هواجس مسيحية: «ماذا لو باعونا ببرميل نفط؟»
كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
لطالما شكّل الدور المسيحي في لبنان مادة للاجتهادات السياسية المتباينة، ربطاً بالمقاربات المختلفة لهذا الدور ولطبيعة الخيارات الاستراتيجية التي يجب أن يعتمدها احد المكونات التأسيسية للبنان.
المفارقة انّ المسيحيين أنفسهم غير متّفقين على تعريف واحد لوظيفتهم السياسية ولتموضعهم الداخلي، وسط الانقسام السائد في الاتجاهات والتحالفات الى حد انّ البعض يفرزهم بين حلفاء للسعودية وحلفاء لإيران، بينما يدعوهم البعض الآخر الى أن يكونوا صمّام الأمان او المنطقة العازلة بين السنّة والشيعة في بلد وإقليم مضطربين يقعان على فالقِ احتقان مذهبي.
ومع اقتراب موعد انتخابات رئاسة الجمهورية، هناك من يخشى أن تتصاعد مجدداً التجاذبات بين المسيحيين في اعتبار انّ هذا الاستحقاق المفصلي يعنيهم مباشرة، بعدما كانت الانتخابات النيابية قد زادت الشرخ في صفوفهم.
هذا الواقع كان موضع نقاش بين إحدى الشخصيات المسيحية الفاعلة والسفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سيبتري خلال مناسبة عامة جمعتهما أخيراً.
أثناء اللقاء، اشتكَت تلك الشخصية من التشرذم الذي يصيب المسيحيين خلافاً لحال الطوائف الأخرى، لافتة إلى انّ «الشيعة هم متماسكون، وكذلك الدروز، والسنة لا يسمحون لخلافاتهم ان تذهب بعيداً، بينما وحدهم المسيحيون يعانون نزاعات حادة وانقسامات مؤذية، ترتّب عليهم تبعات كبيرة وأثماناً باهظة».
ولاحظت انّ العرب يريدون ان يحافظوا على الوجود المسيحي في لبنان بينما المسيحيون أنفسهم يُضعفونه.
وأبدت الشخصية أسفها لكون المسيحيين لا يعرفون تنظيم خلافاتهم وتحييد مصالحهم الاستراتيجية عنها، موضحة ان ليس المطلوب عدم الاختلاف «إنما فليكن حضارياً، هذا كل ما في الأمر».
واستغربت الشخصية أمام السفير البابوي كيف أنّ جهات مسيحية عارضت بشدة، على سبيل المثال، ان تتم زيارة البابا فرنسيس للبنان في أواخر ولاية الرئيس ميشال عون، «فقط من باب النكاية برئيس الجمهورية والحَرتقة عليه».
وتوقفت الشخصية عند اقتراح البعض عقد مؤتمر دولي لمعالجة الازمة اللبنانية، سائلة السفير البابوي: هل يمكن في هذه الحالة ضمان بأنّ الغرب لن يبيع المسيحيين من أجل برميل من النفط؟
وشبّهت تلك الشخصية سلوك القوى المسيحية المتنازعة بمَن هو مستعد للذهاب حتى حدود إيذاء نفسه في سَعيه الى منع خصمه من ان يستفيد.
وشددت الشخصية إيّاها أمام السفير البابوي على أنّ هناك قضايا حيوية لا تتحمّل الخلاف بين المسيحيين، مثل ملف النازحين السوريين والسياسة الخارجية وغير ذلك، آملة في أن يؤدي الاكليروس دوراً ايجابياً في التقريب بينهم.