“واشنطن بوست”: أدلة جديدة تدين الإمارات بالتجسس على زوجة جمال خاشقجي
سلمت مضيفة الطيران، حنان العتر، هاتفيها الخلويين وجهاز كمبيوتر محمولا وكلمات المرور إلى رجال الأمن في مطار دبي بعد أن حاصروها بغتة، وقالت العتر إن رجال الأمن اقتادوها بعد ذلك معصوبة العينين ومقيدة اليدين إلى زنزانة استجواب تقع على أطراف المدينة، وهناك تم استجوابها طوال الليل حتى الصباح بشأن زوجها الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
ووفقاً لتحقيق جديد لصحيفة “واشنطن بوست”، كشفت مجموعة بحثية في جامعة تورنتو حول التجسس الإلكتروني عن أن وكالة حكومية إماراتية قد وضعت برنامج تجسس من الدرجة العسكرية على هاتف استخدمه شخص في الدائرة القريبة من جمال خاشقجي قبل أشهر من مقتله، وقد اتضح أن شركة إسرائيلية هي التي طورت هذا البرنامج، وأن هاتف العتر كان مستهدفاً من قبل السلطات الإماراتية، التي أعادت لها هاتفها بعد أيام من إطلاق سراحها.
وبحسب ما ورد، فقد تمت مصادرة هاتف العتر بعد أن انخرطت هي وخاشقجي في علاقة بعيدة المدى، ونظراً لأنها كانت في دبي وهو في واشنطن، فقد تم مناقشة خطط السفر والقيام باجتماعات باستخدام تطبيقات على هواتفهم.
الإمارات استخدمت برنامج “بيغاسوس” للتجسس على العتر ومجموعة كبيرة من النشطاء
واكتشفت المجموعة البحثية المعروفة باسم “سيتزن لاب” أن برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” كان قادراً على تحديد شبكة من أجهزة الكمبيوتر وأكثر من ألف عنوان ويب مستخدمة لتوصيل برامج “هايد أند سيك” إلى هواتف الأهداف في 45 دولة.
ووجد الباحثون مجموعة معينة من عناوين الويب، تقع بشكل أساسي في الإمارات ومرتبطة بأهداف، وقد زعم خبير تكنولوجيا إسرائيلي أن زوجة خاشقجي لم تكن مستهدفة وأنه لا توجد آثار لبيغاسوس على هاتفها لأنها لم تكن مستهدفة، ولكن الأدلة الجديدة التي كشفتها المجموعة البحثية تؤكد قيام الإمارات بالتجسس على العتر.
وقد وجد التحقيق الدولي أن الحكومات الاستبدادية استخدمت نظام “بيغاسوس” ضد الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والدبلوماسيين والمحامين وقادة المعارضة، وعثرت فرنسا على آثار لبرنامج التجسس على هواتف خمسة وزراء، واعترفت المجر أنها استخدمت برنامج التجسس.
الإمارات كانت واحدة من أشهر عملاء الشركة الإسرائيلية “إن إس أو”
وردت الدول بقوة على البرنامج الإسرائيلي، وتحدث مسؤولون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مع مسؤولين إسرائيليين للتعبير عن فزعهم من استخدام البرنامج، وأدرجت الولايات المتحدة الشركة الإسرائيلية في القائمة السوداء الممنوعة من الوصول إلى التقنيات الأمريكية، كما تم إضافة الشركة الإسرائيلية إلى قائمة “الكيانات” المخصصة للشركات التي تتعارض أنشطتها مع مصالح الأمن القومي أو السياسة الخارجية الأمريكية، وقالت شركة “أبل” إنها مستاءة جداً من خطوات الشركة الإسرائيلية.
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن الإمارات كانت واحدة من أكثر عملاء مجموعة “إن إس أو” صاحبة برنامج التجسس، وأنها استخدمت “بيغاسوس” ضد نشطاء مناهضين للنظام وصحافيين وحتى أميرة كانت تحاول الهرب من والدها.
وتواصل الإمارات نفي جميع الادعاءات ضدها، ولم تستجب سفارة الإمارات لطلبات متعددة للتعليق على الفضيحة الجديدة، وفي الماضي، نفت الإمارات مزاعم استخدام برنامج التجسس ضد النشطاء وغيرهم من شخصيات المجتمع المدني.
حنان العتر
وقد كانت حنان العتر، قبل ثلاث سنوات، مضيفة بارزة في الخطوط الجوية الإماراتية، وكانت متزوجة من أيقونة مؤيدة للديمقراطية، وتتقاضى راتباً يسمح لها بإعالة والدتها وإخوتها، وقالت إنها اليوم تخشى على حياتها.
وأضافت في مقابلة أجريت معها مؤخراً “كل يوم عندما أرى ضوء النهار، لا أعرف لماذا ما زلت على قيد الحياة، لأنني الضحية الثانية بعد جمال في هذه المأساة”.
وقد أنفقت العتر معظم مدخراتها، ولفترة ما كانت تنام على “مرتبة هوائية” في شقة فارغة، وهي تنتظر الآن نتائج قضية اللجوء السياسي الخاصة بها في الولايات المتحدة.
وبمساعدة من النائب جيمي راسكين، حصلت العتر مؤخراً على تأشيرة عمل مؤقتة، وهي تستخدم المترو والحافلات لإجراء مقابلات أثناء البحث عن عمل في الفنادق والمطاعم المحلية، وفي الأسبوع الماضي، حصلت على وظيفة كنادلة مقابل 2.7 دولار للساعة بالإضافة إلى الإكرامية.
وقالت العتر إنها تشعر بأنها منسية في أعقاب مقتل خاشقجي، وأوضحت بأنها كانت تعرف بأنه كان يخطط للزواج من امرأة أخرى.
ولم يكن أي أحد يعرفها، حسب ما قالته سارة ليا ويتسن، المدافعة عن حقوق الإنسان، وأضافت أن خاشقجي أبقى الأمر سراً.
التهديدات بالقتل والاستجواب والإقامة الجبرية
في مساء يوم 21 أبريل 2018، أنهت العتر رحلة مدتها 15 ساعة من تورنتو إلى الإمارات، وكانت مرهقة وجاهزة للنوم، عندما دخلت إلى دائرة الهجرة كالمعتاد في مطار دبي الدولي، ولاحظت على الفور مجموعة من الرجال بلباس رسمي يحدقون فيها، وكانت تعلم أن خاشقجي كان مستهدفاً بسبب دفاعه عن حقوق الإنسان، وهرعت إلى الحمام للاتصال بأختها.
وقالت العتر إنها قامت على الفور بحذف تطبيق “واتس آب”، الذي كانت تستخدمه للتواصل مع جمال، وعندما خرجت من الحمام، حاصرها الرجال، وقال أحدهم “امشي معنا بهدوء”.
وأوضحت أنها شعرت بالمرض وبدأت ترتجف بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وبعد ذلك تم اقتيادها إلى سجن العوير المركزي، وتم أخذ بصماتها ومسحة من الحمض النووي، وتم تصوير وجهها، ثم بدأت الأسئلة الكثيرة عن خاشقجي.
وتتذكرهم وهم يسألون: ما هي نشاطات جمال؟ من هم أعضاء شبكة جمال؟ ما هو دخله؟ كيف حال جمال؟ وقالت إنها أجابت على كل سؤال، وأخبرتهم أنه لا توجد شبكة تستعد لإسقاط دول في الخليج العربي.
وتم إعادتها إلى منزلها بعد الاستجواب، ولكنها وضعت تحت الإقامة الجبرية لمدة 10 أيام، وقالت إن الاستجوابات والاعتقالات استمرت لأشهر على مدار العام التالي، وكذلك المضايقات الهاتفية من قبل مسؤول المخابرات، الذي أطلق على نفسه اسم محمد عبده، كما تم استجواب أشقاء العتر في دبي ومصر ومصادرة جوازات سفرهم.