رأي

هل تساوم واشنطن عون على سلامة؟

كتبت روزانا بو منصف في صحيفة “النهار”:

عاملان اثنان يحولان دون رؤية الابعاد الحقيقية لخطوة رئيس الجمهورية ميشال عون في سعيه المتصاعد راهنا من اجل اطاحة حاكم المصرف المركزي #رياض سلامة من موقعه احدهما يتصل بالاسلوب القضائي المشوش والاستفزازي الذي يستخدمه عبر القاضية #غادة عون والذي يساهم في المزيد من إضعاف القضاء، والاخر يتصل بضعف مشاعر التعاطف مع اهدافه فيما ان غالبية سياسية وشعبية تحمله مسؤولية ما آل اليه البلد في عهده . ثمة معطيات لدى البعض تفيد بعدم تشكيل ما يسعى اليه عون ازاء اطاحة سلامه جديدا باي شكل من الاشكال قياسا على لقاءات لم يخفها رئيس الجمهورية امام زواره في العامين الاخيرين وقياسا على ان رئيس الحكومة السابق حسان دياب كان قدم مطالعة شهيرة وفجة ضد رياض سلامه في نيسان 2020 كانت تتويجا في الواقع لمساعي اطاحة سلامه لم تتكلل بالنجاح انذاك علما ان ثمة مفصلا اخر حصل في ١١ حزيران وانتهى بلقاء رئاسي ثلاثي سحب الموضوع من التداول انذاك . يسعى رئيس الجمهورية في الاشهر الاخيرة من ولايته إلى تصعيد الموقف حول سلامه واستخدام التطورات الاخيرة ورقة قوية في يده من اجل المساومة للحصول ليس على حاكمية المصرف فحسب بل على امور اخرى. ففي هذه المرحلة التي لم يعد فيها الكثير ليخسره في ظل الانهيار والعقوبات على صهره ما يهدد المستقبل السياسي للاخير ، من غير المرجح الا يستخدم ما يستطيع من اوراق من اجل تحصيل ما يمكن تحصيله . ورقة سلامه ووفقا لتحريك القضاء حتى ولو ممثلا بقاضية موالية له لا يقف في وجهها القضاء ، وهذه نقطة سلبية تسجل عدم وجوده ولكن هذا موضوع اخر، يمكن ان توفر لعون مكاسب ايا تكن نسبة هذه المكاسب ولكنها ورقة مربحة . ففي نهاية الامر لا يهتم رئيس الجمهورية بالوسيلة التي يستخدمها من اجل الحصول على ما يريده لا سيما متى كانت المصالح والاهداف السياسية تتقدم على اي اعتبار اخر، ولكن سلامه وعلى عكس ما كان عليه قبل أشهر قليلة مع وصول الرئيس نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة وتشكيله مع الرئيس نبيه بري شبكة امان له، بات وضعه أكثر هشاشة وصعوبة. ففي ابان حكومة دياب ساهم بري مساهمة كبيرة في منع اطاحة سلامه ويذكر البعض تحذير رئيس المجلس من سعر للدولار لا يمكن ضبطه فيما كان الدولار انذاك عند حدود ٦ الاف ليرة فقط . بري راهنا في وضع اكثر دقة على عتبة انتخابات نيابية كذلك في ظل استمرار التصويب عليه باتهامات الفساد فضلا عن وجود مساعده الوزير السابق علي حسن خليل على لائحة العقوبات الاميركية ولكن مدعى عليه ايضا في موضوع انفجار مرفأ بيروت . وكان لافتا غيابه عن الاستعراض الذي قدمته القاضية غادة عون على عكس موقفه السابق ويعتقد البعض انه قد يكون اقرب او اكثر استعدادا للمساومة على موقع الحاكم اكثر من اي وقت مضى . والرئيس ميقاتي الذي قال منذ اسابيع انه لا يمكن تغيير ضابط ابان المعركة قد يتأثر بموقف بري في هذا الاطار فضلا عن الاصابة المباشرة التي مني بها نتيجة فشل خطة التعافي التي تقدمت بها حكومته لصندوق النقد فيما يعتمد على حاكم المركزي فيها في شكل اساسي . فثمة انتقادات كثيرة للمقاربة التي اعتمدها سلامه إلى حد الاخذ عليه انه لم يعد يمكن ان يكون الطبيب المعالج للوضع المالي والنقدي لان علاجه لم ينفع وثمة حاجة إلى مقاربات اخرى.

يستخدم عون القضاء للضغط على شركائه في السلطة فيما يوظف سياسيا ايضا الاهتزاز الذي تعرض له الوسط السياسي في تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي ما يسهل التصويب أكثر على سلامه. وتاليا فان ورقة القضاء هي بهدف ايصال رسالة مفادها اما احصل على تطيير سلامه بالحسنى او ازجه في السجن بغض النظر عن صوابية المقاربة القضائية ما لم يتحرك القضاء فعلا من اجل تصويب ذلك . كما يعتقد انه يستخدم ورقة اطاحة سلامه من اجل مساومة الاميركيين كذلك ما داموا وإلى أشهر قليلة خلت كانوا يعتبرون سلامه خطا احمر. بين اوراق المساومة لا يمكن لا اهمال ورقة ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ولا ورقة اجراء الانتخابات النيابية وعدم تعطيلها ولا رغبته في حماية المستقبل السياسي لصهره لا سيما في ظل العقوبات الاميركية عليه . والسؤال هنا يتصل في الواقع بما إذا كان يقبل الاميركيون بالمساومة والتخلي عن سلامه ولقاء اي امر يمكن ان يحصل ذلك وهل تقدم واشنطن ورقة اطاحة سلامه لعون والتحالف الذي يقيمه مع ” حزب الله” قبل الانتخابات النيابية من اجل ان يسجل انتصارا يوظفه لاعادة تعويم وضعه كما وضع تياره انتخابيا ام بعد هذه الانتخابات لا سيما ان الضغط الذي يمارسه رئيس الجمهورية واستعجاله لحصول ذلك يرفع الثمن في المقابل من اجل مساومته على الموضوع؟ اذ لا ينبغي اسقاط اعتبار محيط عون كذلك انه اطاح الحريري ايضا ولم يبعده فقط عن رئاسة الحكومة.

هذه النقطة الاخيرة لا يجوز اهمالها باعتبارها جوهر الموضوع ونقطة الاستهداف من جانب عون لان الداخل يسهل تخطيه عندئذ. فالاميركيون كما هو معروف كانوا دوما داعمين لسلامه والفرنسيون يجارونه جزئيا إلى حد ما في ظل وجود فريقين او رأيين متناقضين إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وهناك داعمون لسلامه سياسيا من بري إلى الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحتى البطريرك الماروني بشارة الراعي فيما لا يخفي عون رغبته في الاقتصاص من هؤلاء جميعهم تحت شعار مكافحة الفساد من اجل اعادة تعويم عهده وكذلك تياره وللحصول على مركز الحاكمية ايضا.

وإذا تحقق ذلك قبل الانتخابات او بعدها، فان العائق الاساسي امام طموح عون غير رد الفعل الاميركي هو تحويل موضوع سلامه إلى موضوع طائفي كما حصل في تطوره في الادعاء على اللواء عماد عثمان او ايضا عدم وجود البديل المناسب من سلامه لان الموالين لعون والذين سبق ان طرحت اسماؤهم ليسوا على مستوى الحاكمية ايا تكن كفاءاتهم فيما انه من الملح حصول توافق على اسم الحاكم وهو ما قد لا يتوافر بسهولة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى