رأي

هل آن أوان الخروج من العراق

كتب محمد حسن الساعدي في صحيفة العرب.

إشعال المنطقة لن يحل أي مشكلة ولن يحل أي خلاف بين الدول المتصارعة خصوصاً مع الدعم اللامتناهي لتل أبيب في حربها ضد الشعب الفلسطيني وهو ما أجج المشاعر المعادية للغرب.

صدرت العديد من التقارير عن مؤسسات تحليلية تؤكد أن قوات التحالف كان يمكنها تجنب قتل ثلاثة من جنودها في قاعدة التنف على الحدود السورية – الأردنية – العراقية، التي تم استهدافها بصواريخ المقاومة، وهو ما ينبغي أن يكون دافعاً لتسريع خروجها من سوريا والعراق. كان عليها أن تقلل المخاطر المحدقة بجيوشها المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط. عملية التصعيد التي تمارسها خطأ ربما تؤدي إلى زيادة التوتر والمواجهات.

المهمة التي من أجلها جاءت قوات التحالف الدولي إلى المنطقة قد انتهت بنهاية عصابات داعش الإرهابية، ويمكن أن يكون هناك استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة المنطقة من خلال القواعد العسكرية الثابتة في تركيا أو قطر أو الكويت، بدلاً من الدخول في صراع ربما يدخل المنطقة في حرب لا تنتهي سريعاً، وتكون وطأتها أشد على التحالف الدولي، الذي لا يسعى لأي قتال يكلفه خسارة المزيد من الأرواح بجنوده، ويعزز حالة الصراع الدائم.

مازالت هناك بعض الرؤى التي تعزز فرضية أن الضربات الموجهة إلى القواعد العسكرية في سوريا والعراق توفر الأمن لقوات التحالف الدولي، وأن الخطر ينحسر بمثل هذه الضربات، ولكن هذا التحليل لا يصمد أمام الواقع الحقيقي لطبيعة المنطقة، وطبيعة القوة العسكرية المتواجدة فيها، كما أنه يسيء لفهم المنطقة ولطبيعة التحديات والمخاطر المحدقة بها. لذلك بات من الضروري النظر إلى مستقبل المنطقة دون التحالف الدولي، لأن هناك العديد من الدول التي تريد خروج القوات الأميركية، من ضمنها تركيا والعراق وسوريا، حيث يعاني الشعب السوري من حصار اقتصادي خانق بسبب عقوبات واشنطن، بالإضافة إلى وجود قوات أميركية تحتل 30 في المئة من الأراضي السورية وتقوم بسرقة النفط من آبارها.

الحكومة العراقية تعرضت للكثير من الاستفزاز من قبل التواجد الأميركي في البلاد، خصوصاً بعد استهداف عدد من قيادات الحشد الشعبي، وهو ما أدى إلى تصاعد وتيرة الهجمات التي تشنها فصائل المقاومة على القواعد العسكرية، سواءً في العراق أو المنطقة عموماً، كما أن واشنطن وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع الحكومة العراقية، إذ أن الحشد الشعبي يعد أحد التشكيلات العسكرية التابعة للقوات الأمنية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة، ما يعني أن المواجهة باتت واضحة ومباشرة.

إشعال المنطقة لن يحل أي مشكلة فيها، ولن يحل أي خلاف بين الدول المتصارعة، خصوصاً مع الدعم اللامتناهي لتل أبيب في حربها ضد الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة، وهذا ما أجج المشاعر المعادية للغرب في جميع أنحاء العالم، كما أن قوى المقاومة في المنطقة لا يمكن الانتصار عليها أو دحرها بالقوة والضربات الانتقامية، خصوصاً مع حالة الظلم التي تعرضت لها شعوب المنطقة، وفكرة تواجد الجنود الأميركان في معسكرات في الصحراء منتشرة بمساحات كبيرة لا يمكن الاعتماد عليها كثيرا، وتبقى مجرد آمال لا يمكن تحقيقها، فلا الشعوب تقبل بهذا ولا الحكومات ستستمر بدعمهم وحمايتهم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى