همومنا كثيرة والحل مؤجل.
كتب حسن علي كرم في صحيفة السياسة.
على مكتبي في مكتبتي كومة من جرائد واوراق ومجلات وكتب، قد انتهيت منذ فترة طويلة من قراءتها.
الصحف اليومية تشكل لي الهم الاكبر، لكونها متراصة وكثيرة، ووجودها كوجود الطعام البايت الذي من المحتم التخلص منه بشكل أو آخر.
فالانسان اي انسان، في اي اتجاه، ان كان قارئاً شغوفاً، او “نص نص”، او حتى من هواة جمع التحف والصحف القديمة، تجده في يوم ما وقد ضاقت به النفس، وتاقت به الخلاص من نفسه اذا لم يجد وسيلة افضل لحل معضلاته.
الكويت جميلة في عيوننا، كما كان يرى المجنون في عيونه ليلى، التي وصفت، او وصفها احد الامراء انها فتاة عادية لا تستحق كي ينتحر احد من اجلها، الا ان قيساً انتحر من اجلها؛ لانه كان يراها في عيونه اجمل جميلات الدنيا، ونحن مجنونون بليلى الكويت.
من فضل الله عليَّ ان مد في عمري، لكي اعاصر ثلاثة حقب من تاريخ هذا البلد الغزير، حقبة الخمسينات والستينات والسبعينات، وحقبة ما بعد الغزو الغاشم، وحقبة عصر التكنولوجية الجبارة والشيطانية.
لذلك كانسان تقليدي عاصر حقباً، ربما لم يعاصر الكثير من العصور التالية، ولذلك اجد نفسي انني مقتنع بما وصلت اليه الكويت من تطور ونهضة كان السابقون لم يحلمون بها، لذلك اجدني اعذر للاجيال المعاصرة، والصبى والمراهقة عندما يتأفأفون من قلة اماكن التسلية، وكثرة الممنوعات.
لعل وسائل الترفيه والتسلية التي تعددت انماطها هي من اهم ما يبحث عنها جيل الشباب، لكن في الحقيقة الدولة فقيرة، وما يوجد لا يشبع جوع الشباب، والصبية بالمقارنة مع وسائل الترفيه التي يرونها في دول اخرى.
الدولة الكويتية تضع الرسوم والمخططات وما اكثرها، لكنها تكومها على الرفوف الى اجل غير معلوم حتى تكومت المخططات والافكار.
بعضها سُرقت وانتقلت الى الخارج، ونُفذت هناك، وبعضها كانت طعاماً شهياً للجرذان والحشرات، وعلى سبيل المثال، قطار الانفاق، وضعت مخططاته منذ سنوات، لكن ُدفنت فأكلتها الجرذان.
مشروع مدينة الصبية وتطوير الجزر، كان حلم المرحوم ناصر صباح الاحمد، لكنه مات وظل في نفسه المشروع، الان هناك شيء من الامل يلمع خلف الغيوم، لعل البداية مشروع قطار الكويت السعودية، هو مشروع يهدف الى ربط دول الخليج العربية اقتصاديًا.
اقول كومة المشاريع المتأخرة، قد يرى البعض ان صلاحيتها انتهت مع التطور الفلكي العالمي، لكن غياب حماسة او فتور الحكومة هو احد الامراض المزمنة في تاريخ كل الحكومات الكويتية الاخيرة، لذا بات عليها ان تفهم ان الزمن لن ينتظر الكسالى.
لعل المشكلة ليست في حماسة، او فتور الحكومة فقط، انما هي وضعت نفسها في قوقعة تحتاج الى معجزة ربانية لتخرج منها، واغلب الظن هناك مؤامرة على الكويت يقودها اصحاب الدشاديش القصيرة، واللحى الطويلة.
ان تحرير الدولة من هؤلاء اول نصر لتحرير العقل الكويتي، لا انجاز، لا سيما في زمن سباقات المسافات الطويلة، الا بتحرير العقل من وسوسة هؤلاء، وعلى العاقل ان يفهم!