رأي

هل سيتراجع الأردن عن اتفاقياته مع العدوّ؟!.

كتب ابراهيم عبد المجيد القيسي في الدستور

الأردن ملتزم بتعهداته واتفاقياته الدولية كلها، وليس من السهولة أن يتخلى الأردن عن التزامه القانوني والأخلاقي فيها أو في غيرها، وقد التزم أيضا بالمقولة «خليك مع العيّار لباب الدار»، ولو أنني ميال للقول: احذر، وخليك مع «الغدّار» لباب الدار، لأن الجانب الإسرائيلي غدر بالأردن كثيرا، وانتهك الاتفاقية، ولم يلتزم إلا بديبلوماسيات بسيطة بخصوصها، وعلى وجه التأكيد بأن العلاقة الأردنية مع هذا الكيان ومنذ قدوم المتطرف «الإرهابي» نتنياهو، وهي في أشد حالاتها سوءا..
الموقف السياسي الأردني يتصاعد على شكل إيجابي بالنسبة لجمهور عريض يطالب بإلغاء اتفاقية وادي عربة، وعدم المضي باتفاقية المياه والغاز والكهرباء، ولا أي اتفاقية أخرى، ولا أحتاج شخصيا ولا كثيرين غيري، للتأكد من أن صانع القرار الأردني يقتنع في الحقيقة بأنه يتعامل مع عدو، لا يحترم عهودا، ولديه أطماع واضحة في الأردن، ومساع أكيدة لزعزعة استقراره، وتهديد أمنه على الدوام، ورغم هذه القناعة، إلا أن الأردن يجيد الديبلوماسية، بل ويتجاوزها إلى الوقوف على رأس حربة، تواجه أطماع الكيان المحتل التوسعية، ويتصدر الأردن واجهة الدفاع عن فلسطين وحقوق شعبها بدولة مستقلة وذات سيادة، حسب القرارات الدولية والاتفاقيات، وقبل ذلك كله، يعاني الأردن تحديات كبيرة «ويقدم تضحيات»، بشأن وصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية، علاوة على التحديات الديمغرافية و»الأيدولوجية» المتعلقة بقضية فلسطين، ومنها تحديات تشريعية سياسية، طالما وقفت في طريق الأردن في مراحل ما من عمر الدولة الأردنية، وحالت دون تحقيق تقدم سياسي على طريق الديمقراطية، وتعطلت المساعي الأردنية حتى في بعض الملفات المحلية.. والحديث بشأنها تاريخي، ويطول.
منذ بداية الأحداث الدامية المؤسفة التي تقودها أمريكا عبر وكيلتها إسرائيل، والأردن يسير وفق نهج سياسي أخلاقي واضح، منحاز علنا لفلسطين وشعبها، وواضح بالنسبة للجميع، ولا أتحدث فقط عن موقف جلالة الملك والحكومة وكل مؤسساتها، بل أيضا عن الشعب الأردني كله، فلا حاجة لتوضيح هذه الحقيقة، لكن الذي يحتاج التوضيح متعلق بالسلوك المتوازن التصعيدي الذي ينتهجه الأردن، حيث لم يستبعد أي خيار سيادي في هذه الأحداث، فمنذ اليوم الأول عارض الأردن التهجير للشعب الفلسطيني، واعتبره خطا أحمر في سياسته وتعاطيه مع القضية الفلسطينية وملفاتها واتفاقياتها الدولية، وقام جلالة الملك بجهود معلنة واضحة جدا، لتغيير مواقف دول مؤثرة تجاه حرب الإبادة في غزة، ووضح الموقف الفلسطيني والعربي لا سيما الأردني والمصري من مسألة التهجير القسري للفلسطينيين، وعارض وأدان ودعا العالم كله لإدانة انهيار حقوق الإنسان وخطورة وكارثية ما تقوم به اسرائيل على المنطقة والعالم، وعبرت الحكومة عن الموقف الرسمي للدولة من مسألة تهجير الفلسطينيين الى الأردن، وقالت بأنها تعني بالنسبة للدولة الأردنية «إعلان حرب» ضد الأردن، وتم اتهام الحكومة الأردنية بالتحريض ضد اسرائيل، وهو نفس الانطباع الذي يطلقونه بحق جلالة الملك لكن بعيدا عن الإعلام..
الموقف الأردني محسوب على وقع الأحداث وتطوراتها، ولم يقتصر على سحب السفير الأردني من اسرائيل، حيث وفي هذا الوقت يقوم مجلس النواب بمراجعة الاتفاقيات الأردنية مع «العدو»، وثمة جهود وخطاب حاد جدا، يقدمه وزير الخارجية، وبلغة ديبلوماسية وقانونية يفهمها العالم، وقد وصفت تصريحات وعبارات وزير خارجيتنا بأنها تصريحات حرب، تأتي بعد تصريحات الناطق العسكري باسم حماس، بوضوحها وتحدّيها لإسرائيل ولحرب الإبادة التي تشنها على الشعب الفلسطيني، لكنها قانونية لا تتعارض مع البروتوكول السياسي الديبلوماسي وقوانينه.
الأردن يرفض أن يكون وسيطا بأية جهود في ملف الأسرى الذين تحتفظ بهم الفصائل الفلسطينية، وهذه إشارة سياسية قوية جدا، تعبر عن التزام الأردن بحدود لا يريد التنازل عنها، فهو ليس صديقا لإسرائيل لا سيما في هذه الحرب، ويعلن من خلال موقفه هذا بأنه مستعد إن اقتضت الظروف والأحداث والتحديات، بأن يواجه اسرائيل بشتى الطرق..
الأحداث تتطور، وأؤيد الاعتقاد القائل بأن المسافة والوقت، باتا أقصر مما نتوقع، لوضع اتفاقية وادي عربة وغيرها على الطاولة، لتصبح هي لغة التفاوض والحوار، والمحدد الرئيسي للعلاقة مع الاحتلال ودولته العنصرية وحلفائه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى