حسين زلغوط – خاص رأي سياسي :
تعج الاتصالات واللقاءات على مساحة المنطقة في سبيل وضع حد للحرب في غزة، بالتوازي مع السعي لعدم اتساع رقعة هذه الحرب في الجنوب، غير أن هذه الاتصالات الى الآن لم ينتج عنها ما يعّول عليه في تحقيق وقف النار في غزة، غير ان هذه الاتصالات حتى الساعة ما تزال تمنع “حزب الله” واسرائيل من تجاوز قواعد الاشتباك المرسومة منذ العام 2006، على الرغم من الخروقات التي تحصل والتي كان اكبرها أمس.
والسؤال الذي يطرح هل سيبقى الوضع العسكري ملجوماً الى وقت بعيد، أم انه سيتطور بالاتجاه السلبي وبالتالي نكون أمام الحرب الكبرى التي كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد حذر منها منذ عدة شهور؟
المتابع لمسار الأمور يرى أن كل شيء وارد، فإمكان عدم اتساع الحرب واردة، والذهاب الى الحرب الكبرى واردة، حيث هناك تسابق بينهما ما زال الى الآن متعادلاً، فعوامل اتساع الحرب في الجنوب موجودة، وكذلك فإن عوامل حصرها ضمن قواعد الاشتباك موجودة، لكن الفارق هو أن “حزب الله” لا يريد هذه الحرب من منطلقات عديدة منها ما هو داخلي حيث أن الواقع السياسي كما الاقتصادي لا يساعدان، لكنه على استعداد كبير لخوضها ان حصلت، وفي المقابل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو هو الذي يسعى اليها ، لاسباب شخصية اكثر من انها وجودية كما يدّعي ، لكن من يكبح رغبته هو أولا ً انه يحسب الف حساب لمغامرته هذه، لأنه يدرك أن الحرب على لبنان لم تعد نزهة وان قوة “حزب الله” التي يتكشف عن بعضها يوما بعد يوم باتت تقلقه، وثانياً أن الولايات المتحدة ولغاية في نفس المرشح لولاية رئاسية ثانية جو بايدن ما زال يقف سدا منيعا أمام حصول هذه الحرب.
وفي هذ السياق تؤكد مصادر موثوقة على اطلاع واسع بما يجري، انه في حال جنحت اسرائيل باتجاه عدم توسعة الحرب فحزب الله سيجنح، واذا أخذت تل أبيب خيار التوسعة ، حكما سيذهب اليها الحزب بكل صلابة وقوة، وسيخوضها بباسلة غير معهودة، وستجد اسرائيل نفسها أمام مشهد لم تألفه منذ نشوء كيانها الغاصب.
من هنا تتابع المصادر أن اسرائيل التي استخدمت في كل الوقت الفاصل منذ العام 2006 ما لديها من تقنيات استخباراتية وتجسسية، مقتنعة بأن الحمل سيكون عليها ثقيل، وا ن دخول الحرب يعرف كيف يبدأ، أما نهايتها فستكون مجهولة، وهي الى الآن تتقدم خطوة في تفكيرها بتوسيع الحرب وتتراجع خطوات كثيرة الى الوراء، لأن القوة العسكرية لدى اسرائيل لم تعد هي ذاتها ، فمتى كانت اسرائيل منذ العام 1948 في موقع الدفاع وليس الهجوم، فالكل يعرف أن الحروب التي خاضتها طيلة السنوات السابقة ضد بعض الدول العربية لم تكن تحسب لها حساب وهي لم تستغرق وقتاً لتحقيق الاهداف، أما اليوم فالأمور مختلفة ، ان كان ذلك في غزة، أو جنوب لبنان، حيث تخوض تل ابيب أطول حرب لها على الإطلاق، وهي لأنها لم تتعود على ذلك باتت الآن متعبة، وتخوضها بشق النفس، لأنها منهكة ان على المستوى العسكري، أو على المستوى الاقتصاد الذي بلغ أعلى مستويات الانهيار في تاريخ اسرائيل التي باتت تفتش ولو على انتصار مهما كان حجمه لكي تقول أنها حققت اهدافها وتذهب الى هدنة يعقبها وقف النار الذي باتت تتمناه في حال تأمن ما يحفظ ماء وجهها الذي أصبح اسودا لدى الراي العام العالمي نتيجة الجرائم التي قامت بها ، والتي لم يسجل مثيلاً لها منذ عدة عقود.
وتخلص المصادر الى القول بإن انقشاع رؤية المشهد لم يعد طويلا ، وما هي الا أيام قليلة ويحدد مسار الأمور ، ذهاباً الى حرب ستكون قاسية ومكلفة ، أو جنوحا الى هدنة طويلة الأمد، وهذا ما المح اليه الرئيس نجيب ميقاتي منذ يومين بقوله أن الوضع خطير، لكننا قادمون على مرحلة من الإستقرار ستكون مستدامة.