شؤون دولية

هل يُشكل اعتقال إمام أوغلو منعطفًا في المشهد السياسي التركي؟

في خطوة مفاجئة تحمل في طياتها أبعادًا سياسية وأمنية، أصدرت النيابة العامة في إسطنبول أوامر اعتقال بحق أكثر من 100 شخص، من بينهم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، بتهم تتعلق بالفساد، والتلاعب بالعطاءات، وتشكيل منظمة إجرامية. فهل يمكن اعتبار هذه التحركات القانونية جزءًا من عملية قضائية بحتة، أم أنها تحمل دلالات سياسية مرتبطة بمستقبل الانتخابات التركية؟

يأتي اعتقال إمام أوغلو قبل أيام من الانتخابات التمهيدية لحزب الشعب الجمهوري، حيث كان يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره المرشح الأبرز لمنافسة حزب الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة مما يطرح التساؤلات حول رغبة السلطة الحالية من خلال هذه الخطوة إلى إقصائه من المشهد السياسي، و ما اذا كان ذلك امتدادًا لاستراتيجية سابقة استهدفت شخصيات معارضة بارزة.

تتنوع التهم الموجهة لإمام أوغلو بين قضايا الفساد الإداري، وتقديم دعم غير مباشر لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الحكومة التركية كمنظمة إرهابية. ومع ذلك، يرى معارضون أن هذه التهم تأتي ضمن سياق أوسع لاستهداف شخصيات سياسية تهدد توازن القوى القائم. فهل هناك أدلة قانونية كافية لإثبات صحة هذه الاتهامات، أم أن الهدف منها هو تشويه صورة إمام أوغلو أمام الناخبين؟

ردود الفعل لم تتأخر، إذ وصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، الاعتقال بأنه “انقلاب ضد الديمقراطية”، بينما رأى رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، أن ما يحدث “لا يليق بدولة تدّعي سيادة القانون”. و قد تؤدي هذه التحركات إلى تعزيز وحدة المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم، و زيادة فرص المعارضة في الانتخابات المقبلة، اذ ان الاعتقال قد يؤدي الى زيادة شعبية المعارضة و تحديداً شعبية اوغلو ليلتف الشارع التركي حول منافس اوردوغان بمواجهة الحكم الحالي .

ولا شك ان لاعتقال إمام أوغلو عدة تداعيات على المشهد السياسي التركي ، هذه التداعيات تكرح عدة سيناريوهات محتملة منها إضعاف المعارضة، فإذا أُدين إمام أوغلو أو استمرت إجراءات التقاضي لفترة طويلة، فقد يتسبب ذلك في إضعاف المعارضة وإعادة ترتيب الأولويات داخل حزب الشعب الجمهوري.

السيناريو الآخر هو صعود شخصيات بديلة حيث قد يؤدي غياب إمام أوغلو عن المشهد إلى تعزيز فرص شخصيات أخرى مثل منصور يافاش، الذي يتمتع بشعبية قوية، خصوصًا في الأوساط القومية.

و من المحتما ايضا ان يؤدي الاعتقال الى تصعيد سياسي و انطلاق المزيد من المظاهرات حيث لم يمنع إعلان السلطات منع المظاهرات حتى 23 آذار وتقييد الوصول لمنصات التواصل الاجتماعي ، المواطنين الأتراك من النزول الى الشارع في مظاهرات حاشدة غابت عن معظم وسائل الاعلام العربية فيما تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، اذاً قد تتجه الأمور نحو مزيد من التوتر الداخلي، مما قد يدفع المعارضة والجماهيرإلى اتخاذ مواقف أكثر حدة.

بعد اعتقال اوغلو بدأ الحديث عما اذا كنا سنشهد إعادة تشكيل للمعادلة السياسية التركية ، فإذا كان الهدف من هذه الاعتقالات هو تحييد إمام أوغلو سياسيًا، فإن السؤال الأكبر هو: هل ستنجح هذه الاستراتيجية في إعادة ترتيب المشهد السياسي لصالح الحزب الحاكم، أم أنها ستؤدي إلى نتائج عكسية تزيد من زخم المعارضة وتمنحها دفعة جديدة قبل الانتخابات؟ وكيف يمكن أن تؤثر هذه التطورات على مستقبل الديمقراطية في تركيا؟

أسئلة تبقى مفتوحة للنقاش، وتفرض نفسها بقوة على مستقبل السياسة التركية في المرحلة القادمة.

*رأي سياسي*

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى