هكذا تعرف أن صحة ولدك النفسية ليست جيدة وتساعده.
لعله من الصعب على الأمهات والآباء ومن يتولون رعاية الطفل اكتشاف إنه يعاني مشكلات في صحته العقلية والنفسية، ومعرفة السبل الكفيلة بدعمه.
ولكن لا بد من أن تكون لديهم المعرفة اللازمة بهذه المسألة.
ووفق “جمعية الأطفال” Children’s Society في إنجلترا، فخلال السنوات الثلاث حتى عام 2022، ارتفع بمقدار النصف احتمال إصابة النشء بمشكلة في الصحة العقلية والنفسية، فيما تفيد المؤسسة الخيرية للصحة العقلية والنفسية لدى الأطفال والنشء “بليس تو بي” Place2Be إن واحداً من كل ستة أولاد يواجه صعوبات في صحته النفسية، وترتفع النسبة إلى واحد من كل أربعة أولاد في أوساط الفئة العمرية بين 17 و19 عاماً.
وتبين أن الاضطرابات العاطفية، من بينها الاكتئاب والقلق، تندرج ضمن المشكلات النفسية الأكثر شيوعاً في صفوف هؤلاء الناشئة.
وبحسب جيمس إيميت، المشرف السريري الإقليمي في “بليس تو بي”، فعلى رغم أن الحكومة البريطانية قد اتخذت “خطوات مهمة” في سبيل إيجاد حل لهذه المشكلة من طريق إدخال فرق الدعم الصحية وكبار المشرفين على الصحة العقلية والنفسية إلى المدارس، “ما زلنا نشهد زيادة حادة في تشخيص حالات الصحة العقلية والنفسية بين صفوف الصغار والنشء، ويواجهها الآن واحد من كل ستة أولاد، أي نحو خمسة تلاميذ في كل فصل دراسي”.
في سياق متصل، ترى ستيفي غولدينغ، المديرة الأولى في قسم “خدمات الوالدين ومقدمي الرعاية” لدى المؤسسة الخيرية “يونغ مايندس” YoungMinds إن إعداداً أكبر من الشباب، أكثر من أي مضى، يواجهون صعوبات كثيرة في ما يتعلق بصحتهم النفسية ويحتاجون إلى الدعم اللازم. ويواجه هذا الجيل مجموعة فريدة من الأعباء، من بينها العيش في غمرة الجائحة، وأزمة المعيشة، وحالة انعدام الاستقرار المستمرة في العالم، إضافة إلى القلق الذي يعتريهم بشأن مستقبلهم.
وأضافت غولدينغ، “فيما يتخبط الشباب خلال نشأتهم بكثير من التقلبات والتحولات الجيد منها والسيء، ربما لا يكون سهلاً أن تعرف متى عليك أن تقلق بشأن الصحة العقلية والنفسية لدى ولدك”.
في السطور التالية، يوضح غولدينغ وإيميت كيف يمكن للوالدين اكتشاف إذا كان طفلهما يعاني نفسياً، وكيفية مساعدته خلال تلك المحنة
1- ابحثا عن تغيرات في سلوكه
في العادة، يكون التغيير في السلوك أول علامة على شعور الولد أو الشاب بالإحباط، بحسب إيميت، “ربما تجدان أنه يتناول كمية كبيرة من الطعام أكثر مما ينبغي، أو لا يأكل ما يكفي، أو يعاني مشكلات في النوم، أو يتوقف عن القيام بأنشطة يستمتع بها عادة”.
وتضيف غولدينغ، “إذا لاحظتما تغيرات في سلوك ولدكما، أو إذا بدا عليه الانزعاج المستمر، ربما يؤشر ذلك إلى أنه يواجه مشكلة نفسية ما، ومن المهم أن تأخذا مخاوفه على محمل الجد”.
2- امنحاه الفرصة للتحدث
تشير غولدينغ إلى ضرورة أن يحاول الآباء والأمهات التحدث إلى ولدهم، سواء أكان صغيراً أو مراهقاً، بشأن المشاعر التي يختبرها لكن من دون إطلاق الأحكام عليه. “تذكرا أنه ربما لا يرغب في البوح بما يختلج في نفسه من مشاعر في البداية، لذا طمئناه بأنكما موجودان هنا من أجله حينما يصبح مستعداً للكلام. وذكّراه بأن الشعور بالخوف أو الحيرة أمر طبيعي، وحاولا أن تبثا الطمأنينة في نفسه”.
3- لا تجبراه على التحدث
في المقابل، يرى إيميت إن [الطفل أو المراهق] ربما لا يرغب في التحدث أحياناً، مضيفاً أنه من المهم ألا يجبره البالغون على الدخول في نقاش لا رغبة لديه في خوضه. على الأم والأب والأشخاص الذين يتولون رعاية الولد أن يحرصوا على وجودهم إلى جانبه، لكن من دون أن يمارسوا عليه أي ضغط كي يتحدث إليهما.
