هل تشكّل الإحتجاجات في إيران مخرجا من الوضع الحالي؟

أكدت منظمة حقوقية سقوط قتيل على الأقل في تجدد الاحتجاجات الإيرانية، في وقت مبكر أمس، حيث نزل إيرانيون للاحتفال بهزيمة المنتخب الإيراني لكرة القدم، أمام عدوها اللدود الولايات المتحدة، في وقت كشفت وثائق حصل عليها قراصنة من وكالة تابعة لـ«الحرس الثوري» أن 84 في المائة من الإيرانيين يعتقدون أن الاحتجاجات هي المخرج من الوضع الحالي
وخرج الإيرانيون في عدة مدن شهدت احتجاجات للاحتفال بخروج المنتخب الإيراني الذي أثارت مشاركته في بطولة كأس العالم لكرة القدم ردودا متباينة بين الإيرانيين
وتعالت أبواق السيارات في عدة أحياء من العاصمة طهران وكبريات المدن الإيرانية مثل مشهد وبوشهر وأردبيل، وكرمان، حسبما أظهرت مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، نشرتها منظمات حقوقية
وكان المنتخب الإيراني قد أثار جدلاً خلال مباراته الأولى عندما عزف اللاعبون عن ترديد النشيد الوطني، ومع ذلك، فإن الانتقادات للاعبي المنتخب والضغوط من الجماهير لم تتراجع، بعدما أغلق الاتحاد الدولي لكرة القدم الباب أمام المناشدات بإبعاد المنتخب الإيراني من البطولة
وذكرت تقارير أن لاعبي المنتخب الإيراني تعرضوا لضغوط من ضباط في «الحرس الثوري» بعد مباراتهم الأولى أمام إنجلترا التي خسروها بستة أهداف. وحاول المنتخب الإيراني إعادة بعض من توازنه في مباراة ويلز، عندما فاز بهدفين مقابل صفر، قبل أن ينهزم أمام المنتخب الأميركي ويخرج من البطولة
محتجون يضرمون النار في طريق سريع بمدينة دزفول شمال الأحواز (تويتر)
وبعد تأكد هزيمة الفريق الذي أطلق عليه بعض الإيرانيين تسمية «منتخب الجمهورية الإسلامية»، ردد سكان أحياء في شمال وغرب طهران، شعارات منددة بالنظام من المباني السكنية، وأظهرت مقاطع عديدة على شبكات التواصل صخب وأبواق سيارات في الطرق والأحياء السكنية
وأكدت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو مقتل مهران سماك 27 عاماً أثناء تجمع احتفالي بميناء أنزلي في شمال البلاد، مشيرة إلى إصابته بالرأس بعدما أطلقت قوات أمنية النيران على المتظاهرين. وقالت تقارير إنه أصيب أثناء قيادته لسيارته
ونشرت المنظمة تسجيلات فيديو تغريدات تتضمن احتفالات أهالي طهران. ولم يكن الوضع مختلفاً في المدن الأخرى التي شهدت احتجاجات. وفي مدينة مشهد، أطلق الإيرانيون ألعابا نارية احتفالا بهزيمة المنتخب
وفي مدينة سقط مسقط رأس الكردية مهسا أميني، التي أشعلت وفاتها فتيل الأزمة الأخيرة في إيران، أطلق سكان المدينة ألعابا نارية، كما شوهدت احتفالات مماثلة في مدن مهاباد ومريوان وباوه. ونزل عدد كبير من أهالي مدينة سنندج إلى شوارع المدينة للاحتفال، على وقع الدبكة الكردية
ونشرت منظمة هنغاو الحقوقية الكردية مقطع فيديو يظهر إطلاق الأبواق من السيارات والدراجات في شوارع مدينة مهاباد
وقال رسول خادم الرئيس السابق لاتحاد المصارعة والبطل السابق للعالم والألعاب الأولمبية، إن «إداء المسؤولين الإيرانيين في التعامل مع الاحتجاجات سبب فرحة الناس بعد هزيمة منتخب كرة القدم». ووجه سؤالا للمسؤولين «ماذا فعلتم بكرة القدم هذه الأيام لكي يعتبر المحتجون خسارة المنتخب الوطني، احتجاجاً على المؤسسة الحاكمة»
وكتب خادم «لا تلقوا باللوم على الأعداء في الخارج والمخدوعين في الداخل والمشاهير بسبب سوء إدارة مجموعات السلطة، والعدو الداخلي»
من جهتها أشارت وكالة الصحافة الفرنسية، إلى مشاعر متناقضة، «تراوحت بين تعبير عن الفرح بين المحتجين الذين ينظمون تظاهرات وتحركات رمزية ضد النظام، وحزن في البلد الذي يمر بظروف صعبة منذ حوالي ثلاثة أشهر»
وجاء في تغريدة أطلقها الصحافي الرياضي الإيراني سعيد زعفراني بعد الخسارة «من كان ليعتقد أنني سأقفز ثلاثة أمتار في الهواء احتفالاً بتسجيل الولايات المتحدة الهدف»
وأشارت الوكالة إلى تجمع مئات الأشخاص في برج طهران لتشجيع فريقهم وبينهم نساء يضعن الحجاب في بلد تواجه فيه النساء في كثير من الأحيان صعوبة في الوصول إلى الملاعب. وقال علي وهو متقاعد «أنا حزين لأن إيران لم تتمكن من هزم الولايات المتحدة، لكننا فخورون رغم ذلك بفريقنا ولاعبيه»
وكان حساب الناشط «وحيد أونلاين» الذي يتابعه أكثر من 350 ألفا على تويتر، قد أشار إلى استعدادات حكومية للاحتفال بفوز المنتخب الإيراني قرب برج طهران
وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان «هرانا» بناء على مصادرها في الداخل الإيراني أن 445 محتجاً بينهم 64 طفلاً قتلوا في الاحتجاجات الإيرانية منذ اندلاعها في 17 سبتمبر (أيلول) حتى 29 نوفمبر (تشرين الثاني). وأشارت إلى اعتقال 18185 شخصاً. وقالت إن 60 عنصراً من قوات الأمن قتلوا خلال الاحتجاجات التي هزت 157 مدينة و143 جامعة محتجة
وأوقفت السلطات الإيرانية ممثلة ومخرجاً يقفان وراء نشر مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على الإنترنت، يظهر ممثلين إيرانيين بينهم ممثلات بدون حجاب، يعبرون عن دعمهم للتظاهرات في البلاد. وذكرت «هرانا» أن المنتجة والممثلة سهيلا كلستاني والمخرج حميد بورآذري، أوقفا
من جانبه، ذكر القضاء الإيراني الأربعاء أنه قد يصدر أحكاما بالإعدام على 15 شخصاً بينهم امرأة وثلاثة قاصرين، متهمين جميعا بقتل أحد أفراد قوات الباسيج التابعة لـ«الحرس الثوري»، في أوائل نوفمبر خلال مراسم نظمها المتظاهرون بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاة أحدهم
وقالت السلطة القضائية على موقعها «ميزان أونلاين» إن «الجلسة الأولى لمهاجمي روح الله عجميان عقدت صباح اليوم (الأربعاء) في محافظة البرز» بالقرب من طهران. وأضاف المصدر نفسه أن «15 متهما متهمون بالإفساد في الأرض» وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام
وقال حسين فاضلي هاريكندي رئيس القضاء في محافظة البرز في 12 نوفمبر إن «المشاغبين هاجموا حارس الأمن هذا الذي كان أعزل وجردوه من ثيابه وطعنوه وضربوه بمقابض نحاسية وحجارة وركلوه ثم جروا جثته عارياً ونصف ميت إلى أسفلت الشارع وبين السيارات بطريقة مروعة»
وأعلنت وكالة ميزان في اليوم نفسه توجيه اتهامات إلى 11 شخصاً بينهم امرأة للاشتباه بقتلهم عجميان. وقال الموقع نفسه الأربعاء إن «ثلاثة من المتهمين يبلغون من العمر 17 عاماً»، موضحا أن «قضاياهم ستنظر فيها محكمة خاصة مختصة بجرائم الأحداث»
وعلى مدى اليومين الماضيين نشرت وسائل إعلام ناطقة باللغة الفارسية في الخارج تسريبات من وثائق، حصلت عليها مجموعة قراصنة أثناء اختراقها لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» في وقت سابق من هذا الأسبوع
وأرسلت مجموعة «بلاك ريوورد» مجموعة من الخطابات والبيانات والتسجيلات السرية حصلت عليها من وكالة «فارس». وتعود إحدى الوثائق إلى موجز خبري سري تعده الوكالة لقائد الحرس حسين سلامي، ويجمع أخبارا داخلية، وتصريحات المسؤولين وأرقاما بما في ذلك إحصائيات عن الاحتجاجات
ويقول أحد الأرقام إن 84 في المائة من الإيرانيين يعتقدون أن الاحتجاجات هي المخرج من الوضع الحالي، ويعتقد 56 في المائة بضرورة استمرار مسار الاحتجاجات. ويطالب 51 في المائة من الإيرانيين بـ«حرية الحجاب». وتقول الأرقام إن 53 في المائة من الإيرانيين مستاؤون من أعداء الشرطة. كما أن 48 في المائة لا يساورهم القلق من تجزئة إيران، بعدما حاولت السلطات الإيرانية اتهام مجموعات وصفتها بـ«الانفصالية» بتأجيج الاحتجاجات
وتشير تسريبات الموجز إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي تدخل شخصياً في قضية قمع احتجاجات محافظة بلوشستان. ورفض خامنئي مقترحاً من المجلس الأعلى للأمن القومي والشرطة الإيرانية بشأن اعتقال إمام جمعة زاهدان عبد الحميد إسماعيل زهي. وبحسب الموجز وجه خامنئي تعليمات بـ«المرونة» مع إمام جمعة زاهدان و«تضعيفه» تدريجياً حسبما أوردت قناة «بي بي سي» الفارسية
وأفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أمس أن رئيس القضاء في طهران علي القاصي مهر أمس تعليمات بفتح تحقيق في الاختراق الذي تعرضت له وكالة «فارس»