هل تتبنى بريطانيا خطة جريئة لإنقاذ آلاف المرضى من السرطان؟
أشار خبراء إلى أنه يمكن إنقاذ حياة نحو 20 ألف شخص كل عام في المملكة المتحدة بحلول عام 2040 إذا تبنت الحكومة خطة جديدة جريئة لمكافحة السرطان.
ونشر “مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة” Cancer Research UK تقريراً يدعو إلى مزيد من الإجراءات لتسريع التشخيص وعلاج الأشخاص، وتوظيف 16 ألف موظف إضافي بدوام كامل في مجال مكافحة السرطان بحلول عام 2029.
وقد حددت هيئة “الخدمات الصحية الوطنية” (أن إتش أس) بالفعل هدفاً لتشخيص 75 في المئة من السرطانات في المراحل المبكرة، الأولى أو الثانية، بحلول عام 2028، لكن الخبراء قالوا إن هذا الهدف لن يتحقق.
ويقوم بدوره مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة بالمطالبة الآن باتخاذ إجراءات أكثر جرأة وإنشاء مجلس وطني للسرطان مسؤول أمام رئيس الوزراء.
وعلى مدى السنوات الـ50 الماضية تضاعف معدل النجاة من السرطان، لكن لا تزال المملكة المتحدة متخلفة عن عديد من البلدان المماثلة الأخرى عندما يتعلق الأمر بمدة بقاء الناس على قيد الحياة.
وبحسب التقرير، فإن السرطان “مرض قابل للعلاج”، مشيراً إلى أنه قبل 30 عاماً كانت إنجلترا والدنمارك تحسنان نتائج العلاج من السرطان بنفس المعدل إلى حد كبير، لكن الدنمارك الآن “تقدمت كثيراً، بتمويل ثابت واستراتيجيات طويلة الأجل لمكافحة السرطان”.
وجاء في التقرير أن “في جميع أنحاء المملكة المتحدة، يتم تأخير قواعد معالجة أمراض السرطان باستمرار، وبعضها لم يتم الوفاء به لأكثر من عقد من الزمان”، مضيفاً “بينما ينتظر المرضى التشخيص والعلاج، هم وعائلاتهم يواجهون وقتاً عصيباً مقلقاً”.
ويشير التقرير إلى أن هناك حاجة إلى الاستثمار في الوقاية، وعلى موظفي الخدمات الصحية الوطنية والمعدات والمرافق لتحويل المسار”.
وقال التقرير إن “عدم المساواة فيمن يصاب ويموت بالسرطان صارخة، مع أكثر من 33 ألف حالة كل عام في جميع أنحاء المملكة المتحدة تعزى إلى الحرمان”.
ومن جانبه، قال البروفيسور سير مايك ريتشاردز، المدير الوطني السابق للسرطان في وزارة الصحة، والذي يقدم الآن المشورة لهيئة “الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا” (أن أتش أس إنغلاند) NHS England، في مؤتمر صحافي أن “هناك كثيراً من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين التشخيص والعلاج والبقاء على قيد الحياة”. متسائلاً “لماذا لدينا نسبة نجاة ضئيلة؟”.
واستطرد “حسنا، إنه بالتأكيد مزيج من تشخيص الأشخاص في مرحلة لاحقة من المرض ثم التناقضات في العلاج. إن المرحلة المتأخرة مشكلة كبيرة. حيث يتم تشخيص ما يقارب نصف جميع مرضى السرطان في المرحلتين الثالثة والرابعة، لديهم تشخيص ضعيف مقارنة بتلك الموجودة في المرحلتين الأولى والثانية. ونحن لسنا حالياً في طريقنا إلى تحقيق هدف الحكومة المتمثل في تشخيص 75 في المئة (في المراحل المبكرة) بحلول عام 2028”. وأضاف “هناك كثير الذي يمكننا القيام به، كتحسين برامج الفحص لدينا، ويمكننا تحسين تشخيصنا للمرضى الذين يعانون أعراض، أيضاً تقليل عدم المساواة في العلاج”.
وفيما يخص فحص الثدي، قال البروفيسور ريتشاردز إن “المملكة المتحدة يمكن أن تكون أفضل، مع فحص مزيد من النساء، في حين يمكن أيضاً إحراز تقدم ملحوظ في تشخيص مزيد من سرطانات الأمعاء”، مضيفاً “نحن حالياً كدولة نخفض سن البدء في فحص الأمعاء، لكننا لم نصل بعد إلى سن 50، وهو ما يجب أن نهدف إليه”.
وقال إن هناك أيضا “حاجة إلى تقليل العتبة التي يتم عندها إرسال الأشخاص لإجراء تنظير القولون لسرطان الأمعاء. كما حددت هيئة الخدمات الصحية الوطنية عتبة الحساسية لاختبار الدم في البراز (FIT) عند 120 ميكروغراماً/ غرام (ميكروغرام من الدم لكل غرام من البراز) في إنجلترا، لكن البروفيسور ريتشاردز قال “يجب أن نخفضها إلى 80 ثم بصراحة أقل من ذلك”.
وكلما انخفضت العتبة، كلما كان الاختبار أكثر حساسية ويمكن اكتشاف مزيد من حالات السرطان.
في اسكتلندا، عتبة اختبار الدم في البراز هي 80 ميكروغراماً/ غرام.
وأضاف البروفيسور ريتشاردز “لماذا لا نفعل ذلك؟ كانت قدرة فحص القولون بالمنظار هي العامل المحدد للمعدل. فنحن نتدرب أكثر، لكن إضافة إلى ذلك، نحتاج إلى فرز المرضى حتى يتم استخدام القدرة الحالية إلى أقصى حد ممكن”.
وفيما يتعلق بسرطان الرئة، قال ريتشاردز إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية “تحتاج إلى مزيد من أجهزة التصوير المقطعي، وفنيي ومتخصصي الأشعة، وجراحي الصدر”.
وأضاف أنه “في حين أن جائحة (كوفيد) قد أصابت أهداف السرطان بشكل عام، فإنها كانت تتراجع حتى قبل ذلك الحين”.
وفي التقرير قال مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة إن هناك حاجة إلى التمويل لسد فجوة المليار جنيه استرليني في أبحاث السرطان خلال العقد المقبل.
وأشار التقرير إلى أن نسبة أبحاث السرطان التي تمولها الحكومة (مقابل المؤسسات الخيرية) هي الأدنى من أي حالة رئيسة، في حين أنها من بين أعلى كلفة لعبء المرض.
وفي مكان آخر، نظر التقرير في أربعة من كل 10 سرطانات يمكن الوقاية منها، مع آلاف الحالات الناجمة عن أنماط الحياة غير الصحية والتدخين.
وقال مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة إنه في غضون عام من الانتخابات العامة المقبلة، كان ينبغي على الوزراء رفع سن بيع منتجات التبغ ويجب عليهم تنفيذ تشريع 2022 في شأن قيود الإعلانات التلفزيونية وعبر الإنترنت على الأطعمة الغنية بالدهون والملح والسكر.
وقالت ميشيل ميتشل الرئيسة التنفيذية لمؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة “السرطان هو أهم قضايا الصحة في زمننا الحالي. وإن تجنب الآلاف من الوفيات الناجمة عن السرطان أمر ممكن، لكن سيتطلب الأمر القيادة والإرادة السياسية والاستثمار والإصلاح”، مضيفة “للسرطان تأثير كبير. وتشير تقديراتنا أن نصف مليون شخص من الأصدقاء والزملاء والأحباء سيتم تشخيصهم بالمرض كل عام بحلول عام 2040. حياتهم على المحك إذا لم نتحرك الآن”.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية “في كثير من الأحيان يتم تشخيص السرطان في مرحلة مبكرة، مع تحسن معدلات النجاة في جميع أنواع السرطان تقريباً، وتعالج هيئة الخدمات الصحية الوطنية أعداداً قياسية من مرضى السرطان على مدار العامين الماضيين”. مضيفاً “ستحدد استراتيجيتنا للحالات الرئيسة كيفية تحسين الوقاية من السرطان وتشخيصه وعلاجه، وقد افتتحنا 135 مركزاً تشخيصياً مجتمعياً تقدم أكثر من خمسة ملايين اختبار إضافي، بما في ذلك السرطان”. وأردف “تعد الأبحاث وعلوم الحياة أمراً بالغ الأهمية في مكافحة السرطان، ولهذا السبب نستثمر مليار جنيه استرليني سنوياً من خلال المعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية، وبرعاية شراكات جديدة مع (بيونتيك) BioNTech و(موديرنا) Moderna، سيمكن المرضى في هيئة الخدمات الصحية الوطنية من أن يكونوا أول من يستفيد في العالم من لقاحات السرطان المحتملة”.