
باسم المرعبي – ناشر موقع “رأي سياسي”:
أما وقد شكلت الحكومة في ظل ظرف استثنائي يعيشه لبنان، من تداعيات حرب اسرائيلية شنت عليه وأحدثت دماراً هائلا، الى جانب أزمة اقتصادية ومالية ما تزال تعصف به منذ سنوات. فلا بد لهذه الحكومة من أن تسارع فوراً الى وضع الخطط والدراسات للبدء بالتواصل كل من موقعه بالأشقاء العرب والمجتمع الدولي للمساعدة في إعادة الاعمار، ومواكبة ذلك بورشة اصلاحات واسعة تعتبر بالنسبة للخارج الممر الإلزامي لتقديم يد العون للبنان.
إن اللبنانين يستبشرون خيرا من هذه الحكومة التي تتألف من وزراء تحكي عنهم سيرهم الذاتية، وخصوصا الوزراء الذين لديهم مصالح في الخارج لجهة نجاحهم وإبداعهم ومساهمتهم الكبيرة في نجاح القطاعات التي يعملون فيها في هذه الدول، وهم أي اللبنانيين يأملون من هؤلاء الوزراء أن ينقلوا تجاربهم الناجحة الى بلدهم والعمل على نهوضه وجعله يواكب التطور الذي يحصل في العالم، بعد تخلفه عن ذلك إما بسبب الحرب، أو بسبب النكد السياسي، والفساد، والهدر، والسرقات، حيث اصبح لبنان شبه معوق ينتظر على الرصيف الدولي لتلقي المساعدة، بعد أن كان منارة للعالم، والأول في محيطه على مستوى القطاعات المصرفية، والطبية، والاقتصادية، والسياحية، والتعليمية.
إن اللبنانيين بجميع توجهاتهم ومذاهبهم يناشدون الوزراء الجدد الأبتعاد عن المناكفات، وعدم الغرق في وحل المحاصصات، والإنصراف الى العمل من منطلق وطني بحت لا وجود فيه للطائفية، والمذهبية، والمناطقية، والاستزلام لأي كان، لأن البلد يقف على حافة الهاوية وهو يحتاج الى العمل الجاد والدؤوب، وأن تتحول الحكومة الى ما يشبه خلية النحل، لأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان في ظل متغيرات قادمة ورسم جديد لخارطة المنطقة.
ليس صحيحا ما يقال أن هناك شرخا بين اللبنانين، هناك من يصطنع هذا الشرخ لغايات سياسية وشخصانية، والدليل انه نادرا ما ترى في اي مكان في المقاهي او المطاعم او في العمل مجموعة مؤلفة من عدة اشخاص من طوائف متعددة إلا وتجد علاقتهم على أحسن ما يرام، ويتبادلون الحديث عن هواجسهم لكنهم في نهاية الأمر متفقون على انتمائهم لوطنهم وحرصهم عليه، وحدهم أهل السياسة وبفعل خلافاتهم وانقسامهم يحاولون عكسها على الشارع والى الآن نسطيع القول أنهم لم ينجحو والدليل ما جرى خلال الحرب الإسرائيلية حيث إحتضن الشعب اللبناني من مختلف الطوائف والمذاهب كل الذين هربوا من جحيم هذه الحرب من دون اعطاء اي اعتبار لطوائفهم ومذاهبهم، وهم بذلك أعطوا للعالم صورة عن النموذج الحقيقي عن لبنان التعايش والتعددية، نأمل أن ينعكس ذلك داخل الحكومة لتكون حكومة نموذجية في العمل ومعالجة كل المشاكل الموجودة.
وهنا نتمنى أن لا نرى المشهد ذاته الذي رافق تأليف الحكومة من تجاذبات وكباش حول الحقائب ومن سيتولاها، على الاستحقاقات المقبلة لا سيما في التعينات في الادارات العامة التي اصبحت مترهلة على كافة المستويات، بحيث “يعطى الخبز للخباز” بمعنى ان يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب من دون النظر الى طائفته ومذهبه، لانه بذلك ينتظم عمل المؤسسات وتعود الحياة الى ادارات الدولة التي عشعش فيها الفساد والهدر والسرقات على مدى سنوات.
وفي الختام لا بد من تهنئة اللبنانين على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، على أمل ان يستعيد لبنان دوره ومكانته في المحافل الدولية، وأن يستطيع إعادة إعمار ما دمرته الحرب لأن ذلك يشكل أول إمتحان لحكومة العهد الاولى.