هوكشتاين يوضّح سبب تأخير إمدادات الغاز والكهرباء إلى لبنان
أكد المنسق الرئاسي الأميركي الخاص لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين أن تأخير إمدادات الغاز والكهرباء من مصر والأردن سببه عدم قيام الحكومة اللبنانية بإصلاحات بسيطة مطلوبة من صندوق النقد الذي يفترض أن يمول المشروع. وتوقع أن يستغرق العمل على انتاج الغاز من البلوك 9 اللبناني ثلاث أو أربع سنوات، معتبراً أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بات أمراً واقعاً ولا توجد إشارات من إسرائيل الى احتمال إلغائه. ورأى أن ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان ممكن، ولكن ليس في مثل الظروف القائمة في لبنان وإسرائيل. مواقف هوكشتاين جاءت في مقابلة مع “النهار العربي” هذا نصها:
* كيف تتوقع تطبيق اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الآن مع حكومة نتنياهو الذي انتقده بشدة ومن دون رئيس منتخب في لبنان؟
– أولاً هناك الآن حدود بحرية دولية تحترمها الدولتان. فالاتفاق هو واقع تم للمرة الأولى بين البلدين لا ينتظر التطبيق. ثم إنني لم أرَ أي إشارة الى أن الحكومة الجديدة التي ستأتي في إسرائيل تنوي رفض الاتفاق أو الابتعاد منه. كانت هناك بعض الانتقادات للاتفاق قبل أن تتم معاييره ثم نقل الى الهيئة القضائية العليا في إسرائيل التي وافقت عليه ومنذ ذلك الوقت لم يصدر انتقاد عليه. واعتقد أنه عندما ينظرون الى مضمون الاتفاق يدركون مكاسب الحفاظ عليه. وما ترونه هو التطبيق الفعلي على الأرض لهذا الاتفاق. “توتال اينيرجي” الفرنسية و”إيني” الإيطالية لديهما حقوق التنقيب في البلوك 9، وبدأتا تعلنان تحركهما للتنقيب الذي لا يحدث بين ليلة وضحاها، فهذا يتطلب إرسال الفريق التقني وإنشاء المكاتب والمنازل وهذا بدأ وهي أخبار سارة. وليست هناك حاجة لحكومة للقيام بكل ذلك. ولكني أتمنى أن يتم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة في لبنان، ليس بالنسبة الى ترسيم الحدود بل لمصلحة لبنان. فترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل ليس الحل لكل الأمور، هناك ما على الحكومة أن تقوم به لحل الأزمة الاقتصادية ومشكلة الطاقة في لبنان.
* لماذا تأخر مشروع تصدير الغاز المصري الى لبنان والكهرباء من الأردن؟ بعضهم يقول إن المشكلة من الكونغرس وبعضهم الآخر يقول إن العائق من البنك الدولي فما هي الحقيقة؟
– عندما عدت الى الحكومة في أيلول (سبتمبر) 2021 وقد بدأت أطلع على الوضع الاقتصادي المؤلم والمنهار في لبنان، وأنا أحب بلدكم بتاريخه وثقافته وطعامه منذ ثلاثين سنة، والمنطقة غنية بالموارد الطبيعية وبالكهرباء، لقد دعمنا مفاوضات بين لبنان ومصر لشراء لبنان الغاز من مصر الذي سيصدر منها الى الأردن الى سوريا حيث يتم تبديله بالغاز السوري الذي يسلم الى لبنان وهذا قد يزود لبنان بأربع أو خمس ساعات كهرباء في اليوم. كان هذا تطور جيد، ولكنه يتطلب مفاوضات معقدة لأنه يقوم على مفاوضات مع مصر ومفاوضات منفصلة أخرى مع الأردن ومفاوضات بالغة التعقيد مع سوريا التي تخضع لعقوبات أميركية على نظام الأسد ولا يمكن أن تعطى مدفوعات الى سوريا.
الولايات المتحدة تحاول مساعدة لبنان في هذا المسار، وأن تتأكد من أن يتم بشكل لا يخترق العقوبات الأميركية. ثم كان هناك دعم من المنظمات الطولية للتأكد من أن تكون الأنابيب والبنية التحتية لمرور هذا الغاز في شكل عملي والجزء اللبناني منها كان مضروباً وتم إصلاحه وكان جاهزاً للعمل واستقبال الغاز فوراً، ومن أجل أن يحصل ذلك هناك ثلاثة شروط: على لبنان أن ينفذ التزامه الإصلاح، فليس هناك أي مبرر لعدم اتخاذ الحكومة اللبنانية ثلاث مراحل بسيطة مثل تعيين أعضاء مجلس إدارة شركة الكهرباء وتلزيم شركة تدقيق وغيرها من الإجراءات للتأكد من أعمال شفافة واسترداد التكاليف عبر فرض لبنان رسوم الكهرباء كي يعيد لبنان القرض للبنك الدولي. فعندما ينفذ لبنان الإصلاحات بإمكان البنك الدولي تقديم قرض لأن هذا الغاز ليس مجانياً. فلبنان مفلس لا يمكنه دفعه ويحتاج الى منظمة دولية لتمويل مثل هذه العملية شرط أن يجمع لبنان رسوم هذه الكهرباء لتسديد القرض للبنك الدولي. وعندما تتم الإصلاحات يتم التدقيق من وزارة المالية في الولايات المتحدة في أن هذه العملية ليست خرقاً للعقوبات على سوريا، وأنا متأكد من أنه لن يكون هناك اعتراض على ذلك وليست هناك مشكلة من الكونغرس ولا من الحكومة الأميركية ولا حتى من البنك الدولي، فالمسألة فقط هي أن على لبنان أن يفعل ما يجب أن ينفذه. منذ أشهر سمعت من اللبنانيين أنهم سينفذون ذلك في غضون أيام وما زلنا ننتظر. وكلما مر الوقت تألم الشعب وزادت التكاليف. وهذا معيب لأن كان بالإمكان إتمام ذلك خلال الأسابيع الثمانية وكان بالإمكان بعد ذلك زيادة كميات الغاز وزيادة الكهرباء عبر الترابط مع الأردن. فبالإمكان إنجاز الكثير على صعيد هذا القطاع ولكن طالما القيادات الحاكمة في لبنان تعيق الإصلاحات لا يمكن القيام بأدنى الأعمال. وبإمكان لبنان أن يشكو من البنك الدولي او الولايات المتحدة أو غيرهما لكن عليه ان يفعل المطلوب منه.
* متى تظن أن بإمكان لبنان أن يستفيد من عائدات الغاز اذا كان مضمون الحقل الغازي واعداً؟
– في 2023 قد يحصل التنقيب وتكون لدينا فكرة إذا كان هناك غاز بكميات تجارية وأين هو موجود وإذا كانت منطقته معقدة أو لا. بعد ذلك يتم وضع خطة تطوير لهذا الغاز أي في غضون ثلاث أو أربع سنوات يمكننا أن نرى الغاز ينتج في لبنان ولكن علينا ألّا ننتظر لذلك. وما هو لافت أنه للمرة الأولى منذ سنوات تستثمر شركات في لبنان.
* ما الذي جعل “حزب الله” يوافق على الموضوع، وهل لعب جبران باسيل دوراً أساسياً في المفاوضات كما يتردد؟
– أنا الشخص الأخير الذي يجب أن يطرح السؤال عليه. زرت مرات عدة لبنان وقد مشيت وتنزهت في البلد كثيراً وأنا رأيت أن غالبية الناس فيه يؤيدون هذا الاتفاق. الأمل هو الأساس وأعتقد أن عدداً من الأحزاب السياسية المختلفة لو كانت أعاقت هذا الاتفاق لكان ذلك مناقضاً لمصلحة مؤيديها وأنا لا أتكلم عن أحزاب معينة ولكن عن الغالبية. وأنا فاوضت الرؤساء الثلاثة مباشرة: مع الرئيس وفريقه ونبيه بري ورئيس الحكومة وممثل القوات العسكرية وكانت المفاوضات شفافة. أعرف أن باسيل جزء من المنظومة السياسية في لبنان ولكن لم يكن في القاعة عندما فاوضت الرئيس عون أو الياس أبو صعب أو غيرهما.
* هل تحاول التفاوض على ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان وهل هذا غير ممكن؟
– أنا عموماً شخص لا يعتقد أن مثل هذه الأمور ممكنة قبل عملها. وما قمنا به على صعيد ترسيم الحدود البحرية لا يشير الى إمكان إنجاح ترسيم الحدود البرية. إنها حدود تختلف بتأثيرها، فما تحتاجه لتنفيذ الواحدة لا ينطبق على الأخرى. ولا يجب أن تكون مجتمعة ولقد أصررت على فصلهما كي لا تؤثر مسائل الواحدة على الأخرى. ونجاح ترسيم الحدود البحرية يشير الى أننا عندما نفكر بشكل خلاق ونضع لكل جانب ما هي مكاسبه وخساراته بإمكاننا إيجاد حلول، ولن أدخل في تفاصيل الحدود البرية، ولكننا على قناعة تامة أن التوصل الى اتفاق على ترسيم الحدود البرية ممكن، ولكن هذا دائماً يكون في الوقت المناسب، فأنا لا أعرف إذا كان الوقت حالياً مناسباً، وطبعاً يكون أفضل عندما يكون هناك رئيس في لبنان وحكومة مشكلة فيه كما أن الوضع في إسرائيل مع حكومة يتم تشكيلها فينبغي الانتظار.