هل تختار واشنطن حاكم مصرف لبنان؟

يطرح تدخل الولايات المتحدة في اختيار حاكم مصرف لبنان تساؤلات حول السيادة اللبنانية والعلاقة مع القوى الإقليمية. ويعتبر توجه الإدارة الأميركية حول وضع القيود على المرشحين للمنصب الأعلى الذي يشكل السياسة النقدية للبنان أحدث مثال على نهج الولايات المتحدة المتسم بالتدخل المباشر في الشؤون اللبنانية و يأتي هذا التدخل في إطار استراتيجيتها المستمرة للضغط على لبنان والتضييق على حزب الله.
و بحسب ما نقلت وكالة رويترز فإن الولايات المتحدة تستعرض ملفات عدد من المرشحين للمنصب، وذلك وفقًا لثلاثة مصادر لبنانية مطلعة على الموضوع، ودبلوماسي غربي ومسؤول من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
هذا وقالت المصادر التي تحدثت مع رويترز شريطة عدم الكشف عن هويتها، إن المسؤولين الأمريكيين اجتمعوا مع بعض المرشحين المحتملين في واشنطن وفي السفارة الأمريكية في لبنان.
و اضافت المصادر اللبنانية، التي تم اطلاعها على الاجتماعات، إن المسؤولين الأمريكيين طرحوا أسئلة على المرشحين حول كيفية محاربة “تمويل الإرهاب” عبر النظام المصرفي اللبناني وما إذا كانوا مستعدين لمواجهة حزب الله.
كذلك قال سؤول من إدارة ترامب للوكالة إن الاجتماعات كانت جزءًا من “الدبلوماسية العادية”، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة أوضحت توجيهاتها بشأن مؤهلات المرشحين للحكومة اللبنانية.
وأضاف المسؤول: “الإرشادات هي: لا لحزب الله ولا لأحد متورط في الفساد. هذا يعتبر نقطة حاسمة من وجهة نظر اقتصادية”.
وفيما أشارت الوكالة إلى امتناع وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض ومكتب رئيس الحكومة نواف سلام عن التعليق على هذه المعلومات، نقلت أيضاً عن متحدّث باسم الرئاسة اللبنانية أن «الأهم هو اختيار شخصية مؤهّلة للمنصب»، من دون الإشارة إلى الدور الأميركي في العملية.
و اعتبرت الوكالة إلى أن هذا السلوك يعدّ دليلًا على النهج المستجد الذي تتبعه الولايات المتحدة في تعاملها مع لبنان. كما أوضحت أن هذا التحرك يعكس استمرار تركيز واشنطن على إضعاف حزب الله، بعد انتخاب الرئيس جوزف عون، وتشكيل حكومة جديدة لا تضم الحزب بشكل مباشر.
اذاً بعيدًا عن حقيقة أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أي مبرر قانوني للتدخل في التعيينات داخل الدولة اللبنانية، حيث تكتفي بتوصيف فئة معينة بالإرهاب، فإن ما يثير القلق في الرسائل التي نقلها مسؤولون لبنانيون عبر وكالة “رويترز” هو السعي لإيصال رسائل تحذير مبطنة إلى كل من يعارض الأسماء المطروحة.
مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي اللبناني، ترى واشنطن أن التحولات السياسية والاقتصادية ضرورية لتقليص التأثير الإيراني في لبنان، ما يدفع الى طرح اسئلة عدة حول مدى تدخل الإدارة الأميركية في القرارات والتعيينات وربطها خضوع لبنان لهذه التدخلات بتحرير المساعدات المالية التي يحتاجها لإعادة الإعمار، فهل نحن على ابواب وصاية اخرى مغلفة بعناوين الإصلاح و السيادة و الإستقلال؟
رأي سياسي