حسين زلغوط – خاص “رأي سياسي” :
هل يكون الخلاف الأميركي – الإسرائيلي حول مسألة إجتياح رفح وطريقة التخلص من قادة “حماس” بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين الرئيس جو بايدن وبنيامين نتنياهو، أم أن ما يعلن في هذا الصدد مجرد مناورات كل واحد منهما يوظفها في العلن لمصلحتها الخاصة؟
ما من شك أن العالم بأسره يعلم أنه لو أرادت الولايات المتحدة وضع حد للحرب الدائرة في غزة لكان ذلك حصل في أقل من دقيقة، حيث يكفي أن يعلن البيت الأبيض وقف المساعدات العسكرية لتل ابيب، ولكانت أميركا إمتنعت عن استخدام حق الفيتو في وجه أي قرار يطرح في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة، غير أن ما يحصل من اختلاف في الموقف بين واشنطن واسرائيل مجرد اختلاف في التكتيك وليس في الإستراتيجيات، حيث يتفق الطرفين على استمرار الحرب انما بطرق مختلفة ولأجل غايات متعددة، يأتي في مقدمها أن نتنياهو يريد استمرار الحرب من إجل إطالة عمره السياسي والتفلت من العقاب الذي ينتظره داخل اسرائيل لأكثر من سبب، وبايدن يريد إظهار نفسه بمظهر الحمل الوديع بعد أن شعر أن البساط الرئاسي بدأ يسحب من تحت قدميه بفعل انحيازه الأعمى إلى جانب الجرائم الإسرائيلية التي أرتكبت بحق الشعب الفلسطيني في غزة منذ حوالي خمسة أشهر ونصف إلى الآن. وفي هذا السياق فإن الصراع الحالي تحول الى صراع شخصي أكثر مما هو حول الحرب ونتائجها، فالرئيس بايدن بدأ يشعر بأن نتنياهو يضع ما يملك من قوة لإسقاطه في المعركة الرئاسية في الخريف المقبل عن طريق النفوذ الكبير الذي يتمتع به اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة، ونتنياهو في المقابل يتهم الرئيس الأميركي بأنه يريد إنهاء حياته السياسية من خلال تحريض وزراء في حكومته عليه، وكذلك تحريض أهالي المعتقلين الاسرائيلين لدى حركة “حماس”، ومن هنا فإن الرجلين يتعاطان مع بعضهما البعض بحذر ولأجل ذلك يتبين ان هناك صراع، وهذا الصراع إن وجد هو صراع على الطريقة وليس على الهدف.
من هنا فإن الجولة السادسة لوزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن الى مصر والسعودية، بهدف التفتيش عن مخارج لوقف النار، لن تكون نتائجها مختلفة عن سابقاتها، والدليل أن واشنطن لم تضغط ما فيه الكفاية على اسرائيل خلال المفاوضات التي جرت أخيراً ، ولأجل ذلك فشلت الأطرف المعنية في فرض هدنة انسانية لبضعة أسابيع في غزة، وبفعل ذلك فإن عودة بلينكن الى المنطقة لا جدوى منها، سيما وأن شمول جولته تل أبيب لم يحسم بعد، وإن كانت وسائل اعلامية اسرائيلية تتحدث عن أن الوزير الأميركي سيزور اسرائيل الجمعة لبضعة ساعات.
من هنا فإن ما يجري الى الآن بين بايدن ونتنياهو لا يعدو كونه فيلم أميركي قصير هذه المرة، على قاعدة كل يغني على ليلاه ، فالأول يستخدم هذه الحرب ورقة للفوز من خلالها في معركته الرئاسية التي على ما يبدو ستكون قاسية عليه، والثاني يطيل أمدها ليبقى متربعاً على كرسي رئاسة الحكومة أكبر قدر من الوقت.
ولأجل ذلك فإن عمر الحرب طويل وان تم الإتفاق على هدنة، فالولايات المتحدة ستبقى تمد اسرائيل بالسلاح لأنها ولأسباب داخلية أكثر منها خارجية لا تستطيع أن تفعل غير ذلك ، وتل أبيب لن تتراجع عن هدف القضاء على قيادة “حماس” إن استطاعت. من هنا فإن معلومات موثوقة تؤكد بأن محور الممانعة بدأ يتحضر على أساس أن أي هجوم اسرائيلي على رفح، سيجابه من قبل ألمحور على عدة جبهات وبقوة لا يتصورها أحد، ولن يبقى الأمر محصوراً بالجبهة في جنوب لبنان ، فالمقاومة وفق مصادر تدور في فلكها ، لن تترك اسرائيل تقضي على ما تعتبره رأس حربتها في المنطقة، كما ان واشنطن والدول الداعمة لاسرائيل الذين يعون مخاطر الاقدام على اجتياح رفح، يتدخلون لدى نتنياهو لحمله على عدم القيام بهذه الخطوة التي إن حصلت ستكون لها إرتدادات قوية على المنطقة والعالم.