترتيبات الجديدة بخطوات صغيرة لكسر عزلة أنقرة، وفتح المفاوضات من جديد مع إدارة بايدن حول نظام أس- 400 الذي اشترته تركيا من روسيا والإفراج عن رموز معتقلة من المجتمع المدني مثل عثمان كافلا، مما قد يفتح الباب إلى واشنطن وأوروبا. و”آمل أن يفهم قادة تركيا والمعارضة فيها أن الغرب يعيد تشكيل نفسه، وآمل أن يكونوا بدرجة كافية من البراغماتية للوقوف مع الجانب الصحيح، رغم التشوش في الإعلام التركي. وآمل، كما في 1945 أن تشمل مقايضة كبرى عملية دمقرطة” لأن البديل لأنقرة هو أن تظل مع بوتين، وهو بالتأكيد ليس الخيار الموثوق.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى