رأي

هل يصبح “النموذج الرواندي” نهجا أوروبيا في التصدي لأزمة اللاجئين؟

نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية بتقرير نشرته صحيفة التايمز كتبه برونو ووترفيلد بعنوان “دول في الاتحاد الأوروبي تدعو إلى تطبيق نموذج رواندا البريطاني للتصدي لأزمة اللجوء”.

يستهل الكاتب مقاله بالإحالة إلى تزايد دعوات أطلقتها دول أوروبية بغية تطبيق النموذج البريطاني في التصدي لطلبات اللجوء عن طريق الاستعانة بدول غير أوروبية مثل رواندا، إذ تشير الأرقام الرسمية إلى أن ما يزيد على مليون مهاجر قد يصلون إلى التكتل خلال العام الجاري.

وتظهر إحصاءات وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء، والتي تضم النرويج وسويسرا، تقديم 519 ألف طلب لجوء خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، في إشارة إلى توقع العودة إلى مستويات لم تشهدها أوروبا منذ أزمة اللاجئين عامي 2015 و2016.

وقالت الوكالة: “تاريخيا يميل حجم الطلبات إلى النمو خلال النصف الثاني من العام، وإذا استمر هذا الاتجاه، بحلول نهاية العام، سيتجاوز العدد مليون طلب لجوء في عام 2023”.

ويقول الكاتب إنه خلال عام 2015، قُدم ما يزيد على 1.2 مليون طلب لجوء إلى أوروبا، مما أدى إلى إغراق الاتحاد الأوروبي في واحدة من أسوأ أزماته والمساهمة في خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد.

ويتزامن تحذير وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء مع تزايد الخلافات السياسية بشأن سياسات الهجرة في شتى أنحاء أوروبا.

وطالبت النمسا، الأسبوع الجاري، دول الاتحاد الأوروبي بتطبيق نموذج رواندا البريطاني المثير للجدل في مسعى للتصدي لطلبات اللجوء أو الاستعانة بدول أخرى خارج أوروبا، على الرغم من المعوقات التي تواجه هذه السياسة لأسباب قانونية وحقوقية.

وقال كارل نيهامر، المستشار النمساوي، لصحيفة دي فيلت: “ستواصل النمسا بذل قصارى جهودها في الاتحاد الأوروبي لتهيئة الظروف السياسية والقانونية لإجراءات اللجوء وتطبيقها بالفعل خارج الاتحاد الأوروبي… من الممكن إبرام اتفاقيات مقابلة مع دول ثالثة، كما يظهر مثال رواندا”.

وكانت النمسا والدنمارك وليتوانيا واليونان وسلوفاكيا ولاتفيا ومالطا وإستونيا قد شكت إلى المفوضية الأوروبية في يونيو/حزيران من أن “نظام اللجوء غير فعّال”.

وأبرم الدنماركيون، الذين اختاروا عدم المشاركة في السياسة المشتركة للاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين، اتفاقا على مثال نموذج رواندا البريطاني، بيد أنهم قرروا تعليقه في أعقاب انتخابات العام الماضي.

كما أبرم الاتحاد الأوروبي، في يوليو/تموز، اتفاقا مع الرئيس التونسي، قيس سعيد، يقضي بدفع ما يزيد على مليار يورو في هيئة حوافز اقتصادية مقابل المساعدة في وقف تدفق الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا وأوروبا، على الرغم من الادعاءات الواسعة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل نظامه.

وقال نيهامر: “يعد الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي بشأن الحد من الهجرة غير الشرعية مثالا يحتذى به”.

وتمثل الهجرة قضية خلافية في شتى دول أوروبا، الأمر الذي دفع إلى إجراء انتخابات في بولندا في أكتوبر/تشرين الأول وهولندا في نوفمبر/تشرين الثاني، ومن المقرر أن تجري بولندا استفتاء أيضا خلال الشهر المقبل بشأن مقترحات الاتحاد الأوروبي لتحديد نسب استقبال المهاجرين أو فرض غرامات على الدول التي ترفض تطبيق ذلك.

ويقول كاتب المقال إنه من المرجح أيضا أن تكون قضية اللجوء قضية حاسمة في الانتخابات البرلمانية على مستوى أوروبا المقرر إجراؤها العام المقبل.

وفي ألمانيا، أدى صعود حزب البديل من أجل ألمانيا القومي إلى دفع الحزب الديمقراطي المسيحي إلى اليمين، مع تعهدات بفرض ضوابط على الحدود فضلا عن ترحيل المهاجرين.

كما رفضت بلجيكا، التي توصف بأنها دولة صديقة تقليديا للاجئين، الأسبوع الماضي، طلبات لجوء من رجال غير متزوجين، الأمر الذي أثار انتقادات داخل مجلس أوروبا ومنظمات مراقبة حقوق الإنسان.

وتشير الإحصاءات إلى أن 59 في المئة من طلبات اللجوء سيجري رفضها، مما يثير تساؤلات بشأن ما ينتظر طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم. وفي العام الماضي، جرى ترحيل 73845 شخصا من الاتحاد الأوروبي إلى دولهم الأصلية.

ولا تزال ألمانيا وفرنسا وإسبانيا والنمسا الدول الرئيسية التي يقصدها طالبو اللجوء، وتأتي معظم الطلبات من السوريين والأفغان.

المصدر: بي بي سي بالعربي

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى