هل تواصل مصر رفع الفائدة مع خسائر الجنيه وأزمة التضخم؟
كشفت مذكرة حديثة، أن مستقبل التضخم في مصر يتوقف على أداء الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، وأوضحت الورقة الصادرة من شركة “الأهلي فاروس”، أن التضخم “سيظل مرتفعاً على الأرجح” حتى نهاية العام، ويمكن أن يبدأ في التباطؤ في عام 2024 بسبب تأثير سنة الأساس المواتي، على رغم أن هذا سيعتمد على مدى انخفاض الجنيه مقابل الدولار في التخفيض المتوقع قبل نهاية العام.
من ناحية أخرى، يتوقع بنك “غولدمان ساكس”، أن يظل التضخم فوق مستوى 30 في المئة حتى نهاية العام قبل أن يتجه نحو انخفاض حاد في العام المقبل، على افتراض أن الجنيه المصري لن يسجل مزيداً من الهبوط مقابل الدولار.
وفي استطلاع للآراء أجرته وكالة “رويترز” في وقت سابق، قالت كل من “هيرميس” و”ستاندرد تشارترد”، إن ثمة مؤشرات على تباطؤ التضخم في مصر.
ولا يزال البنك المركزي المصري يستهدف أن يصل التضخم إلى مستوى سبعة في المئة في المتوسط (±2 نقطة مئوية) في الربع الأخير من عام 2024، وخمسة في المئة خلال الربع الرابع من 2026، ويعمل “المركزي” منذ الربع الأول من العام الماضي وفي عدد من الاتجاهات على احتواء التضخم المرتفع مع وقف النزيف المستمر للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي.
هل تتواصل موجة رفع أسعار الفائدة؟
في ما يتعلق باستمرار تأثير التضخم المرتفع على أسعار الفائدة التي تسجل مستويات قياسية في الوقت الحالي، يشكك المحللون في أن قراءة التضخم الأعلى من المتوقع لشهر أغسطس (آب) الماضي ستقنع البنك المركزي برفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، مستبعدين أي رفع لسعر الفائدة قبل أن يشهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه تحركاً.
وقالت محللة الاقتصاد الكلي منى بدير، “لا نتوقع أن يكون هناك رفع آخر لأسعار الفائدة، إلا إذا شهدنا بعض التقدم في مسألة سعر الصرف”، وأوضحت أن السياسة النقدية لن يمكنها السيطرة على توقعات التضخم من دون أن تحسم أولاً التوقعات في شأن خفض قيمة العملة.
ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماعه الأخير في أغسطس الماضي، في محاولة لكبح جماح التضخم، ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 19.25 في المئة و20.25 في المئة على الترتيب، بعدما رفع البنك “المركزي” أسعار الفائدة بمقدار 1100 نقطة أساس منذ مارس (آذار) 2022.
وقالت بدير، “ما زلنا نتوقع تخفيضاً رابعاً لقيمة الجنيه المصري، ولا نتوقع أن ينتهي العام من دون رؤية تخفيض آخر في قيمة العملة، لأن غياب مثل هذا التخفيض أدى إلى تضخيم الأزمة وفاقم من ارتفاع التضخم”، فيما قال المتخصص في الشأن الاقتصادي في وكالة “بلومبيرغ”، زياد داود، إن “أسعار الفائدة في مصر منخفضة للغاية بحيث لا يمكنها جذب رؤوس الأموال الأجنبية، على رغم الزيادة المفاجئة في أغسطس، والتضخم المرتفع دفع أسعار الفائدة الحقيقية في مصر إلى أن تكون من بين الأدنى في الأسواق الناشئة. وقد يؤدي خطر تخفيض قيمة العملة المحلية إلى محو مكاسب أسعار الفائدة”.
التضخم يستقر أعلى مستوى 40 في المئة
وفيما لم يشهد الجنيه المصري أي خسائر جديدة مقابل الدولار الأميركي منذ إعلان التخفيض الأكبر والأخير في يناير (كانون الثاني) الماضي، كشف البنك المركزي المصري، أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل 40.4 في المئة خلال أغسطس 2023 مقابل 40.7 في المئة خلال يوليو (تموز) الماضي.
وأوضح “المركزي”، أن الرقم القياسي الأساس لأسعار المستهلكين، وفقاً لمؤشراته سجل معدلاً شهرياً بلغ 0.3 في المئة لشهر أغسطس 2023 مقابل معدل شهري بلغ 0.6 في المئة خلال الفترة نفسها من العام السابق ومعدل شهري بلغ 1.3 في المئة خلال يوليو 2023.
فيما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية (التضخم الشهري) خلال أغسطس الماضي بنسبة 1.6 في المئة، مقارنة بيوليو السابق وسجل 184.0 نقطة، وأوضح الجهاز، أن معدل التضخم السنوي لإجمالي مدن الجمهورية ارتفع إلى 39.7 في المئة خلال أغسطس، مقابل 15.3 في المئة للشهر نفسه من العام السابق 2022.
وأرجع ارتفاع التضخم على أساس شهري، إلى صعود أسعار أقسام الطعام والمشروبات بنسبة 2.2 في المئة، بسب ارتفاع أسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 0.3 في المئة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة ثلاثة في المئة، كما ارتفعت مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 0.2 في المئة، ومجموعة الفاكهة بنسبة أربعة في المئة، ومجموعة الخضراوات بنسبة 22.4 في المئة، ومجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة اثنين في المئة، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 1.5 في المئة.
وشمل الارتفاع قسم المشروبات الكحولية والدخان الذي زاد بنسبة 5.4 في المئة، وقسم الملابس والأحذية بنسبة 0.8 في المئة، وقسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 0.6 في المئة، وقسم الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة بنسبة اثنين في المئة، وقسم الرعاية الصحية بنسبة 0.7 في المئة، كما ارتفع قسم النقل والمواصلات بنسبة 0.5 في المئة، وقسم الاتصالات السلكية واللاسلكية بنسبة 0.2 في المئة، وقسم الثقافة والترفيه بنسبة 0.5 في المئة، وقسم المطاعم والفنادق بنسبة 0.7 في المئة، وقسم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 1.1 في المئة.
ارتفاعات قياسية بقسم الطعام والمشروبات
وفي شأن ارتفاع التضخم السنوي خلال أغسطس 2023 إلى مستوى 39.7 في المئة مقابل 15.3 في المئة لشهر نفسه من العام السابق 2022، عزا “جهاز الإحصاء” هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار قسم الطعام والمشروبات بنسبة 71.9 في المئة بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 48.6 في المئة، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 97.0 في المئة، كما ارتفعت أسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 85.9 في المئة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 69.5 في المئة، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 30.1 في المئة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 62.0 في المئة، ومجموعة الخضراوات بنسبة 98.4 في المئة، ومجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 39.8 في المئة، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 77.8 في المئة.
وزادت أسعار أقسام المشروبات الكحولية والدخان بنسبة 57.6 في المئة، والملابس والأحذية بنسبة 23.6 في المئة، والمسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 7.2 في المئة، والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة بنسبة 42.0 في المئة، والرعاية الصحية بنسبة 22.8 في المئة، والنقل والمواصلات بنسبة 15.2 في المئة. أيضاً، ارتفع قسم الاتصالات السلكية واللاسلكية بنسبة 1.6 في المئة، وقسم الثقافة والترفيه بنسبة 27.9 في المئة، وقسم التعليم بنسبة 7.7 في المئة، وقسم المطاعم والفنادق بنسبة 49.5 في المئة، وقسم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 29.8 في المئة.