هدنة تستحق خطاباً.
كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.
يستمر القتل والتدمير في غزة وتنشط المفاوضات في الدوحة من أجل هدنة ما. قطر خبيرة في التواصل والتوسط وتمتلك الرغبة والقدرة. هي راغبة دائماً في لعب أدوار كبرى، وقادرة لأنّ لها علاقات «روحية» ومالية مع طرفي القتال ورعاتهم. هي الوسيط الذي جلب آخر أموال الاتفاق الأميركي- الإيراني، وهي تموّل حركة « حماس» وتستضيف قادتها، ولا غرابة أن تتحول منذ اندلاع المواجهات إلى مقر وطرف في مختلف انواع الوساطات بين الجهات المنخرطة في الصراع: اسرائيل، حماس، إيران والولايات المتحدة.
تركزّ «حماس» ومعها إيران في هذه المفاوضات على صيغة ما لوقف النار، تفرضها الكوارث التي أنزلها العدوان بغزة وسكانها، وتتطلبها في المقابل حاجة إسرائيل ومعها الولايات المتحدة إلى الإفراج عن الرهائن الاسرائيليين والأجانب الذين اختطفتهم «حماس» يوم 7 تشرين الأول.
في الساعات الأخيرة لم يكن واضحاً إتجاه الأمور. وحده وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان الذي نشط بين قطر وتركيا منذ مطلع الأسبوع، وحطّ في الدوحة بعد ساعات من وصول مدير الـ»موساد» ديفيد برنياع إليها، قدم بعض التفاصيل حول مشروع يجري العمل عليه.
تحدث اللهيان من أنقرة يوم الخميس عن الصيغة المطروحة على وقع التصعيد الإسرائيلي في غزة، وتكرار البلاغات الحوثية و»العراقية» عن الانخراط في المعركة، فيما كانت الحدود اللبنانية الجنوبية تشهد توسيعاً مدروساً للاشتباك تحت عنوان التضامن مع غزة.
تصعيد الخميس على الحدود اللبنانية كان تحريضاً لانتظار خطاب الجمعة الذي لم يخرج عن «قواعد الاشتباك» وإنما جاء، مع بيانات «الساحات الايرانية» الأخرى، مساهمة في الضغط لتحقيق «الاتفاق» الذي طرحه اللهيان ويُطبَخ على نار حامية في الجبهات والخطابات قبل أن يُصاغ في الغرف المبرّدة. التفاوض تلقى دفعة جديدة مع حضور انطوني بلينكن إلى المنطقة والأرجح أن يسفر عن هدنة أو هدناً بدلاً من اتفاق لوقف إطلاق النار له موجبات وشروط ورعاة، وستكون طروحات عبد اللهيان مادة للبحث.
يتحدث الوزير الايراني عن «خطة لتحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار لبضعة أيام»، يتم خلالها ادخال «المساعدات الإنسانية إلى غزة» و»تبادل إطلاق سراح الأسرى المدنيين من الجانبين، بمن فيهم (اطلاق) سراح جميع الأسيرات الفلسطينيات» من السجون الإسرائيلية. استبق الوزير الإيراني الصيغة النهائية: هل هي هدنة أم اتفاق؟ صباح الجمعة حط بلينكن للمرة الثالثة خلال 3 أسابيع في إسرائيل. كانت الصيغة على نار حامية. إسرائيل مهدت لقبولها بالإعلان عن تسهيلات في الوقود، وحماس قالت إنها تدرس المقترحات… في ختام أسابيع المجازر لاحت «هدنة» في الأفق تستحق خطاباً.