رأي

هل بات “حزب الله” عبئاً على حلفائه؟

كتب غسان حجار في “النهار” يدرك “حزب الله” جيداً أنه الطرف الأقوى عسكرياً على الساحة اللبنانية حالياً، لكنه أيضاً قلق من التطورات الجارية إنْ في العراق أو في سوريا، ومن المفاوضات الاقليمية، قبل خوفه من الداخل اللبناني الذي لا يزال إلى اليوم قادراً على الامساك به، ولو اضطُر الى استعمال بعض مظاهر القوة. ويدرك الحزب أيضاً أن الداخل اللبناني رمال متحرّكة يمكن أن تغرقه إذا ما “وقعت البقرة” إذ يكثر السلّاخون، وقد يكونون من الأقربين قبل الخصوم.
خصوم الحزب في لبنان معروفون في توجّهاتهم وأفكارهم وربما في قدراتهم المالية واللوجستية والعسكرية، وفي ارتباطاتهم الخارجية، وهو يحتاط لهم.
لكن ما يصعب معرفته تماماً هو قدرة الحلفاء على إلحاق الأذى وتداعيات أي خلاف أو انقلاب أو تباعد أو تبدل الظروف الإقليمية بغير ما تشتهي سفن الحزب.
وربما يحتاج “حزب الله” الى قراءة متأنية في أوضاع حلفائه الذين، وإنْ رضخوا للواقع، باتوا يشعرون بعبء التحالف معه، وتأثيره السلبي عليهم.
الحليف “الأقوى” هو العهد “القوي”، الذي بات يبدي علناً انزعاجه من تصرفات الحزب ومواقفه التي تعطل مسار مؤسسات الدولة. وهو ربما أدرك متأخراً، ما بلغه الرئيس ميشال سليمان، عندما أعلن الطلاق مع الحزب. وإذا كان الرئيس ميشال عون حقّق مُبتغاه بالعودة الى بعبدا رئيساً، فإن صهره النائب جبران باسيل يدرك أن الحزب ليس حصاناً رابحاً لبلوغ القصر، في ظل التعقيدات الدوليّة والإقليميّة، بل إنّه يمكن أن يتحوّل معوقاً لانطلاقة أي عهد، كما يشعر سيّد العهد وتيّاره حالياً.
رئيس “تيار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، وإن كان ثابتاً في “تموضعه” السياسي، إلّا أنه يحتاج الى بعض “الاستقلالية” أو المسافة التي تتيح له نسج علاقات تفيده في السباق الى بعبدا. وهو ما فعله سابقاً مع المملكة العربية السعودية، لكنه جُبه باعتراض “حزب الله” وإصراره على انتخاب عون رئيساً. اليوم يجد فرنجية نفسه أيضاً في وضع لا يحسد عليه. فالحزب صار ثقلاً مرحليّاً، وفرنجية كان يفضّل استقالة الوزير جورج قرداحي باكراً في رسالة حسن نيّة إلى المجتمع العربي، واستطلع لذلك القيادة السوريّة، لكنه جُبه أيضاً برفض الحزب.
ويعلم الحزب جيّداً أن قرب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي، وأسامة سعد الى حد ما، وغيرهم، منه لا ينفع هؤلاء في محيطهم السنّي، إلّا إذا كان الحزب محرّكاً لأصوات ناخبة في الدوائر التي يترشّح فيها هؤلاء، لكن هذا التأثير تراجع قليلاً مع قانون الانتخاب المعتمد، والذي يحتاج كل فريق الى أصواته لضمان الحاصل الانتخابي.
ويتخوّف هؤلاء الحلفاء من العقوبات الأميركية والأوروبية، وأيضاً الخليجيّة على كل مَن يتعامل مع الحزب، إذ هي ستصيب كثيرين منهم في الصميم، خصوصاً من لديه مصالح مالية في الخارج.
وماذا يقال عن الطرف الثاني للثنائي، أي حركة “#أمل”، التي لا تنفصل عن الحزب ظاهرياً، لكنها لا تتمنى له المزيد من الانتصارات التي تكرّس واقعاً متجذّراً في غير مصلحتها، ولولا حنكة الرئيس نبيه برّي، وتحوّله حاجة وطنيّة، لما أمكن للحركة أن تتعايش مع الحزب.
أمام هذا الواقع، يصبح لزاماً على الحزب أن يتعامل بطريقة جديدة مع حلفائه، والأقربين منهم، ولا يتكل على كونه حاجة دائمة لهم، لأن السياسة مصالح، لا عداوة دائمة فيها، ولا صداقة دائمة، وثمّة أسئلة كثيرة تُطرح مع كل استحقاق رئاسي أو حكومي أو نيابي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى