رأي

هل يقود نواف سلام لائحة العاصمة؟

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

تحتاج «سكرة» خروج سعد الحريري من الحياة السياسية، الكثير من الوقت قبل أنّ تتبلور «فكرة» ملء فراغ غيابه. وهو أمر طبيعي. الجميع تحت تأثير الصدمة، ولا مجال للكلام الجدي بعد. لكن «سؤال المليون» الذي يتردد في هذه اللحظة، يتجلى في: كيف سيتمّ ملء هذا الفراغ؟ خصوصاً وأنّ بيان وزارة الخارجية الفرنسية جاء لافتاً في مضمونه، حيث اعتبرت أن «قرار الحريري تَرْك الحياة السياسية يعود إليه، وتؤكد باريس احترامها هذا القرار»، مضيفة أن «قراره يجب ألاّ يؤثّر في تنظيم الانتخابات التشريعية في موعدها، منتصف أيار المقبل».

وهذا ما يعني أنّ باريس لا تزال مصرّة على اجراء الاستحقاق في موعده حتى لو غادر «المستقبليون» المشهدية الانتخابية على نحو قد يدفع إلى اثارة مسألة ميثاقية الانتخابات. ما يعني أيضاً أنّ الادارة الفرنسية تحاول التأكيد، ولو بالمواربة أنّ هذا التطور النوعي في الأحداث الداخلية لا يفترض أن يشكل عائقاً أمام المسار السياسي، ولا يفترض أن يؤدي تنحي الحريري إلى اعتكاف كل فريقه السياسي أو الطائفة السنية بأكملها، واستطراداً استعادة شريط مقاطعة المسيحيين في العام 1992، ولكن هذه المرّة من جانب أبناء الطائفة السنية. وبالتالي، تبدي فرنسا حرصها على اجراء الانتخابات في موعدها، وبيان خارجيتها إشارة جديدة ترفع من فرص فتح صناديق الاقتراع في شهر أيار المقبل.

في المقابل، يقول المتابعون إنّ الموقف الفرنسي يتسم بالواقعية خصوصاً وأنّ محاولات عدّة جرت من جانب الإدارة الفرنسية لثني الحريري عن موقفه، لكنها باءت بالفشل، ما أفضى الى اتخاذ الموقف الداعي لإكمال الطريق «حتى لو من دون الحريري».

ولعل هذا ما يفسّر الهدوء الغامض الذي يسود بعض الأوساط الحريرية لا سيما غير الحزبية، في ضوء الاختبار الصعب الذي قد يواجهه هؤلاء في حال لم «تُقلب الطاولة رأساً على عقب»، بسبب خيار رئيس الحكومة السابق، أي أن تسير عقارب الاستحقاق النيابي بلا أي تعطيل أو عرقلة، وهو احتمال لا يزال قائماً، حتى لو سعى البعض، وهؤلاء ليسوا بقلة، الى توظيف ورقة انكفاء رئيس «تيار المستقبل» من خلال رفع يافطة لاميثاقية الاستحقاق خصوصاً اذا جاراه في قراره عدد لا بأس به من الوجوه السنية الصديقة… ولكن في حال لم تساعد الظروف على فرض هذا الاحتمال، فإنّ وقوف الجميع على حلبة الملاكمة النيابية، ستكون له حساباته المختلفة.

وفي هذا السياق، قد يتصدى لطرح المقاطعة السنية، بعض من وجوه الطائفة ممن هم خارج الحريرية السياسية الذين سيحاولون، قضم الطبق المستقبلي من باب استعادة وضعيتهم السابقة، كما يقول أحدهم.

لهذا، قد يكون البحث انتقل إلى كيفية مواجهة هذا الاستحقاق من دون سعد الحريري برمزيته كصاحب أكبر كتلة سنية والممثل الأول لطائفته. الأكيد، أنّ معظم القوى السياسية راحت تفكر في «وراثته»، سواء من قيادات طائفته أو من الطوائف الأخرى. ولعل ردّة فعل بعض من هم في «تيار المستقبل» السريعة على «القوات» جاءت نتيجة الشعور بأنّ الحلفاء والخصوم يشحذون سكاكينهم للانقضاض على طبق الحريرية السياسية للقضم منها قدر المستطاع.

وبهذا المعنى، هناك من يتحدث على سبيل المثال عن اندفاعة غربية باتجاه ترشيح السفير نواف سلام في بيروت، لا سيما بعد انكفاء تمام سلام، وهو ابن عائلة سياسية عريقة لها تاريخها السياسي، وبالتالي يمكنه أن يقود لائحة العاصمة بدلاً من الحريري، لتكوين موجة تأييد سياسي في الشارعين السني والمسيحي، ما يسمح له بتشكيل حالة بديلة قادرة على ملء جزء من الفراغ الذي سببه غياب رئيس «تيار المستقبل».

بالتوازي، يقول متابعون إنّ محطة 14 شباط ستتسم بأهمية استثنائية لكونها ستعطي مؤشراً اضافياً توضيحياً لموقف الحريري بالتنحي، بمعنى أنّ الأسلوب الذي سيعتمده رئيس الحكومة السابق سيساعد على بلورة معالم المرحلة المقبلة، وقد تجيب على بعض التساؤلات: هل انّ تنحي الحريري هو انكفاء شامل أم هو مجرد خطوة إلى الوراء قبل أن يخطو إلى الأمام؟ هل هي المقاطعة الشاملة؟ أم هي ابتعاد نسبي؟ هل سيكون خطيباً من بيروت أم عبر الشاشة؟ وكلها مؤشرات لها دلالاتها بنظر المتابعين.

ويكشف هؤلاء ان الحريري وجّه خلال الساعات الماضية رسائل صوتية لمنسقيات «تيار المستقبل» طالبهم فيها بالابقاء على حالة الفعالية والنشاط، لكي لا يكونوا أسرى الإحباط العام نتيجة ابتعاده. وهذا ما يزيد من غموض قراره وكيفية ترجمته.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى