
حسين زلغوط
خاص- “رأي سياسي”:
وسط الدخان المتصاعد من الضاحية الجنوبية بفعل استمرار العدو الاسرائيلي خرقه لاتفاق الهدنة والقرار 1701، يزور رئيس هيئة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار في جنوب لبنان الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز بيروت الأربعاء المقبل، حيث من المقرر ان يلتقي رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، ومجلس النواب نبيه بري، والحكومة نواف سلام.
واذا كان من غير المعلوم ما يحمله الجنرال الاميركي في جعبته، فإن المسؤولين اللبنانيين سيسألونه عما هو فاعل حيال العدوان الاسرائيلي الذي لم يتوقف يوماً واحدا بعد توقيع الاتفاق، مقابل استمرار لبنان في التزامه وتجاوبه مع تنفيذ الاتفاق الأميركي – الفرنسي لإنهاء الحرب.
لا شك ان الجنرال جيفرز سيسمع في المقرات الرئاسية الثلاثة الطلب نفسه، وهو ضرورة أن تقوم بلاده ومعها فرنسا كونهما الراعيين للاتفاق بالضغط على إسرائيل لإنقاذ اتفاق الهدنة ومنعه من السقوط، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، والانسحاب من التلال الخمسة، مع ان اوساط سياسية اعربت عن خشيتها من ان تكون الزيارة محصورة بمواكبة المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، والاطلاع على ما آل إليه التواصل بين الرئيس عون وقيادة “حزب الله” حول حصر السلاح بيد الدولة، ووضع القرار على سكة التطبيق عندما تتوافر الظروف.
من المؤكد ان رئيس لجنة المراقبة يعرف تماما بأن إسرائيل هي من تعطّل تطبيق القرار 1701 وذلك من خلال عدم انسحابها من الجنوب، ورفضها التجاوب مع الجهود الدولية لإطلاق من لديها من الأسرى اللبنانيين، على الرغم من أن الحزب لم يعلن عن عددهم في ظل الصعوبة التي يواجهها في كشف مصير المفقودين نتيجة طلعات المسيرات الاسرائيلية على مدار الساعة في الأجواء، وتنفذ احيانا عمليات اغتيال، مع العلم أن لبنان اتخذ قراره بحصرية السلاح بيد الدولة، وأنّ لا عودة عنه، كما أن رئيس الجمهورية لا يترك مناسبة او لقاء داخليا وخارجيا إلا ويشدد على ما جاء في خطاب القسم لهذه الناحية، وأن انطلاق الحوار مع “حزب الله” يتوقف على مدى استعداد إسرائيل لإطلاق الأسرى اللبنانيين والانسحاب من جنوب لبنان إلى الحدود الدولية.
وفي دلالة واضحة على مدى التزام لبنان باتفاق الهدنة وتنفيذ مندرجاته كاملة هو أن سيطرة الجيش على بعض البلدات في شمال الليطاني، وتحديداً تلك التي انطلقت منها الصواريخ باتجاه مستعمرتي المطلة وكريات شمونة، ما كانت لتحصل لو لم يكن “حزب الله” متعاونا مع الجيش الى أبعد الحدود، لقطع الطريق على إسرائيل في مطالبتها، وبدعم أميركي، بأن هذه البلدات تقع في النطاق الجغرافي لجنوب الليطاني، وبالتالي فهي مشمولة بخطة الانتشار.
وفي هذا السياق يُخشى أن يكون الجنرال الأميركي يريد العمل على تقطيع الوقت، وأن حضوره إلى بيروت يأتي بالتلازم مع مواصلة المفاوضات الأميركية – الإيرانية، كون أن ضغط واشنطن على تل أبيب يتلازم مع التوصل إلى اتفاق، وإلا فإن الإدارة الأميركية لن تحرك ساكناً، في المدى المنظور، للإبقاء على الضغط الإسرائيلي المفروض على “حزب الله” لمنعه من إعادة بناء قدراته العسكرية، على الرغم من أن الحصار المفروض عليه يؤذيه وبيئته، ولن يكون في وسعه إعادة ترميم بنيته العسكرية والأمنية.