هل ثمة “سلّة شاملة” من الانتخابات النيابية إلى الانتخابات الرئاسية؟
كتب علي حمادة في صحيفة “النهار”:
مرة جديدة نعود الى مسألة الانتخابات التي يبدو ان ثمة جهات تعمل على تطييرها. فالمعلومات المتوافرة تشير الى وضع فكرة “السلّة الشاملة” على الطاولة، بمعنى ان يتم ربط الاستحقاقات جميعها من #الانتخابات النيابية، الى الانتخابات الرئاسية، ومنها الى التشكيل الحكومي، والتعيينات في جميع المراكز الحساسة في الدولة. فأكثر من فريق يعتبر ان الانتخابات النيابية يمكن ان تكون محرقة ما لم يُعِد التفكير في المشهد بأسره، لاسيما ان #لبنان يدخل مرحلة غير واضحة المعالم، مع حصول متغيرات كبيرة على صعيد المكوّن السني، وتنامي حال الاعتراض الشعبي على كل ما يمثله الطاقم السياسي الحاكم راهنا، وصولا الى احتمالات تعرّض قوى مركزية في التركيبة الحالية لاختبار قاسٍ قد يدفع الى حصول اختلال يخيف الطاقم الحاكم حاليا. فمن حيث المبدأ لا احد من القوى التقليدية، بما فيها “#حزب الله”، يريد حصول تغييرات كبيرة وحاسمة داخل بيئة او اكثر من البيئات اللبنانية. حتى “حزب الله” الذي يقال انه لا يخشى أي استحقاق انتخابي، يؤثر المحافظة على المعادلة القائمة حاليا، لانها لاءمته منذ سنوات عدة، وقد لا يرى مكسبا بتوسع الاطار الذي يقوده في مجلس النواب. فمع حوالى خمسة وسبعين نائبا ينتمون الى قوى تواليه بشكل او بآخر، يمكن الحزب المشار اليه ان ينفّذ اجندته بحرية كافية، ومن دون ان يتم التصدي له داخل المؤسسات. فانطلاقا من سيطرته على خمسة وسبعين مقعدا من مئة وثمانية وعشرين في مجلس النواب، يتحكم “حزب الله” بالغالبية التي تفوق ثلثي عدد أعضاء اي مجلس وزراء حالي او مقبل. وفي مقابل هذه الغالبية التي يمتلكها يبقى “حزب الله” شكلا من أشكال التنوع السياسي والطائفي الذي يمنحه التغطية التي يريدها عبر المؤسسات. فالسيطرة الشاملة في مجلس النواب والحكومة من دون “شركاء” يظهرون مواقف معارضة، ولكن غير مؤذية من الناحية العملية، مفيد لـ”حزب الله” الذي يمسك بالقرار السيادي في المسائل التي تهمه، ويحرف الأنظار عن إشكالية سلاحه غير الشرعي، ويعكس صورة القوة التي لا تسجن اللبنانيين في اطار حكم ديكتاتوري مباشر، غارق في التحكم بالتفاصيل. هذا الموقف ليس موقفا أخلاقيا يرفض السيطرة الشاملة وصولا الى التفاصيل، بل هو موقف عملي نابع من حسابات باردة لا تلغي تمتعه بتفوق لا يجارى فيه، عنينا امساكه بسلاح فتاك، سبق له ان استخدمه في الداخل لدفع اجندته السياسية الداخلية، ويستغل ما يسمى “وهجه” كأداة يلوّح بها في وجه الآخرين للمحافظة على السيطرة من دون الاضطرار الى الذهاب بعيدا في استخدامه، وسيستخدمه مستقبلا ضد اللبنانيين متى شعر ان المعادلة تتغير، وان السيطرة بهذه الطريقة ما عادت تكفي، او ان صدمة الغزوات في 7 و11 أيار 2008، ومسلسل الاغتيالات السياسية الضالع فيها، بدأتا تتلاشيان من ذاكرة القوى السياسية المهيمنة على البيئات الأخرى.
خلاصة الامر ان الانتخابات التي يمكن ان تطيح غطاءً ثميناً يتمتع به “حزب الله” راهنا، فترسم مشهدا جديدا بوجوه جديدة معادية لمشروعه، وترفض المساومة كما حصل في الأعوام الأخيرة، لا يريح الأقوى الذي يحتاج الى واجهات تعكس قوة في بيئاتها، وفي الوقت عينه لا تهز استقرار المعادلة التي يتحكم بموجبها بلبنان واللبنانيين. من هنا احتمالات تطيير الانتخابات لترتيب الأوراق.