
حسين زلغوط
خاص- موقع “رأي سياسي”:

لطالما مثّلت الأطماع الإسرائيلية في المنطقة محورًا رئيسيًا في سياسات إسرائيل الداخلية والخارجية، حيث سعت منذ تأسيسها عام 1948 إلى توسيع نفوذها السياسي والجغرافي، وتعزيز هيمنتها الإقليمية، مستندة في ذلك إلى اعتبارات دينية، واستراتيجية.
وتعود جذور الأطماع الإسرائيلية إلى الفكر الصهيوني الذي نشأ في أواخر القرن التاسع عشر، والذي دعا إلى إقامة “وطن قومي لليهود” في فلسطين، مستندًا إلى مزاعم تاريخية ودينية. وقد تبنت الحركة الصهيونية فكرة “أرض الميعاد”، التي لا تقتصر على حدود فلسطين التاريخية، بل تمتد وفق تفسيرات توراتية من “النيل إلى الفرات.
وقد اعتمدت إسرائيل منذ اغتصابها لفلسطين على سياسة التوسع العسكري. فبعد نكبة 1948، احتلت إسرائيل 78% من أراضي فلسطين التاريخية، ثم وسّعت رقعتها الجغرافية بعد عدوان 1967 باحتلال الضفة الغربية، قطاع غزة، الجولان السوري، وشبه جزيرة سيناء. ورغم انسحابها من سيناء لاحقًا، فإن سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة تؤكد استمرار الطموح التوسعي، بدليل ما يجري اليوم في غزة والضفة وسوريا وجنوب لبنان.
وتسعى اسرائيل إلى الهيمنة على الموارد الطبيعية في المنطقة، خصوصًا المياه والغاز، وهي أطاحت من أجل هذا الغرض باتفاق كاد يمكن التوصل اليه بوساطة أميركية مع سوريا بسبب الخلاف على قسمة المياه في بحيرة طبريا في عهد الراحل الرئيس حافظ الأسد، وها هي اليوم تطمع بتدمير كل قطاع غزة من أجل الهيمنة على حقول الغاز في بحر القطاع.
وعدا الأعمال العسكرية العدوانية فقد استخدمت إسرائيل أدوات جديدة للتغلغل في المنطقة عبر اتفاقيات التطبيع مع عدد من الدول العربية، بهدف الوصول الى اتفاقيات تكسر العزلة الإقليمية عنها وتعزز التعاون الأمني والاقتصادي بما يخدم مصالحها الاستراتيجية فقط لا غير.
ووفق ما هو واضح من خلال السوك الاسرائيلي العدواني اليومي تسعى إسرائيل لفرض سيادتها الكاملة على مدينة القدس، لتغيير معالمها الديمغرافية والدينية، من خلال بناء المستوطنات، وهدم منازل الفلسطينيين، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، الذي ربما يشهد مع قابل الأيام إجراءات للتضييق على المصلين الفلسطينيين، وهذا بالطبع سيولد انتفاضة جديدة غير معلومة النتائج.
ورغم اختلاف أدواتها بين الاحتلال العسكري، التطبيع السياسي، والسيطرة الاقتصادية، فإن هدفها النهائي هو فرض هيمنتها كقوة إقليمية مهيمنة، وهي لأجل ذلك تعمل على تفكيك العالم العربي، ومواجهة ايران التي تعتبرها حجر عثرة أمام تنفيذ مشروعها التوسعي. ومن أجل هذا الأمر تضع حكومة بنيامين نتنياهو ثقلها لإفشال أي فرصة ممكنة لتوقيع الإتفاق النووي بين واشنطن وطهران.
وفي هذا السياق من غير المستبعد أن تحصل تل ابيب من ادارة دونالد ترامب في ظل تعثر المفاوضات النووية على الضوء الأخضر لتوجيه ضربة الى ايران- ليس بالضرورة ضرب المفاعل النووي- على خلفية توجيه الحوثيين ضربة قاسية لاسرائيل من خلال الصاروخ الباليستي الذي سقط في مطار” بن غوريون” وشل حركة الطيران فيه، وحمل شركات طيران تعليق رحلاتها لبضعة أيام.
من هنا فإن هناك خشية من دخول المنطقة في آتون تصعيد غير مألوف من شأنه أن يشرع أبوابها على كل الإحتمالات، ما لم تضبط اسرائيل نفسها بضغط أميركي يحول دون تحقيق حلم نتنياهو الذي يسعى الى توريط العالم بحرب تكون السبب في عدم وقوفه وراء قضبان السجن بعد انتهاء التحقيق معه على خلفية سمسرات ورشاوى وفساد وتقصير في العمل.