شؤون دولية

هل يمنح التقارب التركي- الأوروبي معارضين معتقلين تأشيرة الحرية؟

أثناء إجابته عن أسئلة الصحافيين على متن الطائرة العائدة من قمة قادة الناتو في ليتوانيا، قال الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم رجب طيب أردوغان “هناك نظرة إيجابية حول تنشيط عملية عضويتنا في الاتحاد الأوروبي، أرسلنا مستشارينا إلى بروكسل، وسيكون لديهم مناقشات حول هذه القضية”، مكرراً حديثه عن إعادة العلاقات الجيدة مع التكتل الأوروبي.

زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو أيضاً تطرق هو الآخر إلى هذه القضية، الثلاثاء الماضي، قائلاً إنهم سيواصلون النضال من أجل إحلال الديمقراطية في البلاد، موجهاً سؤال لأردوغان بقوله “طريق الاتحاد الأوروبي يمر عبر جان أتالاي وعثمان كافالا وصلاح الدين دميرتاش، هل ستطلقون سراحهم؟”

أما مقرر البرلمان الأوروبي حول تركيا، سانشيز أمور، فعلق بدوره قائلاً “إنهم يعرفون جيداً ما يجب القيام به إذا كانوا يريدون العودة إلى مفاوضات الانضمام، أطلقوا سراح رؤساء البلديات المعتقلين وصلاح الدين دميرتاش، وتوقفوا عن معاقبة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام ولا تتدخلوا في عملهم، لأن جميع منظمات حقوق الإنسان في العالم تقول هذا منذ سنوات”.

“أمر سخيف”

صلاح الدين دميرتاش هو الرئيس المشترك لحزب الشعب الجمهوري، مسجون في أدرنة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أما عثمان كافالا، فقد حوكم لأول مرة بتهمة “محاولة الإطاحة بالحكومة” في سياق احتجاجات حديقة جيزي عام 2013، ثم حوكم بتهمة “محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري” في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، وهو معتقل في سجن سيليفري منذ نوفمبر 2017.

وحتى الآن لم يُفرج عن دميرتاش ولا كافالا رغم القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بهذا الخصوص، فإنه ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية أنباء تتحدث عن احتمالية إطلاق سراح عديد من المعتقلين قريباً على أثر التقارب مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لكن بخصوص قضية إطلاق سراح بعض السجناء السياسيين مثل دميرتاش وكافالا، فيقول الرئيس المشترك لجمعية حقوق الإنسان إرين كسكين في حديثه إلى “اندبندنت التركية”، إنه حتى الحديث عن إمكانية الإفراج عن هذه الأسماء أمر سخيف، فهؤلاء ما زالوا يخضعون للمحاكمة بسبب آرائهم، وهم يحاكمون لأنهم يفكرون بشكل مختلف عن الدولة.

وأضاف “إذا التزمت تركيا القانون المحلي والاتفاقيات الدولية التي وقعتها، فلا يجوز احتجاز أي من هؤلاء الأصدقاء، تركيا سبق أن وعدت بالحريات وضمان حرية التعبير من خلال التوقيع على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لكنها لا تفي بوعدها، وهذه هي المشكلة”.

كسكين أشار أيضاً إلى أنه من الصعب مواكبة الألعاب الذهنية للدولة، لأنها تستطيع أن تقول شيئاً وفي اليوم التالي تقول العكس، مضيفاً “يجب أن تكون الدولة التركية مخلصة في توقيع اتفاقات حقوق الإنسان، فأنقرة لديها عديد من الشركاء الموقعين عليها مثل دول الاتحاد الأوروبي التي لا تراقب تركيا بأي شكل من الأشكال”.

شراكة قديمة

من جهة أخرى، يرى رئيس نقابة المحامين الأتراك السابق في ديار بكر، محمد أمين أكتر، أن تقارب تركيا الأخير مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يرجع بالكامل إلى مصالحها الخاصة، وعلى رأسها التغلب على الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن علاقات أنقرة مع بروكسل وعضويتها في الناتو يؤكد أن لديهما شراكة قديمة واستراتيجية، رغم أن العلاقات في الفترة الأخيرة تضررت بشدة وكادت تصل إلى نقطة الانهيار.

وقال أمين أكتر، إن تركيا لا يمكن أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي في ظل الظروف الحالية، مضيفاً “في الحقيقة إن مثل هذا الأمر لا يمكن أن يحدث، لكن إذا أرادت تركيا أن تبقى جزءاً من النظام الأوروبي إلى حد ما، أولاً وقبل كل شيء يجب أن تلتزم قرارات المجلس الأوروبي، وبما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي إحدى الآليات التابعة لهذا المجلس، فيجب على تركيا أن تتصرف على هذا النحو”.

وأضاف “إذا كانت أنقرة تريد تطوير علاقاتها بشكل جيد مع الغرب، فعليها اتخاذ قراراتها وفقاً للقانون بما في ذلك القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بخصوص دميرتاش وكافالا، لذلك فإنه من الضروري الإفراج عن الأسماء المعنية، والإفراج عن الشخصيات السياسية الأخرى، وهذا ربما يسهم في تحسين وتغيير منظور المجتمع في الانتخابات المحلية المقبلة المقررة في مارس (آذار) 2024”.

أما المتخصص في الشأن القانوني التركي فيغن جاليكوشو، فيرى أيضاً أن بلاده تحاول تغيير اتجاهها وإعادة تنظيم علاقاتها مع شركائها الغربيين، موضحاً أنه رغم صعوبة العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، فإن تصريحات أردوغان التي يقول فيها “نحن دولة ديمقراطية، نحن دولة قانون ونستحق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي” تشير إلى رغبته في تحسين العلاقات.

ومضى في حديثه “تركيا ليس لديها خيار آخر سوى تحسين علاقاتها مع الغرب، إذا لم تتحسن العلاقات فلن يأتي أي استثمار لها من تلك الجهة، ورأس المال العربي غير كاف، وتحسين العلاقات قد يشمل إطلاق سراح سياسيين محتجزين لأغراض معينة”.

جاليكوشو اختتم حديثه بقوله “إذا لم يفرج عن السجناء السياسيين فإن تصريحات أردوغان بخصوص رغبته بالانضمام للاتحاد الأوروبي لا تكفي، ومن هذا المنظور يجب إطلاق سراح السجناء لأن تعريف كل من تركيا وأوروبا للإرهاب لا يتطابقان، وربما قد يصدر عفو عام في 29 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهذا العفو قد يكون الخطوة الأولى نحو السلام الاجتماعي”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى