هل تلتزم إسرائيل بوعدها بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة؟
كتب جيما كرو وتوم سبندر, في “BBC” :
أعلنت إسرائيل أنها تقوم ببناء معبر بري جديد يصل إلى شمال غزة، حيث تشتد حدة المجاعة، بعد أن وعدت في السابق بفتح معبر بيت حانون (إيرز)، ويقول مسؤولون إسرائيليون إن المعبر الجديد سيتعامل مع ما يصل إلى 50 شاحنة مساعدات يوميا، وقد عبرته الشاحنات الأولى بالفعل.
وأشارت إسرائيل أيضًا إلى أنها ستسمح باستخدام ميناء أسدود على بعد مسافة قصيرة إلى الشمال، بالإضافة إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات من الأردن عبر معبر كرم أبو سالم جنوبي غزة.
ويوم الأربعاء 10 نيسان/أبريل، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن زيادة تدريجية في إدخال المساعدات إلى غزة لتعود إلى مستويات ما قبل الحرب البالغة 500 شاحنة يوميًا.
وارتفع عدد الشاحنات التي دخلت غزة – قبل أن ينخفض خلال الأسبوع – مع دخول 147 شاحنة فقط إلى غزة يوم الخميس.
ويأتي ذلك في أعقاب مقتل سبعة من عمال الإغاثة على يد الجيش الإسرائيلي في الأول من أبريل/نيسان، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى مطالبة إسرائيل بمنع إلحاق الأذى بالمدنيين و والتسبب بمزيد من المعاناة الإنسانية، إذا أرادت الحفاظ على الدعم الأمريكي.
وفرضت إسرائيل حصارا على غزة بعد أن هاجمت حماس البلدات الإسرائيلية المجاورة، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز نحو 250 إلى غزة كرهائن.
وردت إسرائيل بحملة جوية وبرية على غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم من المدنيين وفقا لوزارة الصحة في القطاع.
وسمحت السلطات الإسرائيلية منذ ذلك الحين بدخول بعض المساعدات، لكن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة تقول إن بعض الأطفال ماتوا بسبب سوء التغذية.
وقالت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يوم الأربعاء، إن أجزاءاً من غزة تعاني بالفعل من ظروف المجاعة.
كم عدد الشاحنات التي تدخل الآن؟
ارتفع عدد الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية وغيرها من المساعدات التي تدخل غزة، ولكنه انخفض مرة أخرى منذ ذلك الحين.
وفي 8 أبريل/نيسان، دخلت 419 شاحنة مساعدات، وفقاً للسلطات الإسرائيلية، بما في ذلك 330 شاحنة تحمل الغذاء – أي أكثر من ضعف المتوسط المقدر بـ140 شاحنة طعام يومياً في شهر مارس/آذار.
ومع ذلك، قال مسؤولون في الأمم المتحدة لبي بي سي، إن الرقم الذي تم تسجيله في 8 أبريل/نيسان كان في الواقع 223، أي أقل من نصف العدد اليومي الذي تقول المنظمة الأممية إنه مطلوب كحد أدنى لوقف الأزمة.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة لبي بي سي، إن هذا التناقض يرجع إلى أن متطلبات الفحص الإسرائيلية تعني أن الشاحنات غالبا ما تكون نصف ممتلئة فقط، وبعد عمليات التفتيش على الحدود، يتم نقل البضائع إلى مجموعة جديدة من الشاحنات التي تم فحصها للسفر إلى غزة، والتي يتم ملؤها بأقلّ من طاقتها الاستيعابية.
وقالت هيئة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية التي تنسق الأنشطة الحكومية في الأراضي الفلسطينية يوم الجمعة، إن 147 شاحنة محملة بالمساعدات دخلت غزة فقط، بينما تم توزيع 208 شاحنات، بما في ذلك 112 شاحنة تحتوي على أغذية، داخل غزة.
ومن بينها عدد غير معلوم من شاحنات الغذاء التي دخلت عبر المعبر الحدودي الجديد إلى شمال غزة، والذي ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه كان بالقرب من كيبوتز زيكيم، غرب معبر بيت حانون.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الشاحنات كانت برفقة جنود من الجيش الإسرائيلي.
وقال فيليب لازاريني، رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، الجمعة، إن الزيادة في المساعدات “ليست ملموسة بعد، أو مستدامة أو متواصلة”.
إلقاء اللوم على العنف والمجاعة
واتهمت وكالات إنسانية ودول أخرى – من بينها حليفة لإسرائيل – إسرائيل بعدم القيام بما يكفي لضمان وصول الغذاء إلى من يحتاجون إليه، فيما اتهمت دول أخرى إسرائيل باستخدام المجاعة كسلاح حرب.
وتخضع جميع المساعدات لفحوصات أمنية إسرائيلية صارمة تهدف إلى منع أي شيء يمكن أن تستخدمه حماس من الدخول إلى القطاع، لكن جماعات الإغاثة تقول إن هذه الإجراءات معقدة وتعسفية، وتتسبب في تأخيرات كبيرة.
وتنفي إسرائيل عرقلة دخول المساعدات إلى غزة وتتهم منظمات الإغاثة بالفشل في توزيعها، وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة يوم الخميس إن مئات شاحنات المساعدات في انتظار نقلها داخل غزة، وأضافت: ” على الأمم المتحدة أن تقوم بعملها، الاختناقات ليست في الجانب الإسرائيلي”.
ومع تدهور الأوضاع، رافق تسليم المساعدات داخل غزة أيضًا أعمال عنف مميتة.
وفي إحدى الحوادث، قتل الجيش الإسرائيلي سبعة من عمال الإغاثة الذين يعملون في مؤسسة المطبخ العالمي الخيرية، وهي مؤسسة خيرية كانت إسرائيل تعمل معها لتوزيع المساعدات القادمة بالقوارب من قبرص، واعتذرت إسرائيل عن الحادث واتخذت إجراءات ضد الوحدة المعنية.
وتكررت تقارير تتحدث عن إطلاق النار على الفلسطينيين الذين تجمعوا للحصول على المساعدات القليلة التي وصلت إلى شمال غزة، واتهمت وزارة الصحة في غزة وفلسطينيون القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على الأشخاص اليائسين.
وفي الحادث الأكثر دموية، قُتل أكثر من 100 شخص في 29 فبراير/شباط عندما وصلت قافلة إلى شارع الرشيد في مدينة غزة.
ونفت إسرائيل ضلوعها في مقتل الفلسطينيين قائلة إن الفلسطينيين لقوا حتفهم بسبب التدافع أو دهستهم شاحنات أو أطلق عليهم مسلحون فلسطينيون النار، وإنه عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار كانت تستهدف أشخاصا تعتبرهم “مشتبها بهم”.
ومنعت إسرائيل الأونروا من تقديم المساعدات إلى شمال غزة بسبب مزاعم بأن بعض موظفيها شاركوا في هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية “كوغات” إن إسرائيل ستعمل مع المنظمات “غير المتورطة في الإرهاب”.
ووصفت مجموعة الأزمات الدولية النهج الذي تتبعه إسرائيل في توزيع المساعدات بأنه “فشل ذريع”، متهمة إياها “بالفشل في تنسيق العمل العسكري مع العمل الإنساني”.
وقالت أيضا إن إسرائيل تحاول الالتفاف حول نظام المساعدات الدولي وتستخدم بدلا من ذلك قوافل المساعدات كوسيلة لمحاولة بناء شبكة لإدارة غزة بعد الحرب.
وقال المركز البحثي: “إسرائيل توجه المساعدات إلى العائلات الكبيرة التي توافق على تبني أجندتها، بينما تستهدف أولئك الذين يرفضون” .
وقال فولكر تورك، كبير مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مؤخراً، إن إسرائيل تتحمل قدراً كبيراً من اللوم، وأن هناك حالة “ممكنة” مفادها أن إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح في الحرب في غزة.
وقال تورك، وهو مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إنه إذا ثبتت نية إسرائيل، فإن ذلك سيكون بمثابة جريمة حرب.
ورفض وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات تحذيرات تورك ووصفها بأنها “محض هراء – وهو أمر غير مسؤول على الإطلاق”.
ما هو ميناء أسدود وكيف سيساعد ؟
ميناء أسدود، الذي يقع على بعد 32 كيلومترا شمالي غزة، هو أحد موانئ الشحن الرئيسية الثلاثة في إسرائيل ويمكنه التعامل مع أكثر من 1.5 مليون حاوية سنويا.
ومع ذلك، لم ترد أي تقارير عن وصول شحنات المساعدات لغزة عبر أسدود، وذكرت القناة 12 الإسرائيلية يوم الأربعاء أنه لم يتم اتخاذ أي استعدادات لفتح أسدود أمام الشحنات الإنسانية.
ونظراً لعدم وصول مساعدات كافية إلى غزة عن طريق البر، فقد حاولت البلدان تجربة طرق بديلة جواً وبحراً – ولكن هذه الطرق أيضاً تواجه عدة مشاكل.
من بين مخططين لإيصال الغذاء والمساعدات الأخرى إلى غزة عن طريق البحر، بدأ تشغيل مخطط واحد فقط وقد تم إيقافه مؤقتًا بعد أن هاجم الجيش الإسرائيلي مؤسسة المطبخ العالمي الخيرية، وهي وكالة المعونة التي كانت تفرغ وتوزع المساعدات القادمة من البحر.
ووصلت الشهر الماضي، أول سفينة إلى غزة بموجب خطة لإيصال المساعدات من قبرص – أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى غزة – وكانت تحمل حوالي 200 طن من المواد الغذائية المقدمة من مؤسسة المطبخ العالمي الخيرية.
وبحلول أواخر شهر مارس/آذار، قال رئيس مؤسسة المطبخ العالمي الخيرية، خوسيه أندريس، إن 67 مطبخاً من مطابخ المؤسسة الخيرية كانت تعمل في غزة، وتقوم بإطعام 350,000 شخص يومياً.
وفي الوقت نفسه، هناك خطة عسكرية أمريكية منفصلة قيد التنفيذ، إذ تتوجه سفينة تابعة للبحرية الأمريكية إلى غزة حاملة مواد لبناء رصيف عائم، لتمكين سفن الشحن الأكبر حجمًا من الوصول إلى الشاطئ.
ووفقا لوزارة الدفاع الأمريكية، فإن ذلك يعني إمكانية دخول مليوني وجبة يوميا إلى غزة، لكن من غير المتوقع أن يكون الرصيف جاهزا قبل أشهر.
اللجوء إلى الإنزال الجوي
وكانت الولايات المتحدة والأردن ومصر وفرنسا وهولندا وبلجيكا من بين الدول التي قامت بإسقاط المساعدات جواً على غزة، لكن جماعات الإغاثة تقول إن هذه التقنية هي الملاذ الأخير الذي لا يمكنه تلبية الاحتياجات بمفرده.
وأفادت التقارير أن ما لا يقل عن 20 فلسطينياً قُتلوا أثناء عمليات الإنزال الجوي – خمسة منهم عندما تعطلت مظلة حزمة مساعدات وسقط الصندوق على الأشخاص الذين كانوا ينتظرون في الأسفل، والآخرون عندما سقطت طرود المساعدات في البحر وغرق أشخاص أثناء محاولة استرجاعها.
وعادة ما تقوم القوات الجوية، مثل سلاح الجو الملكي البريطاني، بإسقاط المساعدات على ارتفاع منخفض يصل إلى 400 قدم (120 مترًا)، لكن الإسرائيليين اشترطوا أن يفعلوا ذلك على ارتفاع لا يقل عن 2000 قدم (610 أمتار).
وهذا يعني أن المظلات أمامها وقت طويل للوصول إلى الأرض، ويمكن أن تنحرف عن مسارها بسبب الرياح، وهذا هو السبب وراء سقوط بعض الإنزالات الجوية في البحر خلال الأسابيع الأخيرة.
ويمكن لطائرة نقل من طراز C-130 أن تحمل 21 طناً من المساعدات، وهي نفس الكمية التي يمكن أن تحملها شاحنة واحدة تقريباً، إلا أنه لا توجد طريقة لتنظيم التوزيع على الأرض.
وكانت المساعدات الأولية التي قدمتها الولايات المتحدة في الثالث من مارس/آذار، والتي تم تنفيذها بالاشتراك مع الأردن، تحتوي على ما يكفي من المواد لإعداد أكثر من 38,000 وجبة.
وفي 11 أبريل/نيسان، قالت القيادة المركزية الأمريكية، إن الولايات المتحدة أسقطت 855 طناً من المساعدات الإنسانية إجمالاً.