رأي

هل تنهي دعوة أوجلان عقودا من القتال بين تركيا والأكراد؟

كتبت ميراي الجراح في صحيفة DW.

أدلى يوم الخميس وفد من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب الرسالة التي وجهها عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني وأول زعيم له للحزب، داعياً من خلالها إلى إلقاء السلاح في خطوة قد تنهي الصراع الذي امتد إلى أكثر من أربعة عقود، وقال أوجلان: “أدعو إلى إلقاء السلاح، وأتحمل المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة”، وأضاف أنه يريد من حزبه عقد مؤتمر والموافقة رسمياً على حل نفسه، وذلك بعد زيارة الوفد لأوجلان في سجنه جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة حيث يُعتقل منذ حوالي 27 عاماً، وفق وكالة رويترز.

وهذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها ممثلون من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب بأوجلان، الذي صدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة، وسبق أن التقوا به مرتين منذ نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، وهذه المرة انضم إلى  الوفد البالغ عدده سبعة أشخاص فايق أوزغور إيرول محامي أوجلان لأول مرة.

وقال نائب رئيس حزب المساواة وديموقراطية الشعوب تونجر بكرهان الذي يرأس الوفد لوكالة فرانس برس: “أوجلان يعدّ الطريق للسلام”، وأضاف: “لا يريد أوجلان أن يكون الأكراد أحراراً في التحدّث بلغتهم فحسب، بل يريد أيضاً أن يكون أي تعبير ديموقراطي ممكناً في البلاد”.

ويُعتقد أن أوجلان دعا حزب العمال الكردستاني إلى ترك السلاح، مقابل اقتراح تركيا بإخراجه من عزلته بعد 27 عاماً قضاها في السجن، غير أن الإفراج عن أوجلان غير مرجّح بسبب تهديدات بالانتقام منه.

من هو عبد الله أوجلان؟

عبد الله أوجلان هو معارض كردي ومؤسس  حزب العمال الكردستاني الذي يُصنّف من قبل تركيا على أنه “منظمة إرهابية”، ويُلقب أوجلان بـ “آبو” التي تعني العم باللغة الكردية، ولد أوجلان في 4 أبريل/ نيسان عام 1948 في قرية عُمرلي بمحافظة أورفة جنوب شرق الأناضول لعائلة تركية بسيطة تعمل في الزراعة، وعندما أصبح شاباً التحق بجامعة أنقرة لدراسة العلوم السياسية.

بدأ مسيرته السياسية باعتناق الماركسية، وفي 7 أبريل/ نيسان عام 1973 اعتُقِل أوجلان بتهمة حضور اجتماع محظور، وقضى في  سجن ماماك سبعة أشهر، وبعد الإفراج عنه أمضى شبابه بالعمل السياسي مناضلاً من أجل تأسيس دولة كردية مستقلة، وأصبح فيما بعد رمزاً للحركة الكردية.

أسس أوجلان حزب العمال الكردستاني (PKK) في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1978 مع مجموعة من الطلاب الأكراد بسريّة، وتم اختياره ليكون زعيماً للحزب الذي ضم عدداً كبيراً من المقاتلين، ويدعو إلى بناء دولة  كردستان المستقلة، والحزب مصنّف بأنه “منظمة إرهابية” ليس في تركيا وحسب، بل في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أيضاً، وشهدَ عام 1984 أول عملية عسكرية دموية بين تركيا وحزب العمال الكردستاني أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.

في عام 1979 غادر أوجلان متجهاً إلى سوريا مع بعض رفاقه بسبب اضطراب الأوضاع في تركيا، وواصل عمله من المنفى، كما أقام معسكرات تدريب لأعضاء حزبه في سهل البقاع الذي كان يخضع لسيطرة سوريا آنذاك، ولكن سرعان ما تم إغلاق هذه المعسكرات بسبب ضغوط من تركيا.

بقي أوجلان في سوريا حتى عام 1998 ، وهو العام الذي ساءت فيه العلاقات بين تركيا وسوريا، بسبب اتهام أنقرة لدمشق بأنها تدعم حزب العمال الكردستاني، فطلبت سوريا من أوجلان الرحيل حفاظاً على علاقاتها مع تركيا. قبضت عليه السلطات التركية في عام 1999 في مدينة نيروبي عاصمة كينيا، بعد 15 عاماً من العمل العسكري، فحُكم عليه بالإعدام بتهمة خيانة البلاد وتشكيل جماعة مسلحة، وفي عام 2002 خففت تركيا عقوبته إلى السجن المؤبد بعد إلغاء عقوبة الإعدام، ليقبع في سجن سيء السمعة في جزيرة إيمرالي التركية في بحر مرمرة، حيث يعيش معزولاً لا يمكنه التواصل مع العالم الخارجي إلا نادراً ومرات معدودة.

اعتقد كثيرون أن سجن أوجلان سيُنهي حزب العمال الكردستاني، ولكن هذا ما لم يحصل، ففي عام 2004 ألغى حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار واستأنف القتال، ومن ثم بدأت محادثات سرية بين مسؤولين أتراك وزعماء الحزب في عام 2009 كان مصيرها الفشل والانهيار عام 2011.

في أواخر عام 2012 بدأت المفاوضات مع أوجلان نفسه في سجنه، وفي شهر مارس/ آذار عام 2013 دعا أوجلان إلى وقف إطلاق النار، مما أدى إلى بدء انسحاب قوات حزب العمال الكردستاني من تركيا، لكن وقف إطلاق النار هذا لم يدم طويلاً، فانتهى في شهر يوليو/ تموز عام 2015 بالرغم من استمرار دعوات أوجلان إلى التفاوض مع تركيا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى