رأي

هل تتدخل إيران لمساندة غزة؟

كتبت هدى رؤوف في إندبندنت عربية.

نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن المرشد الأعلى علي خامنئي قوله “لن يتمكن أحد من إيقاف المسلمين حول العالم وقوى المقاومة إذا استمرت جرائم إسرائيل في غزة”، وتوقع كثيرون أن تتدخل إيران لدعم حركة “حماس” أو لتخفيف المأساة التي يعيشها سكان غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”، وجاءت التوقعات في إطار دعم إيران لما يسمى محور المقاومة وتقديم الدعم المالي والعسكري واللوجيستي للجماعات المسلحة، بما فيها “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، كما أعلنت إيران منذ فترة قريبة ما يسمى بوحدة الجبهات ضد إسرائيل.

وفي حين تعاني غزة من القصف الإسرائيلي لم تتحرك أي من تلك الاستراتيجيات الإيرانية المعلنة لرفع المعاناة ودعم غزة، والإجابة عما إذا كانت إيران ستحاول التدخل لدعم المحور الذي طالما استثمرت فيه ووظفته في إطار علاقتها بواشنطن من عدمه تتوقف على “هل تواجه إيران اضطرابات في علاقتها بواشنطن أم لا”؟

وفي إطار أن طهران تنتظر الأموال المفرج عنها من بنوك كوريا الجنوبية بعد الصفقة مع واشنطن، فلن تغامر بالتضحية بنحو 6 مليارات دولار ستصل إلى بنكها المركزي، لذا لم تتلق غزة والقضية الفلسطينية سوى تصريحات من المرشد الإيراني ووزير الخارجية مع غياب دعم حقيقي على الأرض، كما لم تتحرك أي من الجماعات المسلحة في المنطقة والتي هي جزء من محور وحدة الساحات، فلم تتحرك أي من الميليشيات العراقية التي دائماً ما تتدخل ضد القوات الأميركية في العراق حينما تتوتر العلاقات الإيرانية – الأميركية، ولم يتدخل “حزب الله” الآن على نحو يدعم “حماس”، ومن ثم فإنه طالما لم تعان إيران من توتر في العلاقات مع واشنطن فلن تحرك أياً من وكلائها الإقليميين لدعم القضية الفلسطينية على النحو الذي تروج له دائماً.

والمثال الأوضح على توظيف إيران لشبكة وكلائها فقط حينما تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة بدا خلال حرب يوليو (تموز) 2006، فقد استفادت طهران من تحركات “حزب الله” كأداة للضغط على إسرائيل، وبصورة عامة فقد أسهمت هجماته على القوات الإسرائيلية في المنطقة الأمنية التي أعلنتها إسرائيل جنوب لبنان في تحقيق انسحاب إسرائيلي منها في مايو (أيار) عام 2000.

وفي حرب يوليو عام 2006 تجلى الدعم العسكري الإيراني للحزب من خلال الأسلحة التي استخدمها “حزب الله” وصموده خلال الحرب، فقد أطلق صواريخ إيرانية على بلدات ومدن شمال إسرائيل، كما أضر بسفينة حربية إسرائيلية باستخدام صاروخ صيني، وقام “حزب الله” منذ حرب عام 2006 بتخزين أكثر من 130 ألف صاروخ معظمها من إيران، أي أن الحزب خاض الحرب بأسلحة إيرانية الصنع وأخرى استوردتها إيران من الصين وأسلحة مضادة للدبابات وآلاف صواريخ الـ “كاتيوشا”.

وعلى رغم أن إيران لم تكن طرفاً مباشراً في الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل، فقد كانت لنتائج الحرب تداعيات بالنسبة إلى وضع طهران الإقليمي، فقد عززت الحرب إلى جانب بعض المتغيرات الإقليمية حينذاك مثل القضاء على حركة “طالبان” في أفغانستان عامي 2001 و 2002 وسقوط نظام صدام حسين عام 2003 وانسحاب إسرائيل وسوريا من لبنان عامي 2000 و2005 على التوالي، مكانة إيران وتوسيع نفوذها الإقليمي، واستطاعت توظيف الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل في سياق صراع أوسع مع الولايات المتحدة وإسرائيل، من أجل الضغط لمصالحها والتماهي مع سعيها إلى تحدي مجلس الأمن الدولي في ما يتعلق بمشروعها النووي، وذلك بعد صدور قرار المجلس رقم (1696) لعام 2006 الذي ينص على أن تتخذ إيران من دون تأخير التدابير التي طلبها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قراره رقم (GOV/2006/14) والتي لا بد منها لبناء الثقة في الأغراض السلمية لبرنامجها النووي وتسوية المسائل المعلقة، وأن تعلق إيران جميع أنشطتها المتصلة بالتخصيب وإعادة التجهيز بما في ذلك البحث والتطوير، على أن يخضع ذلك للتحقق من قبل الوكالة الدولية، لذا دفع كثيرون بأن حرب يوليو 2006 حدثت بدفع من إيران من أجل تشتيت الانتباه عن مناقشة برنامجها النووي في تلك الأثناء، والذي كان على أجندة قمة “مجموعة دول الثماني” عام 2006.

وما يؤكد حرص إيران على عدم إفساد حسن العلاقات مع واشنطن هو تحسبها مما ورد بأن الولايات المتحدة وقطر اتفقتا على إيقاف وصول إيران إلى صندوق بقيمة 6 مليارات دولار، وذلك في ظل ما واجهته إدارة بايدن من ضغوط متزايدة في “الكونغرس” لمعاقبة إيران على الهجوم على إسرائيل الذي نفذته “حماس”.

وفي حين لم يؤكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن هذه التقارير لكنه قال إن إيران لم تنفق الأموال التي وصلت إليها، كما قال بلينكن للصحافيين إن “لدينا رقابة صارمة على الأموال ونحتفظ بالحق في تجميدها”.

وفى حين رفضت إيران ما تردد عن اتفاق أميركي – قطري في شأن وقف الإفراج المتوقع عن الأموال غير المجمدة، فإنها حذرت من أن وكلاء إقليميين آخرين مدعومين من إيران قد ينضمون إلى معركة “حماس” ضد إسرائيل.

وقال البنك المركزي الإيراني في بيان له إن “الأموال المحتفظ بها في قطر لا تزال متاحة للبنوك الإيرانية”، وأضاف أنه “من المقرر تحويل مبلغ منفصل بقيمة 10 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتجزة في البنوك العراقية بسبب العقوبات الأميركية إلى طهران”، لذا فليس من المتوقع أن تقدم إيران أو “حزب الله” على عمل عسكري ضد إسرائيل، ولن يتعدى الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية ومحور المقاومة الذي أسسته سوى التصريحات، حتى لا تعطى ذريعة للكونغرس الأميركي للضغط على إدارة بايدن من أجل وقف إيصال الأموال إليها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى