هل العالم أمام قيام دولة فلسطينية محتملة؟
كتب حمد أحمد عبدالعزيز العامر في صحيفة السياسة:
يعيش العالم توترا وقلقا غير مسبوق، السبب في ذلك امران مهمان حركا المياه الراكدة التي كان لا بد من تحريكها بعد ان وصل العالم الى حافة الانهيار الاخلاقي الجسيم، والاعلان النهائي عن انتحار مبادئ الامم المتحدة التي قام عليها النظام الدولي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فيما اصبحت مجرد شعارات يتم استغلالها لخدمة اهداف ومصالح الدول الكبرى واسرائيل فقط.
لذلك نجد ان: اولا: حرب غزة غير العادلة بين الجيش الاسرائيلي الجرار ومجموعة من الرجال المقاتلين من “حماس” المخلصين لقضيتهم بغض النظر عن انتماءاتهم، او الجهات التي تدعم تحركهم، وتعبوا من انتظار انتصار الامم المتحدة ومجلس الامن لقضيتهم التي تعتبر اعدل قضية في العالم.
ثانياً: الحوثيون الذين اثاروا الرعب في مضيق باب المندب اهم ممر مائي للتجارة الدولية بين الشرق والغرب، وتعبره مئات، بل الآلاف من ناقلات النفط التي تعرضت لهجمات ارهابية من الحوثيين المتمركزين في قواعد متعددة على الشواطئ اليمنية، دعما لغزة واهلها واطفالها- كما يقولون- وتشن عليهم اسرائيل حرب ابادة بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا.
حربا لا مبرر لها اطلاقاً لانها هدفها الحقيقي الامعان في القضاء على “حماس” هذه المجموعة المقاتلة، او الارهابية، التي وقفت معها شعوب العالم الحر المؤمن بمبادئ الحرية والعدالة، وتقرير المصير.
كيف نتحدث اليوم عن الاضرار الكبيرة التي اصابت التجارة الدولية بسبب قصف الحوثيين لناقلات النفط وغيرها في البحر الاحمر؟ وكيف تشكل دولة عظمى، كالولايات المتحدة، وحلفائها تحالفا بحريا لردع الحوثيين ومنع تصرفاتهم المخلة بأمن الملاحة الدولية، خلال فترة لا تتجاوز اسبوعين؟ في الوقت الذي مضى اكثر من مئة يوم على حصار غزة والابادة الجماعية المستمرة ضد شعب فلسطين الاعزل؟
لم تتحرك هذه الدول لوقف هذه الابادة الجماعية، بل اعلنت رسمياً دعماً متواصلاً، وبلا حدود لاسرائيل وعملياتها ضد المدنيين في غزة لدرجة التباهي، كما فعل رئيس الوزراء البريطاني عندما نزل من طائرة عسكرية ضخمة محملة بالاسلحة والذخيرة الفتاكة لابادة الشعب الفلسطيني!
انها مأساة ووصمة عار للولايات المتحدة وحلفائها، ادت الى انهيار كل القوانين والمبادئ الاممية التي آمنت بها، التي لا يتم التعامل معها وتنفيذها الا عندما تخدم الاهداف والاطماع الاميركية والاوروبية في مجالس حقوق الانسان، والا كيف تجيز لنفسها ضرب دولة فقيرة كاليمن بالصواريخ خارج اطار الشرعية الدولية، وقرار من مجلس الامن؟
حتى قرار محكمة العدل الدولية تجاه الوضع في غزة لم يكن منصفاً، اذ كان قرار المحكمة بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل وتتهمها فيها بارتكاب “إبادة جماعية، وطالبت المحكمة إسرائيل بمنع ومعاقبة أي تعليقات عامة قد تعتبر تحريضا على الإبادة، بالإضافة إلى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وكانت جنوب إفريقيا قد طلبت وقفا للعمليات العسكرية في قطاع غزة، إلا أن قرار المحكمة لم يشمل ذلك، وهذا يؤكد انه وقع تحت ضغوط اميركية واضحة، فكيف تستقيم الامور في العالم وهناك جهة واحدة تتحكم في قرار الحرب والسلام؟
لذلك حتى قرار المحكمة الدوليه نفسه بحاجة الى آلية، يمكن الحصول عليها من مجلس الامن الدولي، الا ان امر حصوله يبقى مستحيلا، وسيكون مصيره الفشل كغيره من القرارات بسبب حق النقض الاميركي كالعادة.
وفقا للأرقام الرسمية فقد تم استخدام قرار حق النقض 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي، كان نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت لمنع ادانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني.
ولكن رغم كل الفوضى السياسية والعمليات العسكرية للجيش الاسرائيلي، تبقى بارقة امل او نور في اخر النفق، فهناك مؤشرات بوجود توجه جديد في سياسة واشنطن تجاه الصراع في الشرق الأوسط، حيث تدرس وزارة الخارجية الأميركية خيارات “اعتراف محتمل بدولة فلسطينية ” بعد انتهاء حرب غزة.
فقد نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤول قوله إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترى في الفترة الحالية أن الاعتراف بدولة فلسطين ربما يجب أن يكون أولى خطوات المفاوضات لحل الصراع القائم الفلسطيني -الإسرائيلي، وليس الخطوة الأخيرة.
أضاف أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، طلب دراسة الشكل الذي ستبدو عليه الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بناء على نماذج أخرى في العالم.
اذا نحن امام عالم جديد ودولة فلسطينية قادمة إن صدقت التسريبات الاخبارية من واشنطن.