هل يتحوّل خلاف التكليف بين باسيل وميقاتي الى انفجار التشكيل بين بعبدا وبلاتينوم؟
كتب ميشال نصر في “الديار”:
منذ ما قبل حسم تسمية التكليف، مع ما تعنيه من خيار حكومي، كان النقاش الفعلي في فرص تشكيل الحكومة الجديدة قد بلغ مداه بين المقرات الساسية، علما ان جدوى هذه الحكومة مشروطة بولادتها السريعة المرهونة بالتفاهم العاجل بين «جنرال بعبدا» والرئيس المكلف، حيث تحول عقد كثيرة دون اتفاقهما على نظرة موحدة لهذه الحكومة، وفقا للقراءة البسيطة لمسار العلاقة بين السراي وبعبدا طوال الفترة الماضية.
فوفقا للوضع الحالي، لا تزال الصورة ضبابية نتيجة توسع عدد رافضي المشاركة في الحكومة من «القوات اللبنانية» الى الحزب «التقدمي الاشتراكي» مرورا بالنواب «التغييريين» وسواهم، الامر الذي يعقد عملية التشكيل، لحكومة يوجب «احتياط الفراغ» ان تكون سياسية بامتياز، وفقا لاوساط نيابية متابعة للمفاوضات الجارية، والتي تبدو غير متفائلة للمرحلة المقبلة، معتبرة ان تشكيل «حكومة فاعلة» من المهام المستحيلة، اذ لا مفر منها في حال كان المطلوب تلبية احتياجات المواطنين من كهرباء ودواء من جهة، ومن جهة ثانية رفع المعاناة اليومية من اجل الابقاء على الوضع تحت السيطرة، وصولا لتأمين الاجواء المطلوبة لانتخاب رئيس جمهورية جديد ضمن المهلة الدستورية، وعدم الاخلال بها لئلا تقحم البلاد في ازمة حكم.
وتشير الاوساط الى ان الرئيس المكلف مرتاح الى الاجواء ومسار الامور التي صبت حتى الساعة في مصلحة عودته، سواء برافعة الحلفاء ام على حصان الخصوم، وعليه فهو قرر التساهل والتعاون الى اقصى الحدود خلال جولات مفاوضات التشكيل، وانه «سيشتري اي مشكل» قد يحاول البعض استدراجه اليه، معتبرة ان كلامه التصعيدي ومواقفه العالية السقف ليسا سوى ذر للرماد في العيون، املا في تحسين موقعه التفاوضي وجمع الاوراق اللازمة، حيث ان الصيغ المطروحة للتشكيلة كلها تصب في مصلحته، خلافا لما يتصوره الكثيرون. علما ان عدم نجاحه في التشكيل سيكون له تبعات سلبية في بعض جوانبه على «الميقاتية السياسية»، مبدية تخوفها من ان ينتقل خلاف التكليف بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الحكومة الى انفجار التشكيل بين بعبدا وبلاتينوم، رغم ان المعلومات تؤكد ارتياح الرئيس عون لمسار الاستشارات ونتائجها.
وفي هذا الاطار، علم ان حارة حريك باشرت سلسلة اتصالات بعيدا عن الاعلام، لجس نبض الحلفاء حول شكل الحكومة المطلوبة وامكان التوصل الى حلول وسط، تنهي التشكيل في اسرع وقت ممكن، خصوصا ان الحزب حصل على بعض من الضمانات الخارجية التي طالب بها، وبحسب المعطيات، فان حزب الله يميل الى صيغة حكومة سياسية مصغرة غير فضفاضة متجانسة، قادرة على تحقيق الاولويات المعيشية والاقتصادية المطلوبة راهنا، بعيدا عن المناكفات وصراع الحصص.
مصادر متابعة اشارت الى ان النية الحسنة التي واجه بها الحزب الرئيس المكلف وجهده لتسهيل التشكيل، قد يصطدم بمواقف خارجية متصلبة ناتجة، اولا: من مواقف الحارة التصعيدية ضد السعودية، ما قد «يزرك» الرئيس المكلف في «بيت اليك»، خصوصا ان وصوله جاء برافعة الثنائي الشيعي، وثانيا: الجو الاقليمي والدولي العام، حيث ثمة رهانات متضاربة حول نتائج زيارة الرئيس الاميركي الى الرياض ولقائه المسؤولين فيها، وما يحكى عن «ناتو» عربي، في وقت اعلن عن قرب عودة المفاوضات في فيينا.
ورأت المصادر ان احدى ابرز المشكلات التي تواجه الرئيس المكلف في صيغة الحكومة السياسية، هي صبغتها «الفاقعة»، اذ ستكون حكومة اللون الواحد بممثلين حزبيين سيصعب معها «تمييع» الولاءات السياسية لوزرائها، ما سيجعلها هدفا لاطلاق النار الداخلي والخارجي، حيث من الواضح ان الامور ذاهبة الى مزيد من التعقيد والانفلات خلال الاشهر القليلة المقبلة، حيث لا انفراجات قريبة في الافق.