هل ينجح ترمب في إجبار الهند على وقف شراء النفط الروسي؟

من المرجح أن يؤدي الانقسام المتزايد في السياسة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بشأن صادرات النفط الروسي إلى الهند، إلى انخفاض طفيف في تدفقات النفط الخام في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لمحللين ومصادر تجارية مطلعة على خطط الشحن لـ«رويترز».
سياسة ترمب تعارض نهج الحلفاء
بعد غزو موسكو لأوكرانيا، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاء مجموعة السبع عقوبات على واردات النفط الروسي، ومنعت شركات التأمين ومقدمي الخدمات البحرية من تسهيل الصادرات إلى دول ثالثة إلا إذا كانت الأسعار أقل من سقف محدد. وكان الهدف من هذه السياسة هو تقييد الإيرادات الروسية مع الحفاظ على تدفق الإمدادات، مما شجَّع الهند والصين على شراء النفط بأسعار مخفَّضة.
ومع ذلك، غيَّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب سياسته، مطالباً الهند بوقف شراء النفط الروسي تماماً، ثم ضاعف الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة لتصل إلى 50 في المائة بعد رفض نيودلهي. وتتعارض مطالب ترمب مع خطة سقف الأسعار التي تهدف إلى إبقاء النفط الروسي يتدفق إلى الهند والصين والمشترين الآخرين مثل تركيا.
في هذا الصدد، قال ريتشارد برونز، رئيس قسم الجغرافيا السياسية في شركة «إنرجي آسبكتس» الاستشارية: «يبدو أن التنسيق بشأن العقوبات بين الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع الأخرى قد انهار إلى حد كبير في ظل إدارة ترمب».
ضغوط على الهند… وتوجه نحو الصين
في محاولة للتكيُّف مع السياسات المتضاربة، يسعى المستوردون الهنود للحصول على خصومات أكبر من البائعين الروس. وأفاد تجار بأن المشترين الهنود يطالبون بخصومات تصل إلى 10 دولارات للبرميل مقارنة بسعر خام برنت، وهو ما يزيد بشكل كبير على الخصومات التي كانت تتراوح بين 2 و3 دولارات للبرميل في سبتمبر (أيلول).
وقد استجاب بعض البائعين الروس لهذه المطالب برفضها، وصرَّحوا بأنهم سيقومون بإرسال بعض شحنات أكتوبر إلى الصين بدلاً من الهند، مما سيؤدي إلى انخفاض طفيف في حجم الصادرات إلى الهند.
انخفاض متوقع في الإمدادات
وفقاً لمصدر مطلع على خطط الشحن، سيبلغ متوسط كمية النفط الخام الروسي التي ستصل إلى الهند في أكتوبر نحو 1.4 مليون برميل يومياً، وهو ما يمثل انخفاضاً عن 1.5 مليون برميل يومياً في أغسطس (آب) و1.6 مليون برميل يومياً في سبتمبر. ومن المتوقع أن تتضح الأرقام النهائية بعد اكتمال المحادثات بين المشترين والبائعين خلال الأسبوعين المقبلين.
يشار إلى أن معظم الخام لشهر أكتوبر سيُباع بأسعار أعلى من سقف الأسعار الجديد الذي حدده الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وهو 47.60 دولار للبرميل، والذي رفضت الولايات المتحدة تأييده.
تحديات تطبيق سقف الأسعار
قال توم بوغتون من شركة «إس آر إم» للاستشارات: «الانقسام المتزايد في سياسة العقوبات النفطية سيزيد من الارتباك لدى المشاركين في السوق، وقد يضعف مستويات الامتثال».
وتستخدم روسيا أيضاً ما يُسمى «أسطول الظل» من ناقلات النفط المؤمنة روسيّاً، والتي تعمل خارج نطاق مخطط سقف الأسعار. ووفقاً لتجار ومحللين، تمكَّنت الشركات الروسية من بيع معظم نفطها بأسعار أعلى من سقف الأسعار منذ عام 2022، إما باستخدام أسطولها الخاص أو بتزوير وثائق المبيعات.
وقال بنجامين غودوين، الشريك في شركة «بريزم إنترناشونال» للاستشارات الأمنية، إن فرض سقف للأسعار سيبقى عقبةً أمام تجار النفط الروس، لكنه لن يُشكِّل تهديداً كبيراً. وأضاف: «يمكن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات صارمة لعرقلة قطاع النفط والغاز الروسي، لكن ذلك سيؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي العالمي».