تيريز القسيس صعب
خاص_ رأي سياسي
من المتوقع ان تعقد نهاية الشهر الحالي قمة “بريكس” في دورتها ال١٥ في جنوب أفريقيا تحت شعار “بريكس وأفريقيا “شراكة من أجل النمو المتسارع المتبادل، والتنمية المستدامة، والتعددية الشاملة”.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دول المجموعة روسيا، الصين، الهند، جنوب افريقيا، والبرازيل، إلى ضم أعضاء جدد، لكي تصبح ذات فاعلية أقوى في الساحة الدولية، تعمل على إعادة التوازن في النظام الدولي، وإصلاح المؤسسات الدولية خدمة لمصالح الأسرة الدولية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تعطيل انضمام بعض الدول إلى هذا التكتل، وذلك مخافة من ان تصبح الكتلة الاقتصادية والامنية الاقوى سياسيا واقتصاديا خلال السنوات المقبلة.
وخلال هذا العام اعلنت اكثر من ٦دول أفريقية رغبتها في الانضمام إلى مجموعة “بريكس” ليبلغ العدد الإجمالي للمرشحين المحتملين حوالى٢٠ دولة من بينهم السعودية، الامارات، مصر، السنغال، نيجيريا، الجزائر، ايران وغيرهم….
ويظهر جليا ان قادة “بريكس” يسعون إلى تعزيز وتقوية المجموعة بغض النظر عن القوة الاستراتيجية للأعضاء الجدد، وذلك بهدف خلق تكتل اقتصادي كبير ينافس اقوى واعظم دول العالم.
أهداف استراتيجية
تاسست مجموعة “بريكس” في ايلول ٢٠٠٦، وتضم ٥ دول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب أفريقيا.
ويهدف تكتل “بريكس” الاقتصادي العالمي إلى تقديم المساعدة المالية للدول الأعضاء، وغير الأعضاء، وتحقيق التنمية والتعاون، ودعم المشاريع والبنية التحتية، وتحقيق التكامل الاقتصادي للدول الأعضاء.
ويعتبر خبراء اقتصاديون ان اهداف هذا التكتل تكمن في إقامة نظام متعدد الأقطاب ينافس مجموعة السبع الدولية التي تمثل ٦٠% من الثروة العالمية، فيما تمثل دول بريكس ٤٠% من تلك المساحة، اضافة الى تحقيق التنمية والتعاون فيما بينها، ودعم السلام والأمن والتنمية الاقتصادية في العالم.
وتؤكد مراجع اقتصادية ان دول بريكس تسهم بـ ٢٣% من الاقتصاد العالمي، و١٨% من تجارة السلع، و٢٥% من الاستثمار الأجنبي، فتجعلها قوة استراتيجية مهمة لا يمكن تجاهلها.
وتشير المعلومات إلى أن القمة المرتقبة في نهاية الشهر الجاري من شانها إقرار طلبات الدول الراغبة للانضمام إلى هذا التكتل، اضافة الى أمور اقتصادية عالمية من شانها مساعدة الدول التي تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة.
وترغب الدول الجديدة مواجهة الازمات الاقتصادية العالمية المتمثلة في الغذاء والطاقة والمناخ، وجذب الاستثمار، وذلك عبر الانضمام إلى تكتلات اقتصادية عالمية قوية.
وفي الاطار عينه، تسعى مجموعة “بريكس” ألى تغيير وتبديل الاحادية الاقتصادية التي تحكم العالم. فهناك دول تفكر في إحداث تبدلات كبيرة في هذا النظام. كما أن الأرقام الاقتصادية التي صدرت مؤخرًا عن المجموعة تشير الى ان ارقام” بريكس” تفوق مجموعة دول السبع الأكثر تقدمًا في العالم، حيث وصلت مساهمة “بريكس” إلى ٣١،٥% في الاقتصاد العالمي، مقابل ٣٠،٧% للقوى السبع الصناعية.
منافسة السبع
تعقد قمم مجموعة “بريكس” مرة واحدة كل سنة. وتقوم الدولة التي تترأس المجموعة بتنظيم القمة التي تستضيفها، ويتم التنسيق على اختيار الدولة التي ستعقد القمة المقبلة بعد نهاية كل قمة.
فالرابط السياسي الذي يجمع دول هذه المجموعة، يتمثل في رفض السيطرة الغربية على الاقتصاد والسياسة العالمية، وهذا ما قد تسببت في إزمات الاقتصاد العالمي الذي تعانيه مختلف دول العالم.
وكما يتبين ان مجموعة “بريكس” تحاول منافسة مجموعة السبع التي تمثل ٦٠% من الثروة العالمية، فيما تمثل دول بريكس ٤٠% من مساحة العالم.
وارتكزت فكرة تأسيس مجموعة “بريكس” على تحقيق التوازن الدولي والخروج من سيطرة الغرب الاقتصادية، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في المجالات كافة، إذ يعد أحد أهداف إنشاء التكتل إقامة نظام عالمي مُتعدد الأقطاب.
هذا الامر تصاعدت وتيرته في الفترة الأخيرة، بعد طلب عدد من الدول الانضمام اليها، كما أخذت اهتمامًا أكبر بعد الحرب الأوكرانية، والتخبط القائم في النظام العالمي، والاتجاه نحو تكتلات جيو-سياسية وجيو-اقتصادية جديدة.
كذلك الامر تعتبر هذه المجموعة الاقوى من مجموعة السبع من حيث أن الدول الاعضاء يمثلون الصناعات الاكثر قوة مثل الصين والهند، اضافة الى روسيا التي تعتبر اكبر مصدر للطاقة في العالم….
واللافت ان اعضاء هذه المجموعة لعبوا دورًا مؤثرا في تحييد أو تقليل تأثير العقوبات الاقتصادية على روسيا مؤخرًا، بعد أن رفضت الانضمام للعقوبات الاقتصادية، وبقيت تتعامل مع موسكو في مجال النفط والغاز.
وفي الإطار عينه، تحاول دول مجموعة بريكس، خاصة بعد الأزمة الأوكرانية، تفعيل وتبادل العملات المحلية بين دولها من أجل كسر الدولار الاميركي وتخطيه، بهدف التعويل على سعر النفط ومبيعات البترول في محاولة لتحقيق أحلامها.
ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تنتج بلدان مجموعة بريكس ٥٠% من الناتج المحلي العالمي بحلول عام ٢٠٣٠.
ولاظهار قوتها وقدرتها الاقتصادية والمالية العالمي أنشأت المجموعة “بنك التنمية الجديد” برأس مالي أولي قدره ٥٠ مليار دولار، مع وضع احتياطات نقدية طارئة تدعم الدول التي تعمل على سداد ديونها.
هذا الامر اعتبره الخبراء أنه قد يزيد من نفوذ “بريكس” عالميًا، حيث تلجأ إليها الدول التي تعاني سياسات المؤسسات المالية الدولية، وهو ما اتضح حين بدأت دول، مثل مصر وبنغلاديش، في الاكتتاب في البنك بمليارات الدولارات.
في الخلاصة تلعب منظومة دول بريكس دورًا مهمًا في إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري العادل.
كما تسعى إلى تعزيز توازن القوى الاقتصادية العالمية وزيادة تأثير الدول النشأة في صياغة سياسات الاقتصاد العالمي.
واخيرا وليس آخرا، يتوقع أن يستمر دور هذه المجموعة العالمية في تحقيق التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي وذلك عبر انضمام دول جديدة إليها مما قد يسهم في
صناعة القرار وتعزيز التوازن في النظام الاقتصادي العالمي.