رأي

هل يفعلها بايدن ويتراجع عن الترشح في سباق 2024؟

كتب محمد المنشاوي في الجزيرة.

رغم وجود طموحات رئاسية لدى عدد من قيادات الجيل المتوسط في الحزب الديمقراطي، التي لا تخفى على أي متابع للحياة السياسية الأميركية، فإن هؤلاء القيادات يتحفظون على الإعلان عن تحديهم للرئيس جو بايدن.

حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، وحاكمة ولاية ميتشيغان جريتشين وايتمر، وجاك شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، هم من بين القيادات من الجيل المتوسط في الحزب الديمقراطي الذين يتجنبون مواجهة بايدن أو تحديه، وينتظرون خروجه من الساحة السياسية عاجلاً أو آجلاً من أجل خوض معركة السباق الرئاسي.

يُعتبر الحزب الديمقراطي أقل ديمقراطية من منافسه الحزب الجمهوري، من حيث الصرامة وفرض القيود والآليات التي تجعل من الصعب حدوث انقلاب من قبل أي من قيادات الحزب أو نجومه الصاعدة. وهذا يصعب تحدي قيادة جو بايدن، رغم ما يُظهره من ترهل وضعف نتيجة الشيخوخة.

لسنوات طويلة، لم ينقلب أحد على قيادة نانسي بيلوسي في مجلس النواب، رغم تجاوزها الـ80 من العمر. وهذا يختلف تماما عن ما يحدث في الجانب الجمهوري الذي يغير قيادته باستمرار. أما خليفة بيلوسي، الذي اختارته بنفسها، النائب حكيم جيفريز، فلم ينافسه أحد، ولم يتجرأ أي نائب ديمقراطي على رفضه. والوضع مماثل مع ترشح بايدن الرئاسي، حيث لا يجرؤ أحد من قيادات الحزب على الانحراف عن الولاء الحزبي.

سيبلغ بايدن الـ81 من عمره خلال شهرين قادمين، وقد تؤدي آليات الشيخوخة المتسارعة إلى ظهور تأثيرات صحية أكثر وضوحا

مع ازدياد احتمالات نجاح الرئيس السابق، دونالد ترامب، في الظفر بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024، تُعد قوة ترامب داخل المعسكر الجمهوري الدافع الرئيسي لحملة بايدن الانتخابية من أجل فترة حكم ثانية. وكما كان الأمر في انتخابات 2020، تعتقد قيادات الحزب الديمقراطي أن بايدن هو الخيار الأمثل لمنع سلفه من الفوز بولاية ثانية قد تكون أكثر تطرفًا من الأولى. ومع ذلك، مع اقتراب موسم الانتخابات، بدأ الحزب الديمقراطي وقياداته ووسائل الإعلام المؤيدة له في الشعور بالقلق نتيجة التراجع الملحوظ لمكانة الرئيس بايدن في أحدث استطلاعات الرأي. وهكذا بدأت تظهر تساؤلات مثل: ماذا سيفعل الديمقراطيون حيال هذا التراجع؟ وهل سيقدم بايدن على التراجع عن الترشح؟

أظهرت الاستطلاعات الرأي الأخيرة، التي تشير إلى تدني نسبة الموافقة الشعبية على أداء بايدن حتى وصلت إلى أقل من 40%، مستوى من القلق في صفوف القيادات الديمقراطية. ولم يعد بايدن يتفوق على ترامب في استطلاعات الرأي كما كان الحال خلال السنتين الماضيتين، رغم توجيه اتهامات جنائية لترامب في 4 قضايا متميزة.

دفع ذلك ببعض الأصوات المقربة من الحزب الديمقراطي، وليست من ضمن قياداته، لمطالبة بايدن بأن يعلن عن عدم ترشحه لولاية ثانية. يعتقد هؤلاء أن بايدن يمكنه أن يتنحى عن المنصب كبطل ديمقراطي بعد هزيمته لترامب وتمكنه من حماية أميركا من ولاية ثانية لترامب، ويتيح الفرصة للحزب لترشيح شخص من الجيل الجديد.

تبرز هذه الأصوات المطالبة بعدم ترشح بايدن عدة أسباب موضوعية تجعل من الصعب على بايدن الفوز في انتخابات 2024، ناهيك عن قدرته على مواصلة الحكم حتى نهاية ولاية ثانية في يناير/كانون الثاني 2029. ويسرد هؤلاء الأسباب الموضوعية التي قد تجبر الرئيس بايدن على التراجع عن فكرة الترشح لولاية ثانية، منها:

يعتقد عدد من قيادات الديمقراطيين أن فوز دونالد ترامب بالترشح الجمهوري قد يمنح فرصة لبطاقة الترشح “بايدن-هاريس” مرة أخرى، على غرار انتخابات 2020

  1. يُعد عمر بايدن والتراجع الملحوظ في صحته من الأسباب الملموسة. في أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، أشار 73% من المشاركين إلى أن بايدن يبدو كبيرا في السن بما يكفي ليثير تساؤلات حول إمكانية ترشحه مجددا للرئاسة. سيبلغ بايدن 81 عاما خلال شهرين قادمين، وقد تؤدي آليات الشيخوخة المتسارعة إلى ظهور تأثيرات صحية أكثر وضوحا. علاوة على ذلك، لن يكون في إمكان بايدن الابتعاد عن الأضواء كما فعل خلال إغلاقات فيروس كورونا في الانتخابات السابقة. إذ يشير التعثر المتكرر للرئيس أثناء صعوده للطائرة الرئاسية إلى مدى تأثير عمره على حالته الصحية والجسدية، وهو ما دفع الفريق المسؤول عنه إلى استخدام سلم أقصر للصعود والهبوط من الطائرة. يتم اتخاذ هذه الخطوة وغيرها من الإجراءات للحد من التعثرات -سواء الخطابية أو الجسدية- التي قد تزيد من المخاوف حول قدرته على الخدمة في فترة رئاسية ثانية بحلول انتخابات 2024.
  2. نائبة الرئيس كامالا هاريس تواجه مشكلات في الشعبية. رغم اختيارها بواسطة بايدن في 2020 بهدف تلبية طلبات الأقليات والجناح التقدمي في الحزب، نظرًا لكونها امرأة ذات أصول أفريقية وهندية، فإن البعض يعتبرها تفتقر للشعبية والقدرة على قيادة البلاد. وهذه المخاوف قد تكون مرتبطة بتقييم بعض الأشخاص لأدائها أو ببعض الانتقادات الموجهة إليها، التي قد تؤثر في التصور العام لقدرتها على قيادة القوات المسلحة الأميركية في المستقبل.
  3. تحقيقات الابن هانتر بايدن والفساد العائلي، التي برزت من جديد مع انهيار صفقة قضائية أقر فيها بالذنب وكانت تجنبه أي تحقيقات أو عقوبات. رفضت قاضية فدرالية الصفقة باعتبارها محابية لابن الرئيس، وكانت الصفقة تمنح هانتر بايدن حماية من أي محاكمة مستقبلية بخصوص قضايا تهرب ضريبي وفساد وامتلاك سلاح ناري بطريقة غير شرعية. جاءت خطوة تعيين محقق خاص بعد انهيار الصفقة، مما فتح المجال أمام سيناريو إدانة هانتر جنائيا وتعرضه لعقوبة السجن. قد تكشف التحقيقات عن تفاصيل محرجة بخصوص والده، وعلاقة ابنه الوحيد بشركات أجنبية وتعاملاته المالية المشبوهة، واستغلاله لمنصب والده واسمه وعلاقاته.
  4. تبعات قضية الهجرة: أدت سياسة بعض الولايات الجمهورية، التي قامت بإرسال آلاف المهاجرين غير النظاميين إلى ولايات ديمقراطية مثل نيويورك وبنسلفانيا وماساشوستس، إلى وقوع فوضى في بعض المدن. هذا أثر سلبا على سياسات بايدن وتسبب في جرح سياسي كبير. رغم ذلك، يمتنع بايدن حتى الآن عن تحدي القاعدة التقدمية في الحزب بخصوص قانون اللجوء. مسؤولون ديمقراطيون يصرخون طالبين النجدة، وقد حذر عمدة مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ -وهو من أنصار بايدن- الديمقراطيين من أن هذا الوضع قد يضر بالحزب في انتخابات 2024 إذا لم يتخذوا الإجراءات المناسبة.

يعتقد عدد من قيادات الديمقراطيين أن فوز دونالد ترامب بالترشح الجمهوري قد يمنح فرصة لبطاقة الترشح “بايدن-هاريس” مرة أخرى، على غرار انتخابات 2020. ومع ذلك، فإن هذا الطرح يحمل مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، مما ينتهي بعودة ترامب إلى البيت الأبيض لفترة حكم ثانية، وهو ما قد يكون له تأثيرات كارثية على الولايات المتحدة بكل المقاييس.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى