رأي

هل المعركة القادمة في الضفة الغربية؟

كتب فارس الحباشنة في صحيفة الدستور.
بعد 9 شهور على حرب غزة، يبدو ان اجتثاث وتصفية المقاومة، واهداف امريكية واسرائيلية عسكرية وسياسية لم تبلغ طموحها.
وبلنكين وتننياهو يتلاعبان في الجهة المسؤولة عن افشال وتعطيل الحلول والتوصل الى صفقة لانهاء الحرب واطلاق وقف مطول لاطلاق النار.
و في لحظة، وجدت تل ابيبب وواشنطن انه لا بديل امامهما من فتح مسارات للتفاوض. واطلق الرئيس الامريكي بايدن مبادرة، وصفت بانها مقترح اسرائيلي، وقدمت واشنطن ضمانات شفوية، واضطرت بفعل حنكة المقاومة سياسيا ودبلوماسيا بتقديم نص مكتوب يلبي ما تريده المقاومة في صيغة ضمانات وتعهد، وقد مر ذلك في قرار لمجلس الامن، وامسكت المقاومة في قرار مجلس الامن بعد التعديل على مبادرة بايدن، ولطالما ان القرار جاء داعما لمبادرة وقف اطلاق النار.
وما يطرح الان حول اليوم التالي، واعلان وقف مطول لاطلاق النار وانهاء الحرب.. ولا ينطلق من افتراضات ان اسرائيل ربحت الحرب، وان نتنياهو حسم المعركة والمقاومة رفعت الرايات البيضاء.
ومن الواضح، بل انه من الحتمي ان قطاع غزة سوف يعود الى المقاومة، وان حماس والمقاومة سوف تحكم القطاع، وان «سلطة حماس» البيروقراطية جاهزة لتسيير شؤون القطاع المنكوب اداريا واغاثيا واجتماعيا، وانسانيا.
و في تل ابيب شبه اقرار سياسي تجاه حرب غزة، وتجاه نتائج الحرب، ونهاية المعركة دون اي مكسب او نصر عسكري.
و في واشنطن الحديث المتدفق من هناك.. يتحدث في تحسس وترقب عن ادارة حماس لقطاع غزة، وشبه اعتراف امريكي بان التفكير ببديل عن حماس، مجرد عبث ورهان فاشل. و من بين ما يراهن على اليوم التالي في غزة، تمكين جماعات مدنية واهلية غزاوية في حكم وادارة شؤون القطاع، والرهان على معادلة وحدة غزة مع السلطة الوطنية، ومحاولة دمج حماس في مكونات السلطة الوطنية.
و الرهان الاكبر على تجريد حماس من قوتها، وعدم السماح لحماس والمقاومة في اعادة تشكيل قوتها العسكرية. ماذا بعد غزة ؟
ما لا يقبل الجدل ان الصراع الفلسطيني / الاسرائيلي لن ينتهي في اعلان وقف اطلاق نار. و لن ينتهي في مبادرة بايدن، وفتح مسارات اقليمية لتطبيع وسلام عربي جديد مع اسرائيل. و في حرب غزة رهان اسرائيل هو عزل القطاع الصامد وتجريده من قوته، واجتثاث المقاومة وتصفية قياداتها.
و المعركة الاسرائيلية المصيرية في الصراع والقضية الفلسطينية ليست غزة، بل الضفة الغربية والقدس. و ان الميادين ومستقبل فلسطين، والصراع الوجودي والديني والحضاري هو في الضفة الغربية.
و في الضفة الغربية المشروع الصهيوني يقوم على تفريغها من سكانها الاصليين، والتوسع في المستوطنات، وتهجير السكان الاصليين، اجتثاث بذور المقاومة وحواضنها. و الضفة الغربية بالنسبة لاسرائيل، هي الارض الموعودة في الرواية التوراتية.. ولا قيام لدولة عبرية دون هذه الجغرافيا المقدسة.
و في التوارة، قداسة تهجير فلسطيني الضفة الغربية ليست بمستوى تهجير فلسطيني غزة. في غزة مشروع التهجير فشل، ورغم هول المجازر والابادة والاجرام بحق الفلسطينيين، وتدمير القطاع ونسف البنى التحتية. و في الضفة الغربية، يهودية الدولة والتهجير القسري ومشروع الوطن البديل عقائد ثابتة في رؤوس حاخامات اورشليم. و عقيدة التغيير الديمغرافي والجغرافي في الضفة الغربية مغطية بمرجعيات ونصوص توراتية، وتتحكم وتوجه مشروع الدولة اليهودية، والمخطط الصهيوني، واحلام واساطير توراتية.
أما اليوم، الضفة الغربية قابلة للانفجار اكثر من اي وقت مضى.. انفجار حتما قادم بوجود قيادات سياسية متطرفة امثال بن غفير وسمتورتيش.و انفجار الضفة يعني ان امن المستوطنات في خطر، وان المقاومة ستقول كلمتها الفاصلة في الدفاع عن فلسطينيي الضفة الغربية وحماية وجودهم، وصد اي مشروع تهجير قسري.
اسرائيل تواجه ازمة وجود، ومـأزق الوجود الاسرائيلي يكبر يوميا.. ومن غزة فان المقاومة صفعت اسرائيل وردعتها، والضربة القاضية ستكون في جبهة المقاومة في الضفة الغربية، واسرائيل اليوم تعود لتحارب لاثبات وجودها وحقها بالوجود، والمقاومة جردتها من حلمها التوراتي التوسعي واوهام واساطير القوى العظمى والمطلقة واسرائيل الكبرى.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى