رأي

هل يعتذر ميقاتي عن عدم التأليف قبل نهاية العهد؟

أحد أكبر أخطاء حزب الله بحقّ العهد، برأي النائب جبران باسيل، منح حليفه الاستراتيجي الغطاء السياسي لإعادة تكليف نجيب ميقاتي الذي استثمر، عن سابق تصوّر وتصميم، هذه الورقة “لعدم تشكيل آخر حكومات العهد”.

هي نقطة تباعد إضافية بين الطرفين وصلت إلى حدّ تحذير باسيل حزب الله من تسليم نجيب ميقاتي ورقتَيْ التصريف والتكليف، وما بينهما التأليف، من دون أيّ اعتبار لخطورة المرحلة ولقرب نهاية ولاية ميشال عون، قائلاً لأحد مسؤولي الحزب: “إذا إنتو بدكم هيك، فإذا صحتين على قلبو (ميقاتي)”.

عملياً، لم يكن السجال عالي السقف بين ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر في الأيام الماضية سوى أحد أوجه الخلاف المزمن بين الطرفين بدءاً من تجربة 2011 الوزارية وصولاً إلى تمنّع تكتّل باسيل مرّتين في العهد الحالي عن تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة.

وفق المعلومات، بدأ باسيل، مدعوماً من رئيس الجمهورية، بممارسة الضغوط السياسية والمعنوية لدفع ميقاتي إلى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة قبل نهاية الولاية الرئاسية، وهو ما يُسقط ورقة التكليف من يد رئيس حكومة تصريف الأعمال.

سيكون مصير التكليف أحد أهمّ عناوين المرحلة الفاصلة عن 31 تشرين الأول وما بعدها

فالعجز عن تأليف الحكومة، برأي عون وباسيل، يفترض وضع حدّ للتكليف عبر تقديم ميقاتي اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، خصوصاً على مشارف نهاية ولاية رئيس الجمهورية.

أمّا في حال تمسّك ميقاتي بالتكليف، وهو الأمر المرجَّح، فإنّ فريق رئيس الجمهورية وباسيل سيركّز على حتميّة سقوط ورقة التكليف دستوريّاً. لكنّ أوساط الرئيس المكلّف تجزم أنّ “الكرة هي في ملعب رئيس الجمهورية لجهة كسر حال المراوحة من خلال مبادرة رئاسية تصل ما انقطع بين عون وميقاتي”.

التكليف عنوان المرحلة

سيكون مصير التكليف أحد أهمّ عناوين المرحلة الفاصلة عن 31 تشرين الأول وما بعدها. صحيح أنّ الدستور لم يلحظ حالات مشابهة يتزامن فيها استحقاق رئاسة الجمهورية (في حال انتخاب رئيس جديد أو في حال الفشل في ذلك) مع وجود حكومة تصريف الأعمال ورئيسها مكلّف تشكيل حكومة جديدة، إلا أنّ الاجتهادات الدستورية و”السياسية” حاضرة وغبّ الطلب لمناصرة “معسكرَيْ” مُناصري بقاء التكليف، أو “تمديد التكليف” بإعادة تسمية ميقاتي مجدّداً، والمسلِّمين بسقوطه وسقوط اسم نجيب ميقاتي في مرحلة “العهد الجديد”. لكن ما بات متّفَقاً عليه، حتى من جانب فريق قانوني قريب من ميقاتي، أنّ التكليف سيسقط دستورياً في هاتين الحالتين:

  • إذا تمّ انتخاب رئيس جديد حيث لا يمكن إلزام الأخير برئيس مُكلّف لم يُصدِر قراراً بتكليفه “بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب وإطلاعه على نتائج الاستشارات”، وهو الأمر الذي يعلنه عادة المدير العامّ لرئاسة الجمهورية بناء على استشارات نيابية ملزمة يُجريها رئيس الجمهورية مع الكتل النيابية والنواب.
  • إذا لم يتمّ انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية، إذ يسقط التكليف حكماً بسبب عدم وجود رئيس جمهورية يتشاور الرئيس المكلّف معه لتشكيل الحكومة ويوقّع معه مرسوم تأليف الحكومة. والسؤال هنا: هل من جهة دستورية ستكون معنيّة بإعلان سقوط التكليف أو يحصل بحكم الأمر الواقع من دون إعلان رسميّ بذلك؟

وفق تقدير باسيل، الغاية من هذا التكليف “تمّت بنجاح” حين قطعت الطريق أمام ميشال عون، وسط سكوت مريب من حزب الله، لتشكيل آخر حكوماته.

قد لا تكون فرصة تشكيل الحكومة متاحة بسهولة بعد 31 تشرين الأول وفق توقّعات باسيل “بوجود أكثريّات مضَعضَعة غير مقرِّرة في مجلس النواب واحتمال انتخاب رئيس جمهورية جديد بأكثريّة ضعيفة وهزيلة. فكيف لهذه الأكثريّات المشتّتة أن تأتي برئيس حكومة ومجلس وزراء متجانس؟”!.

وفق المعلومات، بدأ باسيل، مدعوماً من رئيس الجمهورية، بممارسة الضغوط السياسية والمعنوية لدفع ميقاتي إلى الاعتذار

في مطلق الأحوال، لن يلغي سقوط التكليف بقاء ميقاتي على رأس حكومة تصريف الأعمال التي قد تتسلّم صلاحيّات رئاسة الجمهورية في حال لم يتمّ انتخاب رئيس جديد.

ما هي الاحتمالات؟

الاحتمال القائم بقوّة تعزّزه مؤشّرات عدّة أهمّها:

  • بقاء المداولات الداخلية في شأن الاستحقاق الرئاسي دون مستوى إحداث خرق في جدار تعزيز فرص مرشّح رئاسي على آخر. آخر المعطيات تشي بتشدّد باسيليّ في رفض اسم سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مع محاولة من جانب رئيس التيار الوطني الحر، بدعم من حزب الله، لبدء الحديث مع فرنجية في شأن مروحة من الأسماء التي يمكن أن تشكّل تقاطعاً بين باسيل وفرنجية، خصوصاً بعدما تبلور موقف رئيس حزب القوات سمير جعجع بالعمل على التنسيق مع قوى المعارضة والتغيير لتبنّي اسم مرشّح لرئاسة الجمهورية، دون نتيجة متوقّعة قريباً
  • عدم وصول المسعى الفرنسي لطرح أسماء محتملة لرئاسة الجمهورية إلى مكان حتى الآن. من ضمن الأسماء الفرنسية المطروحة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والوزير الأسبق جهاد أزعور، ورئيس مجلس إدارة مصرف HSBC سمير عسّاف.
  • كلام غربيّ جدّيّ وحاسم وصل إلى أكثر من مرجعية سياسية مفاده: “من دون التوقيع على تسوية في شأن الترسيم البحري على الحدود الجنوبية لن يكون هناك فرصة لانتخاب رئيس جمهورية يدخل إلى قصر بعبدا ويجلب معه الحلّ الماليّ الإنقاذي والاستثمارات والاتّفاق المُبرم مع صندوق النقد الدولي والإصلاحات المطلوبة”.

لكن مهما اختلفت التسميات، يسلّم الباسيليّون بصعوبة وصول رئيس التيار الوطني الحر في هذه اللحظة السياسية إلى رئاسة الجمهورية، مع حرص ظاهر على “روتشة” مواقف باسيل الأخيرة بشأن استبعاد نفسه من الحلبة الرئاسية بالتأكيد على أنّ ترشيحه “أساسيّ” ووصوله إلى بعبدا هو رهن الظروف، خصوصاً أنّه يمثّل الكتلة النيابية والحزبية الكبرى، وهو الأمر الذي عكسه بيان المجلس السياسي للتيّار الوطني الحر قبل أسبوع.

لكن على أرض الواقع بدأ إعداد العُدّة جدّيّاً لانتقال باسيل إلى صفوف المعارضة، وباكورته إعلان الحرب على نجيب ميقاتي من ضمن الحرب المعلنة على “المنظومة” إيّاها.

في حديثه إلى قناة “المنار” أخيراً قال باسيل ما حرفيّته: “مش مصدّق (ميشال عون) أي متى بفلّ. بعدها سنعود إلى طبيعتنا التيّاريّة. منكون خلصنا من قيود القصر (الجمهوري) والمسؤولية يللي ربّطتنا”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى