هل تقترب دورة التشديد النقدي في أميركا من النهاية؟
أعلنت وزارة العمل الأميركية في واشنطن بيان التضخم لشهر يونيو (حزيران) 2023 الذي سجل المستوى الأدنى له خلال عامين وبلغ الارتفاع السنوي لمؤشر أسعار المستهلكين ثلاثة في المئة الشهر الماضي أقل من توقعات الخبراء، على أمل في اقتراب “الاحتياطي الفيدرالي” (البنك المركزي الأميركي) من إنهاء دورة التشديد النقدي التي بدأت في مارس (أذار) 2022.
على رغم هذه التراجعات في معدل التضخم لا تزال السوق تتوقع زيادة بـ25 نقطة أساس للفائدة الأميركية هذا الشهر عندما يجتمع “الفيدرالي” في الـ25 والـ26 من يوليو (تموز) الجاري، وتشير توقعات الخبراء والأسواق إلى أن “الفيدرالي” سيرفع الفائدة لمستوى 5.25- 5.50 في المئة.
تقيس أداة “فيد ووتش” احتمالات التغير في أسعار الفائدة مستقبلاً وتعلن عن هذه التوقعات، وبعد بيان التضخم الأخير لا تزال احتمالات الزيادة عند مستوى 92.4 في المئة لجهة أن يرفع “الاحتياطي الفيدرالي” سعر الفائدة هذا الشهر.
اقتراب نهاية دورة التشديد النقدي في أميركا
يواجه “الفيدرالي الأميركي” التضخم المرتفع منذ العام الماضي باستخدام أدوات السياسة النقدية، ويلجأ إلى التشديد (رفع سعر الفائدة) عندما تصعد معدلات التضخم الذي بدوره يخلق حالاً من عدم استقرار الأسعار ودور “الفيدرالي” الأساسي بحسب تفويض الكونغرس هو المحافظة على استقرار الأسعار، مما يفسر قيامه برفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة لم تشهدها الأسواق منذ أربعة عقود بإجمالي 500 نقطة أساس في زمن قياسي خلال 10 اجتماعات متتالية بداية من مارس 2022 وحتى يونيو (حزيران) الماضي.
في تصريحات حديثة أشار رئيس “الفيدرالي” في شيكاغو أوستان غولسبي إلى أن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأخيرة تظهر مساراً إيجابياً نحو خفض التضخم على رغم أن المستوى لا يزال بعيداً من هدف السياسة النقدية.
ويلفت إلى أن “الفيدرالي” عازم على خفض التضخم والسيطرة على الأسعار من دون دفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود، وهذا التصريح يؤكد أن “المركزي” سيسرع الانتهاء من التشديد النقدي في وقت أقرب مما تتوقع الأسواق.
بالنظر إلى أداة “فيد ووتش” فإن الأسواق تتوقع أن أول خفض لسعر الفائدة سيكون في الـ31 من يناير (كانون الثاني) 2024 وترجح سعر الفائدة عند مستوى 5.00- 5.25 في المئة وهذا يعني خفض سعر الفائدة بعد الرفع المقبل، وهناك تقديرات بأن يكون الخفض الثاني لسعر الفائدة في الـ 20 من مارس 2024.
منحنى العائد لا يساعد في مزيد من التشديد
لا يزال منحنى العائد يرسل إشارات مقلقة إلى الأسواق، فمثلاً العائد على سندات الخزانة الأميركية بأجل عامين لا يزال عند مستوى 4.74 في المئة بينما العائد على السندات لأجل 10 أعوام 3.86 في المئة (الفرق بينهما هو 0.88 في المئة) وهذا الفرق قريب من المستوى الذي حدث عام 1981 وخلق حال منحنى العائد المعكوس، ويحصل ذلك عندما ترفع عوائد السندات قصيرة الأجل فوق عوائد السندات طويلة الأجل، وتفسير الأمر أن المستثمرين يقومون ببيع السندات قصيرة الأجل بوتيرة أعلى مقارنة بالسندات طويلة الأجل بسبب عدم ثقتهم بأداء الاقتصاد على المدى القصير وغالباً ما تلازم الفترة التي تسبق الركود الاقتصادي هذا المنحنى المعكوس منذ أكثر من عام، في حين أن هذه الإشارات ستضغط على “الفيدرالي الأميركي” لينهي دورة التشديد تحسباً لتأثير زيادة الفائدة في الاقتصاد وفي كلفة التمويل الفترة المقبلة.