ويوضح إيميت، “يميل المرء فعلاً إلى طرح أسئلة كثيرة، ومن السهل حينها الانزلاق إلى أسلوب الاستجواب. حاولا أن تصبا تركيزكما على الحاضر والخطوات التي تساعد ولدكما في المضي قدماً”.
4- اختارا الوقت المناسب
خلال اللحظات العصيبة، تجنبا الدخول في مناقشة مع ولدكما بشأن الأسباب الكامنة وراء معاناته النفسية، وفق نصيحة من غولدينغ التي تضيف مضيفة أن “على الرغم من الأهمية البالغة التي يكتسيها تقديم الدعم، لعله من المجدي أكثر تأجيل معالجة هذه المسائل ريثما يشعر الولد بالهدوء”.
5- اسألاه عن شعوره
اسألا ولدكما إن كان يلاحظ أن شعوره بالحزن يزداد أكثر أو يتضاءل في المدرسة مثلاً، أو حينما يكون برفقة أصدقائه وعائلته، وفقما يشير إيميت الذي يوضح أن “التجاوب بحس مرهف وباهتمام مع الإشارات التي تتبدى لدى ولدكما، سيساعده في معرفة أنكما موجودان هنا من أجله”.
وتلفت غولدينغ إلى إن الآباء والأمهات يوليان مشاعر أولادهم التقدير اللازم من طريق قول كلمات مثل “من المفهوم تماماً ما تشعر به…”. وتوضح، “يساعد هذا الأسلوب في طمأنة ولدكما إلى أن الأحاسيس التي تختلج في نفسه مقبولة، وأنه من الطبيعي أن يختبر مشاعر مختلفة عن الآخرين”.
6- ارجعا معه بالذاكرة إلى عقبات تغلب عليها في الماضي
حينما يشعر الولد أو الشاب بالإرهاق، ينسى الصعاب الكثيرة التي سبق أن تصدى لها في حياته. وبحسب إيميت، “أخبراه قصصاً عن الفخر الذي غمر قلبكما حينما تغلب على لحظات صعبة معينة مر بها في حياته، مثل خوض الامتحانات المدرسية، أو الانتقال إلى منزل جديد. سيتذكر في هذه الحال قوة صموده وقدرته على التكيف مع المواقف الصعبة”.
7- شجعاه على النشاط المستمر
يوضح إيميت إنه “في الغالب، ترتبط الصحة الجسدية بالصحة العقلية والنفسية، وبالتالي، فإن الانخراط في نشاط ما يشكل وسيلة رائعة لتعزيز الصحة العقلية والنفسية لدى طفلك، والخروج من المنزل إلى المساحات الخضراء يطرح حتى فوائد أكبر”.
ويقترح على الآباء والأمهات الخروج في نزهة سيراً على القدمين أو ركوب الدراجة لمسافات قصيرة مع أولادهم بدلاً من ركوب السيارة. “إنها وسيلة أرخص وتساعد على جعل كوكب الأرض مكاناً أكثر صحة أيضاً”.
8- قدما نموذجاً للعلاقات الإيجابية
العلاقات السعيدة بين الوالدين والبالغين الآخرين المهمين في حياة الولد تقود الجميع إلى التمتع بحالة عقلية ونفسية وجسدية أفضل، وفق تأكيد إيميت الذي يضيف، “من طريق صوغ العلاقات الإيجابية الخاصة بكما، تساعدان ولدكما على رؤية الشكل الذي لا بد أن تبدو عليه العلاقات الإيجابية والصحية والمجدية، إضافة إلى معرفة متى لا تكون الصداقات إيجابية”.
9- أخبراه أن مشاعره ستتغير إلى الأفضل
ربما تتعذر على ولدكما رؤية الضوء في نهاية النفق المظلم الذي يعيش فيه. وبحسب غولدينغ، “طمئناه إلى أن ما يشعر به أمر مؤقت وسيزول، والأحوال تتغير وسيشعر بالتحسن”.
10- تناقشا معه بشأن المساعدة المتوفرة
تحدثا إلى ولدكما عن مصادر المساعدة المختلفة الموجودة في المتناول، كالخطوط الهاتفية المخصصة لتقديم المساعدة، وخدمة الرسائل النصية، والدردشة عبر الإنترنت. ووفق كلمات غولدينغ، “طمئناه إلى أنه لا مانع من الوثوق بالآخرين، ذلك أن الشباب يقلقون غالباً من أن يشعر والداهم بالاستياء منهم”.