هدنة غزة: تقدم كبير بالمفاوضات… لكن الخواتيم تتطلب أسابيع
على الرغم من تصاعد أنباء متفائلة، تتحدث عن «تقدم كبير» في المفاوضات الجارية في الدوحة بين إسرائيل و«حماس» لإبرام اتفاق لوقف النار في غزة، تؤكد عناصر مقربة من المفاوضين أن الخواتيم ما زالت تحتاج إلى مزيد من الوقت، ربما عدة أسابيع. وتشير إلى أن الخلافات ما زالت قائمة في عدة بنود، منها عدد المحتجزين الإسرائيليين الذين سيُفرج عنهم في النبضة الأولى ونوعية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم بالمقابل.
ونقلت وسائل الإعلام العبرية، الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن التقدم الحالي في المفاوضات قد يُفضي إلى إتمام صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار «خلال أسبوعين، إذا استمرت المباحثات بالوتيرة نفسها». ولكن هناك فجوات معينة لا يمكن تجاوزها عبر المباحثات الجارية في الدوحة، وتتطلب قرارات من القيادات السياسية في كلا الجانبين، خصوصاً في موضوع الأسرى الفلسطينيين الكبار المطلوب تحريرهم، أمثال مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعباس السيد وعبد الله البرغوثي، وموضوع الحزام الأمني الذي تطالب به إسرائيل على طول الحدود وموضوع اليوم التالي بعد الحرب.
وذكرت مصادر فلسطينية أن من بين العراقيل الأساسية، الإصرار الإسرائيلي على ألا يعلن عن وقف الحرب. فهذا الموقف يثير مخاوف الفلسطينيين من أن تقوم إسرائيل باستئناف الحرب بعد النبضة الأولى تماماً. وتحاول الولايات المتحدة ودول الوساطة، مصر وقطر، إقناعهم بأن هناك دينامية تسير في الاتجاه المعاكس وأنه من اللحظة التي سيبدأ فيها تطبيق المرحلة الأولى، سيصعب على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الانسحاب من الاتفاق؛ لأن تفجير الصفقة في الفترة الانتقالية بين المرحلتين سيؤدي إلى استئناف الحرب وإبقاء المخطوفين المتبقين بالأسر في قطاع غزة. والحكومة لن تتمكن من الصمود أمام الضغط الذي سيستخدم عليها، سواء من الخارج أو من داخل المجتمع الإسرائيلي.
وقد بدأت عائلات المحتجزين والأسرى الإسرائيليين معركة من نوع مختلف حول الصفقة، تحذر فيها من سياسة نتنياهو، الذي لا يريد صفقة كاملة. ويتضح أن منتدى هذه العائلات قام بتغيير طاقمه القيادي بالكامل في الأسابيع الأخيرة، من وراء الكواليس ومن دون ضجيج إعلامي. وبدلاً من المستشارين الاستراتيجيين الذين لعبوا دوراً رئيسياً في النضال وساروا في خط متشدد تجاه نتنياهو وحكومته، تسلم مهمة القيادة أشخاص يتبنون موقف اليمين الإسرائيلي الذي يطلب صفقة كاملة بلا مراحل.
وحسب المعلق العسكري في «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإن «العائلات تتصرف الآن في عدد من قنوات العمل الموازية، وإلى جانب تنظيم المظاهرات وخطوات احتجاج أخرى، تحاول استخدام تأثيرها أيضاً على نشطاء يمين، وحتى يمين متطرف، في محاولة لتخفيف المعارضة للصفقة. والتفكير هو أن اليسار والوسط، وحتى الأحزاب الحريدية، ستؤيد أصلاً تمرير كل صفقة يصادق عليها نتنياهو. والصعوبة تكمن في تخفيف المعارضة من اليمين بهدف ضمان أكبر قدر من التأييد».
ويقول هرئيل إنه «ليس سراً أن رئيس الحكومة يعتمد في بقائه السياسي على شركائه في اليمين، وأن معارضتهم لتقديم التنازلات في السنة الأخيرة كانت اللغم الأساسي في الطريق إلى الصفقة. بعض هذه الجهود وجدت التعبير في تطبيق خطوات علنية. هكذا، نشرت رسائل لحاخامات الصهيونية الدينية عبرت عن التأييد المبدئي لتحرير المخطوفين بواسطة صفقة، وتم تنظيم زيارات لحاخامات ومراسلين من اليمين في كيبوتسات غلاف غزة. مع ذلك، معظم عائلات المخطوفين تأتي من كيبوتسات الغلاف ومن معسكر آيديولوجي بعيد جداً عن اليمين، وهي تجد صعوبة في إجراء حوار مفتوح مع أعضاء الكنيست وحاخامات الصهيونية الدينية. لذلك فإن هذه الخطوات تتركز في عدد قليل نسبياً من النشطاء».
ويدعي هؤلاء النشطاء أن اليمين العميق، أحزاب الصهيونية الدينية وقوة يهودية وبعض أعضاء الكنيست في الليكود، مصمم على العودة إلى القتال بعد النبضة الأولى، ليس بسبب الرغبة في إعادة الاستيطان إلى القطاع، بل بالأساس لأنه حسب رؤيته لم تتحقق حتى الآن كل الإنجازات الجوهرية المطلوبة في الحرب. لذلك، يجب السعي إلى عقد الصفقة التي تأخذ في الحسبان الخطوط الحمراء لهذا اليمين العميق. وهذه تشمل إعادة جميع المخطوفين كشرط للانسحاب شبه الكامل من القطاع، وإنشاء حزام أمني على حدود القطاع داخل الأراضي الفلسطينية، وأي دخول إليه سيتم الرد عليه بإطلاق النار، وإيجاد فصل كامل بين القطاع ومصر (بواسطة إغلاق تكنولوجي كامل لمحور فيلادلفيا، دون وجود إسرائيلي مادي، وإقامة معبر حدودي تحت سيطرة إسرائيل في «كرم أبو سالم»، ومنع إشراك «حماس» والسلطة الفلسطينية أو مبعوثيهم في الإدارة المستقبلية في القطاع، والتصميم على أن الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة لن يعودوا إلى الضفة الغربية أو شرقي القدس، بل سيتم طردهم إلى القطاع أو إلى الخارج. ويرون أن تطبيق هذه الأهداف مرهون بخطوات أخرى من ناحية إسرائيل، التي ستتأثر أيضاً بتسلم الرئيس دونالد ترمب منصبه في الولايات المتحدة، وهو ما يحتاج إلى تنسيق كبير مع الأميركيين.
تجدر الإشارة إلى أن 74 في المائة من الجمهور في إسرائيل عبروا عن تأييدهم للسعي الآن إلى صفقة تبادل أسرى كاملة وإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، مقابل وقف الحرب على غزة، وفقاً لاستطلاع صحيفة «معاريف»، الجمعة. ولقي هذا الموقف تأييداً من 84 في المائة من ناخبي أحزاب المعارضة، و57 في المائة من ناخبي أحزاب الائتلاف اليميني. وأيد 16 في المائة صفقة جزئية ولم يعبر 10 في المائة عن موقفهم.