رأي

هل ألغي انهيار اقتصاد الاتحاد الأوروبي؟

كتب ألكسندر كازانوف في “روسيا اليوم”: انخفض معدل تضخم المنتجين في ألمانيا بشكل حاد من 45.8% في سبتمبر إلى 34.5 في أكتوبر. اسمحوا لي بتذكيركم بأن التضخم الاستهلاكي في ألمانيا استمر في النمو من 10% في سبتمبر حتى وصل إلى 10.4% في أكتوبر (11.6% وفقا لمنهجية الاتحاد الأوروبي)، ومن المحتمل أنه إذا ما استمر تضخم المصنعين في الانخفاض، فقد يستمر التضخم الاستهلاكي في الارتفاع لبعض الوقت، ذلك أن أسعار الصناعة تؤثر على الأسعار في المتاجر مع التأخير لعدة أشهر مطلوبة لتسليم البضائع إلى المستهلك. ومع ذلك، هذا يعني كذلك أنه نظرا لأن التضخم في الصناعة الألمانية يتباطأ، فبعد فترة من الوقت سنشهد انخفاضا في معدل النمو في أسعار السلع الاستهلاكية هناك.

إذن، هل يعني ذلك أن ألمانيا تغلبت على التضخم؟ هل أنقذت أوروبا؟

كلا.

فالتضخم يحدث عندما يتجاوز الطلب الفعال المعروض من السلع. وعليه، فإن أي انخفاض في الطلب يؤدي إلى انخفاض في التضخم، وخفض مستوى معيشة الألمان إلى النصف، وإجبارهم على التوقف عن شراء البضائع، سيختفي التضخم، وستصبح السلع أرخص، وليس أكثر تكلفة.

أود هنا أن أفرد ثلاثة عوامل أثرت على الموقف:

أولا، خفضت الحكومة الألمانية في أكتوبر ضريبة الغاز من 19% إلى 7%، وهو ما أدى إلى خفض أسعار الغاز مقارنة بالشهر السابق. ومع ذلك، أدت التخفيضات الضريبية إلى زيادة عجز الميزانية على خلفية المشكلات المتزايدة في تمويلها. وقد تجبر الأزمة المالية البنك المركزي الأوروبي على خفض أسعار الفائدة واستئناف طباعة النقود الورقية غير المغطاة، وهو ما من شأنه أن يدفع التضخم إلى الارتفاع مرة أخرى.

ثانيا، تدخل ألمانيا والدول الصناعية الأخرى في أوروبا مرحلة الركود. وحتى الآن، فإن السلطات متفائلة بشأن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل فقط (في ألمانيا – بنسبة 0.3%)، لكنني أعتقد أن الإحصاءات الرسمية تزيّن الصورة، وعلى الأرجح أن الركود قد بدأ بالفعل. بالعودة إلى سبتمبر، انخفض الإنتاج في ألمانيا بنسبة 0.9% عن الشهر السابق.

كان الانخفاض في الإنتاج بسبب انخفاض الطلب، وذلك كان السبب الرئيسي الثاني للانخفاض المؤقت في تضخم المنتجين في ألمانيا.

ثالثا، هناك عامل ثالث يحدد الاتجاه التصاعدي طويل المدى للتضخم في أوروبا.

فقد تراجعت البطالة في ألمانيا من 5.4% في سبتمبر إلى 5.3% في أكتوبر على خلفية تباطؤ الاقتصاد.

والحد من البطالة على خلفية الانكماش الاقتصادي يدل على نقص العمالة، وهو ما يعني كذلك أنه يجب على أصحاب العمل التنافس مع بعضهم البعض من أجل الموظف، وهو ما يؤدي، على خلفية ارتفاع معدلات التضخم، إلى زيادة مطردة في الأجور. والأجور هي تكاليف الإنتاج التي تؤدي إلى دورة جديدة من ارتفاع الأسعار.

وعلى الرغم من انخفاض أسعار الغذاء العالمية مقارنة بمستوى ما قبل الحرب في أوكرانيا، وعلى الرغم من بعض الانخفاض في أسعار الطاقة، فقد بدأ بالفعل سباق بين النمو المتبادل في الأجور والتضخم، وكسر هذه الحلقة المفرغة أمر بالغ الصعوبة.

باختصار، يتقدم التضخم بالفعل على جبهة عريضة، ليس فقط في قطاعي الغذاء والوقود. إلا أنه من السابق لأوانه في الوقت نفسه الحديث عن خفض أسعار الطاقة. فأوروبا تطرح سقفا لأسعار النفط الروسي، وتحاول تحديد سقف لأسعار الغاز، وكل ذلك لن يؤدي سوى إلى نقص في الطاقة بأوروبا وزيادة في الأسعار.

وبالمناسبة، فالصورة متماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ينفق الرئيس الأمريكي جو بايدن احتياطيات النفط في بلاده من أجل خفض أسعار البنزين، والأمريكيون غير المعتادين على العمل يتركون القوة العاملة، ويديرون دوامة “نمو الأجور-نمو التضخم-نمو الراتب-نمو التضخم” وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية.

استنتاجا، من الممكن حدوث انخفاض مؤقت في التضخم بأوروبا والغرب، ولكن فقط بسبب انهيار الاقتصاد ومستوى معيشة الأوروبيين، وهو ما من المحتمل أن يتسبب في اضطرابات ويجبر الحكومات على استئناف طباعة النقود الورقية غير المغطاة، ما سيدفع التضخم إلى مستويات أعلى بكثير مما نشهده الآن.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى