أبرزرأي

هل تقارب الحكومة ملف النزوح على قاعدة “ما حك جلدك الا ظفرك”؟

حسين زلغوط, خاص موقع “رأس سياسي” :

لم تجرِ رياح المؤتمر الوزاري الثامن الذي نظَّمه الاتحاد الأوروبي في “بروكسل” لدعم مستقبل سوريا والجوار، مع بداية هذا الإسبوع كما كانت تشتهي السفن اللبنانية في ما خص النزوح السوري بعد أن أجمع المشاركون في المؤتمر على رفض أي حديث عن عودة محتملة للنازحين إلى بلدهم بحجة أن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيأة.
وقد حاول وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي مثّل لبنان في هذا المؤتمر من خلال مروحة اللقاءات التي اجراها مع نظرائه المشاركين ومسؤولين اوروبيين إقناعهم بوجهة النظر اللبنانية الداعية الى إعادة النازحين الى مناطقهم، بعد ان اصبح وجودهم يشكل عبئاً مالياً واقتصادياً لم يعد في مقدوره تحملها، اضافة الى ارتفاع نسبة الجريمة والخوف من ان يؤدي الاحتقان في الشارع الى انفجار أمني تكون عواقبه وخيمة على الجميع، غير أنه خاب ظنه، وقد وصل الى قناعة تامة مفادها أن المجتمع الدولي ليس في وارد التجاوب مع المطالب اللبنانية، لا بل إنه لا يريد في المدى المنظور وضع خارطة طريق حقيقة وفاعلة تؤمن هذه العودة.
وقد بدا جليا من خلال المقررات التي انتهى اليها المؤتمر، أن رحلة عودة النازحين ستكون طويلة، وأن إمكانية أن يتخذ لبنان من جانب واحد اي اجراءات تتعلق بهذه العودة على مستوى واسع شبه معدومة لا بل مستحيلة على كافة الصعد.
ويبدو ان الحكومة التي شعرت أنها تُركت وحيدة في مؤتمر “بروكسل” لا ناصر لها ولا معين دولي يدعمها في مطلبها بعودة النازحين، تريد أن تسلك الطريق الأقصر لتحقيق هذا الهدف وهو الجلوس وجهاً لوجه مع المسؤولين السوريين لبحث هذا الملف، وباكورة التحرك الجديد للحكومة اللبنانية سيكون تشكيل لجنة سياسية – تقنية برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، مهمتها التواصل مع مسؤولين سوريين للبحث في السبل الآيلة الى تحقيق العودة الآمنة للنازحين ووضع المجتمع الدولي تحت الأمر الواقع .
واذا كان من الصعب الحكم المسبق على نتائج اي تواصل لبناني – سوري بشأن ملف النازحين غير أن مجرد جلوس الفريقين المعنيين بالملف يشكل خطوة على طريق الألف ميل التي كان يفترض بلبنان أن يخطوها منذ سنوات في سبيل معالجة هذا الملف الذي هو من بين ابرز الملفات الخطيرة التي تتهدد لبنان.


ووفق مصادر متابعة لملف النزوح أن الحكومة سارعت في جلستها الاخيرة الى الاتفاق على تشكيل اللجنة التي سيحدد من هم اعضاؤها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، بعد أن توصلت الى قناعة تامة بأن المجتمع الدولي وفي مقدمهم واشنطن لا يريد حل أزمة النازحين على الإطلاق، وأنه بات على لبنان القيام بخطوات عملانية لوضع إطار محدد لتأمين العودة وهذا من الممكن تحقيقه من خلال التفاهم مع الحكومة السورية بالمباشر وليس بالواسطة او عبر وسائل الاعلام، وفي حال لم تلق اللجنة المنوي تشكيلها المصير ذاته الذي لقيته اللجان التي شكلت على مدى سنوات وبقي تشكيلها حبراً على ورق ولم تقم بالمطلوب منها ولم يحصل أي تقدّم بالملف لأسباب تتعلق بلبنان وسوريا ايضاً .

وفي اعتقاد المصادر انه بعد المواقف الدولية التي ظهرت في “بروكسل” وعبر لسان مسؤولين أميركيين وأوروبيين، والتي تصب جميعها في خانة بقاء النازحين حيث هم، مع استخدام لغة الترهيب والترغيب, لم يبقَ امام لبنان وسوريا سوى حل المشكلة بالتنسيق بينهما وبما يتلاءم مع مصلحتهما، ويبدو ان الحكومة اللبنانية تأخذ هذا بعين الاعتبار هذه المرة وهي أخذت خيار الاعتماد على قاعدة “ما حك جلدك الا ظفرك”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى