رأي

هذا ما ردّده غوتيريس أمام المسؤولين: وتماهٍ أميركي – فرنسي – خليجي حيال الملف اللبناني

كتب وجدي العريضي لـ “النهار”: استرعت المواقف الدولية الأخيرة تجاه لبنان، اهتماماً لافتاً وقراءةً متأنية لما يحاك لهذا البلد المنهار والمفكّك. والسؤال: هل يتحمّل المزيد من تصفية الحسابات على أرضه وأن يعود منصة وساحة للآخرين، وبالتالي هل يعيد التاريخ نفسه، من السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وعهد الوصاية والآن إيران و”حزب الله”؟ بحيث ليس صدفةً وفق المتابعين أن يتم تحذير السياسيين اللبنانيين الفاشلين وفرض عقوبات عليهم، وهذا الكلام صدر من أعلى مستوى، أي من دوائر البيت الأبيض ويُعتبر موقفاً أميركياً رسمياً، إضافة إلى تحذير كندا رعاياها من التجول في بعض المناطق اللبنانية حيث الإرهابيون، وقد غمز البيان الكندي من قناة “حزب الله” عبر تعداد المناطق التي هي ضمن نفوذ الحزب.
في السياق، تكشف مصادر سياسية مطّلعة لـ”النهار” أن ما طرحه #الأمين العام للأمم المتحدة على المسؤولين اللبنانيين، إنما هو نابع من لاءات “إعلان جدة”، وصولاً إلى الموقفين الأميركي والفرنسي تجاه لبنان، إذ ردّد عبارة واحدة أمام الذين التقاهم: إما حصول الإنتخابات في موعدها، والشروع في الإصلاح، وإلا العقوبات جاهزة من دون مراعاة لأي طرف أياً يكن، هذا ما كُشف من خلال اتصال بين مرجع سياسي بارز وسفير غربي في لبنان، والذي لم يستبعد أن يتم طرح الملف اللبناني في الأمم المتحدة عبر جلسة خاصة به، بعدما أصرّ غوتيريس على مراقبة الوضع عن كثب ليتّخذ الموقف المناسب في هذا الإطار.
وعلى خط موازٍ، تضيف المصادر أن ما يحصل اليوم دليل ملموس على أن الساحة المحلية عرضة لتلقف كل التطورات والأحداث داخلياً وإقليمياً، إذ من الضرورة قراءة بعض المجريات الأخيرة من خلال كلمة مندوب المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعملي، الذي شن هجوماً غير مسبوق على الرئيس السوري بشار الأسد والدولة السورية، إلى “حزب الله”، حيث اتهمه بالحزب الإرهابي، وقد حملت كلمته عناوين لافتة بما معناه أن الحرب في سوريا لم تنتهِ بعد وثمة تطورات مرتقبة، ما يعني بداية أن ما قيل عن تقدم في الإتصالات بين الرياض ودمشق لا أساس له من الصحة بعد الجهود العراقية في هذا الإطار، وصولاً إلى ما يُرسم للمنطقة من تحوّلات ربطاً بالدور الذي تضطلع به المملكة عبر “إعلان جدة” والإلتفاف الخليجي حول السعودية، ناهيك بتعثّر المفاوضات النووية في فيينا والمواقف السعودية، إلى سائر دول مجلس التعاون الخليجي، إذ ظهر بشكل واضح تناغم وتماهٍ حول الملف اللبناني وتحميل “حزب الله” مسؤولية تقويض الإستقرار والأمن في هذا البلد، مما يعني عبر التمعن بكل هذه التحولات، أن لبنان مقبل على مرحلة مفصلية كون ساحته هشة، إلى ما يمر به من تحلل للدولة بكل مؤسّساتها ومرافقها، إضافة إلى عامل بارز بدأ يرتفع منسوبه في الآونة الأخيرة ويتمثل بعودة الإصطفافات السياسية الداخلية إلى ما كانت عليه في حقبة العام 2005، وإن لم يكن هناك من عودة لـ 14 و8 آذار، ولكن المواقف التي أطلقت من أقطاب الجبهة السيادية المولود الجديد والآخذة في التنامي، تدلّ على أن الإشتباك السياسي في البلد آتٍ لا محالة والنزاعات الإقليمية سترتد على الداخل اللبناني، وسط تساؤلات حول كيفية مقاربة ما يحصل في المنطقة وعلى الساحة المحلية مع إجراء الإستحقاقات الدستورية، بمعنى هل يمكن حصولها في خضم هذه الأجواء التي تنذر بالشر المستطير في حال انعكست الخلافات في الإقليم على البلد، وتحديداً من خلال فائض القوة لدى “حزب الله”، من دون إغفال ما يجري على الصعيد القضائي والمجلس الدستوري؟ كذلك إستمرار الإنحدار الإقتصادي والحياتي إلى دخول البلد في فوضى عارمة، وهذا ما حذرت منه “النهار” قبل أسابيع ربطاً بالوضع المعيشي المأزوم، وما الإعتداءات والسرقات وارتفاع معدل الجريمة إلا مؤشر لهذا المعطى الذي أخذ يهز المجتمع اللبناني.
من هذا المنطلق، وعَودٌ على بدء، فإن لاءات البيت الأبيض للطبقة السياسية الفاشلة كما تمت تسميتها، فذلك دليل على تناغم من المحيط إلى الخليج حول ضرورة خلاص لبنان من خلال عناوين أساسية يجب الإلتزام بها وتنفيذها من “إعلان جدة” إلى ما صدر عن قمة الرياض الخليجية والموقف الفرنسي المتناغم مع الرياض وواشنطن، إلى ضرورة قراءة تجاهل الرئاسة وقيادات سياسية كثيرة من لقاءات موفدين غربيين وأمميين، وربطاً بتحذير كندا لرعاياها، بمعنى أن الأسابيع المقبلة ستوضح على أي بر سيرسو لبنان في خضم هذه الأجواء، مع الإشارة وفق ما يقوله أحد السفراء اللبنانيين السابقين في واشنطن، الى أنه يستشف ضغوطاً دولية على البلد لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها كونهم يدركون أن المنظومة السياسية لا تريد هذه الإنتخابات، ومن ثم الضغط الأميركي والفرنسي والخليجي على “حزب الله” بشكل غير مسبوق لكفّ يده عن السيطرة عليه وتدخّله في الخارج ولا سيما في اليمن، وبالمحصلة ثمة مرحلة ستكون مغايرة كلياً لما هو عليه الوضع اليوم، ولكن من الطبيعي سيدفع لبنان فواتير باهظة حيال هذه التحوّلات، وربما ستؤدي في نهاية المطاف إلى تسويةٍ لانتشاله من أزماته، وهذا ما سيمر في مطبات سياسية وأمنية واقتصادية للوصول إلى هذه التسوية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى