كتب الكسندر نازاروف في “روسي اليوم”
يعتزم الغرب فرض القيود بنفسه، بل وإلزام الدول الأخرى بشراء النفط الروسي بما لا يزيد عن سعر معين منخفض للغاية.
30 أو 40 دولارا للبرميل، على سبيل المثال، في ظل الأسعار العالمية التي تبلغ حوالي 100 دولار للبرميل الواحد.
وحتى وقت قريب، كانت أوروبا أكبر مشتر للنفط الروسي. بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، قفزت آسيا إلى المقدمة، وتم إعادة توجيه جزء كبير من النفط الروسي إلى الصين والهند.
وقد صرحت روسيا بالفعل أن الدول المشاركة في جميع محاولات الحد من السعر لن تحصل على المواد الخام الروسية. ومع ذلك، ونظرا لأهمية عائدات تصدير النفط والغاز للميزانية الروسية، فإن التخفيض الهائل المحتمل في صادرات الطاقة قد يكون مؤلما للغاية بالنسبة لروسيا نفسها.
من جانبها، تستعد الصين لمواجهة الغرب وتدعم روسيا، إلا أن الهند، بطريقة ما، وفي عدد من القضايا، هي حليف للولايات المتحدة الأمريكية، ما يطرح السؤال ما إذا كانت الهند ستشارك في هذا التوجه؟
في الوقت نفسه، تعد الهند شريكا وصديقا لروسيا منذ فترة طويلة، حيث تعتمد القدرة الدفاعية للهند، إلى حد كبير، إن لم يكن على نحو حاسم، على الأسلحة الروسية.
لكن، ولنفترض أن الهنود قد نسوا المساعدات السوفيتية، وركزوا بشكل براغماتي على المصالح الراهنة، فمن المفيد للهند، في هذه الحالة، وعلى الرغم من أي شيء، الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا.
أولا، تعتبر الموارد الروسية الرخيصة وإمداداتها المستقرة أمرا حيويا لتنمية والحفاظ على الاستقرار السياسي في البلاد خلال الأزم العالمية المتصاعدة. فالهند بلد فقير، وفي حالة حدوث نقص عالمي في النفط، فإنها تخاطر بتكرار أزمة الطاقة في العام الماضي، عندما كانت تفتقر إلى الفحم.
ثانيا، الهند مهتمة للغاية بعدم انضمام روسيا إلى المحور الصيني الباكستاني المعادي للهند. وفي حالة انسحاب الهند من عداد الشركاء الاستراتيجيين لروسيا، سيكون تشكيل مثل هذا المحور أمرا لا مفر منه، لأن روسيا ستصبح معتمدة بشكل مفرط على التجارة مع الصين.
باختصار، أنا على يقين من أن الهند لن تشارك في مسار الغرب هذا.
بل إن فكرة سقف أسعار للنفط الروسي لهي دليل دامغ على الأزمة والمأزق الأيديولوجي للغرب.
فالغرب لطالما كان عنصريا ونازيا، وفي العقود الأخيرة فقط تعاظمت فكرة تفرّده لتأخذ شكل الإيمان الأعمى بأن الغرب دائما على حق، وهو في تقدمه على البشرية جمعاء يمتلك بالتالي الحق في فرض نماذج واتخاذ قرارات بشأن دول أخرى.
تؤدي هذه الثقة بالنفس إلى محاولات طوباوية مستمرة في عدد من المجالات، بدءا من فرض أجندة انتحارية لمجتمع المثليين LGBT، وانتهاء بمحاولة إلغاء اقتصاد السوق على نطاق عالمي.
ورأينا كيف خلقت “الطاقة الخضراء” العام الماضي فعليا أزمة طاقة في أوروبا، قبل وقت طويل من الأحداث في أوكرانيا.
تقوم بعض الدول الأوروبية الآن بفرض حد أقصى لأسعار الكهرباء، وهو ما سيؤدي إما إلى خسائر وإيقاف لمحطات توليد الكهرباء، أو سيتطلب دعما هائلا وتفجيرا مدويا للموازنات الحكومية لهذه الدول.
كذلك فلن يعمل سقف أسعار النفط الروسي، وسوف تتجاوزه وتتحايل عليه حتى الشركات الأوروبية نفسها.
على أي حال، كل ذلك سيؤدي إلى زيادة إضافية في أسعار الطاقة، وتسريع انزلاق الغرب نحو الأزمة.