صدى المجتمع

هل أشعل تغير المناخ حرائق الغابات في اليونان؟

تستعر حرائق الغابات في أرجاء اليونان منذ أكثر من سبعة أيام متواصلة، وهذا ما أسفر عن عمليات إجلاء واسعة النطاق ورحلات إنقاذ جوية للسياح البريطانيين وتحذيرات من المسؤولين بأن الأمور قد تتفاقم.

فيما لم يحدد سبب الحرائق رسمياً بعد، لمحت السلطات المحلية إلى اندلاع بعض الحرائق في الأقل بفعل فاعل.

لكن خبراء علم المناخ ومخاطر الحرائق يقولون إن ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر الطويلة تسببت بلا شك في انتشار حرائق البلد المتوسطي بسرعة أكبر في مناطق أكثر.  

ما سبب اتقاد حرائق الغابات في اليونان؟

اندلعت خلال الأسابيع الأخيرة عدة حرائق في مختلف أنحاء أوروبا -من بينها سويسرا وإيطاليا وتركيا وكرواتيا وإسبانيا- مع اجتياح موجات الحر القارة.

لكن اليونان تلقت الضربة الأسوأ. وفقاً لناطق باسم الحكومة، اندلعت حرائق الغابات بمعدل 50 حريقاً يومياً لمدة 12 يوماً متواصلاً في يوليو (تموز)، فيما سجلت إحدى عطل نهاية الأسبوع اشتعال 64 حريقاً.

وتعقيباً على هذه الأحداث، قال الدكتور ماثير كاسوار من مركز ليفرهولم لمكافحة حرائق الغابات والبيئة والمجتمع التابع للكلية الملكية Imperial College لـ”اندبندنت”، إن شدة الجفاف [المواتية لسرعة الاشتعال] تسهل انتشار الحرائق. 

وأضاف “يزداد خطر اندلاع الحرائق بسرعة في ظل طول فترات المناخ الحار الذي يجفف التربة والنبات كلياً”.

وتابع بقوله “إن تغير المناخ قد زاد من حدة ووتيرة وطول موجات الحر عند وقوعها”، فيما وصلت درجات الحرارة في البر اليوناني الجنوبي إلى 45 درجة مئوية (113 درجة فهرنهايت) في وقت سابق من الشهر الجاري.

وقال الدكتور نايجل أرنيل، خبير علوم المناخ “وقع عدد كبير من الحرائق في اليونان في مناطق تغطيها نباتات أشبه بالشجيرات”.

وجدت دراسة صادرة عن جامعة فلوريدا أن الحرائق الفرعية تنتشر في مساحة أبعد من محيط الحريق الأساسي في أماكن حلت فيها نباتات خشبية مثل الشجيرات والأشجار محل النباتات العشبية مثل الحشائش.  

هل تغير المناخ الناجم عن أعمال البشر هو سبب الحرائق؟

يرى الدكتور آدم بيليغريني، الأستاذ في جامعة كامبريدج والخبير في نظم الغابات البيئية وتغير المناخ، أن غرب الولايات المتحدة يوفر أحد أفضل الأمثلة على مساهمة تغير المناخ الناجم عن أفعال البشر في اشتعال الحرائق.

وشرح ذلك قائلاً “تناول دراسة من عام 2016 [بالدراسة] منطقة تعرضت للاحتراق في الغابات الغربية، كما في الظروف المناخية وظروف الجفاف. أجرى الباحثون محاكاة للمناخ مع ومن دون انبعاثات (غازات الدفيئة) البشرية المنشأ” [في ظل الأنشطة البشرية وحين غيابها].

وتابع الدكتور بيليغريني “وفي ظل هذه المحاكاة المناخية، التي يشوبها بعض احتمالات الخطأ، توصلوا إلى وجود احتمالات عالية بأن الحرائق التي نراها اليوم لم تكن لتحدث من دون تغير المناخ”. 

أظهرت الدراسة أن تغير المناخ البشري المنشأ أسهم في تضرر 4.2 مليون هكتار إضافي من مساحة الغابات بالحرائق بين 1984 و2015، أي ضعف المساحة المتوقعة من دونه.

ولفت الدكتور بيليغريني إلى أن “هذه الدراسة جرت في غرب الولايات المتحدة لكن هذا هو نوع التحاليل المطلوبة (لحرائق الغابات في أوروبا). أعتقد أن البعض سيحاول أن يقوم بهذا الآن”.

وجدت دراسة لشبكة تحليل الأرصاد الجوية العالمية World Weather Attribution أن موجات الحر الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة كانت “شبه مستحيلة” الحدوث من دون تغير المناخ البشري المنشأ. وبحسب الدراسة، فإن تغير المناخ تسبب بارتفاع درجات الحرارة خلال موجة الحر التي ضربت أوروبا هذا العام بدرجتين ونصف الدرجة.

هل يمكن تفادي هذه الظواهر الجوية المتطرفة؟

السبيل إلى خفض تعاظم الحر والجفاف ووتيرة حدوث هذه الظواهر، هو وقف انبعاثات غازات الدفيئة وفقاً للدكتور بيليغريني الذي أضاف “هذه أفضل طريقة لإنجاز ذلك”.

تشمل أمثل الطرق لضبط وتقليص أضرار حرائق الغابات إشعال نيران  مسيطر عليها خلال فترة أقل حرارة وأكثر رطوبة. وتابع بقوله إنه “بهذه الطريقة، تحرق الوقود الذي يغذي الحريق، لذلك إن حل عام شديد الحرارة والجفاف، نأمل ألا يكون حريق الغابة بهذه الشدة”.

تشمل بعض القيود التي تحد هذه الخطوات ارتفاع كلفة الحرائق المضبوطة [المسيطر عليها]، إضافة إلى صعوبات في إمكانية الوصول إلى مناطق نائية مثل سيبيريا حيث تشتعل حرائق الغابات منذ العام الماضي.

ويعد رعي الحيوانات من الطرق الأخرى لتقليص خطر الحريق، كما شرح أوليفر بيركنز الباحث في الكلية الملكية “يدفع لمزارعي الماعز في المناطق الإسبانية المعرضة للخطر، ليس لإنتاج السلع الغذائية بل لتقليص خطر الحريق عبر رعي النبات القابل للاشتعال”.

هل هناك خطر اندلاع حرائق غابات في المملكة المتحدة؟

حذر الدكتور كاسوار من أن كل منطقة في العالم تقريباً تتعرض لطقس حار أشد وبوتيرة أكبر، وأن المملكة المتحدة ليست استثناء. 

وأضاف “شهدنا درجات حرارة وحرائق كسرت كل المقاييس في جنوب المملكة المتحدة الصيف الماضي، فيما سجلت البلاد اندلاع أكبر الحرائق فيها خلال السنوات القليلة الماضية. ما لم نجعل درجات الحرارة حول العالم تستقر عبر خفض الانبعاثات العالمية وصولاً إلى مستوى صافي الصفر [تصفير الانبعاثات]، سيبقى قائماً خطر اندلاع حرائق الغابات هنا في المملكة المتحدة كما في مناطق كثيرة أخرى من العالم سيتفاقم”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى