رأي

هل تتدخل إيران في المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل؟

كتبت هدى رؤوف في صحيفة إندبندنت عربية.

تشكل الحدود اللبنانية الإسرائيلية جبهة قابلة للاشتعال ومعرضة لخطر الانفجار. فمنذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق “حزب الله” أكثر من 5000 صاروخ وقذائف مضادة للدبابات وطائرات بدون طيار على أهداف إسرائيلية، ورداً على ذلك، قامت إسرائيل بضرب ما لا يقل عن 4500 هدف لـ”حزب الله” في كل من لبنان وسوريا، وعلى الجانب الإسرائيلي، قتل “حزب الله” ما يصل إلى 18 جندياً إسرائيلياً. وفى إطار تصعيد الهجمات بين الطرفين تم إجلاء الكثير من السكان في شمال إسرائيل ولبنان. 

وعلى رغم بدء الهجمات بين الجانين منذ أكتوبر الماضى، إلا أن وتيرة وشدة الهجمات المتزايدة تتصاعد في الأسابيع الأخيرة، ثم جاء تدخل إيران على خط الأزمة ولكن عبر تصريحات فقط حتى الآن. 

فقد حذر مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الإيراني السابق، كمال خرازي من حرب إقليمية تدخل فيها إيران إذا هاجمت إسرائيل “حزب الله”، وتحدث عن أن طهران لا ترغب في حرب إقليمية، ولكن مع إمكانية امتداد الحرب إلى المنطقة بأكملها فإن جميع الدول، بما في ذلك إيران، ستكون متورطة فيها، مؤكداً أنه ليس أمام طهران سوى دعم “حزب الله”. 

كما نشرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن إيران حذرت إسرائيل من “عدوان عسكري” واسع النطاق في لبنان وقالت إن ذلك سيؤدي إلى حرب. كذلك تحدث القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كاني أثناء لقاء مع نظيره وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، محذراً إسرائيل من التصعيد ضد “حزب الله”، قائلاً إن إسرائيل ستواجه عواقب وخيمة إذا هاجمت لبنان، كما ألمح إلى امتلاك “حزب الله” قدرات جديدة، مستعدة للتعامل مع تهديدات إسرائيل. 

ربما أوحت التصريحات الإيرانية بالتساؤل حول إمكانية أن تنخرط إيران في المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل، وأن تشهد المنطقة مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل على غرار ما حدث في إبريل (نيسان) الماضى بعد قصف إسرائيل قنصلية إيران في دمشق. 

لكن بطبيعة الحال فإن إيران التي تريد تجنب مواجهة مباشرة مع إسرائيل لا يمكن أن تتدخل على نحو يدفعها إلى مواجهة مباشرة لا سيما وأنها حريصة على التعامل مع إسرائيل ضمن قواعد المواجهة بينهما. كذلك “حزب الله”، والذى يحرص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء في مواجهاته مع إسرائيل، رغم ما يبدو من تصعيد أخيراً، فقد ركز “حزب الله” هجماته على الأهداف العسكرية الإسرائيلية، في حين اعتمدت إسرائيل على معلومات استخباراتية لتفادي استهداف المدنيين اللبنانيين عند توجيه هجمات ضد أهداف ترتبط بالحزب في لبنان. 

الأطراف الثلاثة تريد تجنب الحرب الإقليمية الأوسع، ولكن مع توسع ساحة القتال وتهديد إيران بتفعيل مبدأ وحدة الساحات عبر مهاجمة أهداف إسرائيلية من خلال ميليشاتها في العراق وسوريا، قد تؤدى تلك التطورات إلى خطأ في الحسابات والانزلاق لحرب إقليمية شاملة يصعب السيطرة عليها. 

إذاً، فإن قيام “حزب الله” بنشر فيديو عن طائرات بدون طيار، واستخدام خطاب أكثر صرامة وإظهار إمتلاكه أنظمة أسلحة أكثر تطوراً، المقصود به هو شكل من أشكال الردع لتحسين موقفه في أي مفاوضات مستقبلية محتملة. 

إيران نفسها تستفيد من شكل الردع ذلك باستعراض قدرات “حزب الله”، التي سيرجع الفضل لها في الدعم الإيراني المالي والعسكري للحزب. ومع ذلك فإنه في حال إنزلقت تلك المواجهات إلى السيناريو الأسوأ وهو حرب إسرائيلية على لبنان، قد يشمل دور إيران في الحرب، إرسال طائرات بدون طيار وصواريخ وإمدادات إلى “حزب الله”.

بشكل عام تستفيد إيران من تصعيد المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل، حيث توظف تحركات “حزب الله” كأداة للضغط على إسرائيل، ومن دلائل ذلك حينما اندلعت الحرب بين الحزب وإسرائيل في 2006، كان توقيت مناقشة مجلس الأمن لملف إيران النووي، وأرادت إيران الضغط على إسرائيل وواشنطن والمجتمع الدولى عبر تحركات “حزب الله”. 

لذا، فقد تكون الهجمات الجارية الآن بين “حزب الله” وإسرائيل، جزء من محاولات ضغط لصالح مفاوضات مستقبلية قد تخوضها إيران مع واشنطن. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى