رأي

نيويورك تايمز: المشاركة العربية في اجتماع النقب تعكس خروج “إسرائيل” من عزلتها.. التأكيد على إيران بدلا من فلسطين

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده باتريك كينغزلي قال فيه إن الاجتماع في إسرائيل الأحد يعتبر اختراقا دبلوماسيا مهما نظرا لأنه يجمع وزراء عربا وأمريكيين في أول قمة داخل إسرائيل.

ويشارك في الاجتماع الذي سيعقد في النقب وزراء خارجية الإمارات ومصر والبحرين والمغرب إلى جانب وزيري الخارجية الأمريكي والإسرائيلي. وهو بمثابة إشارة عن قبول عربي بإسرائيل وإعادة اصطفاف لدول الشرق الأوسط التي تسارعت بعد حرب أوكرانيا. كما ويشير إلى محاولة لإحياء العلاقات المصرية – الإسرائيلية وتفعيل للدور المصري كجسر بين إسرائيل والدول العربية. ولم تكن مصر على قائمة الدول المشاركة عندما أعلن عنه يوم الجمعة ولكنها أضيفت يوم السبت.

وتقول الصحيفة إن الاجتماع هو إشارة عن المنافع التي بدأت تجنيها من اتفاقيات السلام التي وقعتها مع دول عربية قبل عامين. ونقلت عن عبد الخالق عبد الله، المحلل الإماراتي “هذه طريقة يتحدث فيها أصدقاء أمريكا وشركاؤهم بشكل جمعي معها وليس فرديا” وربما استمعت أمريكا أكثر.

ولم توقع دول عربية أخرى اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وتظهر استطلاعات الرأي أن الكثير من العرب لا يدعمون التطبيع. وبالنسبة لدول الخليج فإرسال رسالة قوية لأمريكا وعدوتهم إيران يتفوق على ثمن إغضاب الشارع العربي. وعندما وقعت إسرائيل اتفاقيات التطبيع عام 2020 طرحت أسئلة حول وظيفية وديمومة العلاقات الجديدة.

وفي الشهر الماضي، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يزور البحرين، واعترف أن العلاقات بحاجة إلى التطور والتحول “من الاحتفال إلى الجوهر”. ولقاء في المدينة الصحراوية في النقب سدي بوكر سيكون استعراضا ورمزيا، ولكن الجهور هو ما يهم إسرائيل. ورغم مساعدة الولايات المتحدة إسرائيل على توقيع الصفقات مع الإمارات والمغرب والبحرين، فإن إسرائيل هي التي تقوم بالتوسط بين أمريكا والدول العربية. وسيكون اللقاء بمثابة منبر لمناقشة الخلافات ومظاهر القلق المشتركة بشأن أوكرانيا وسيكون فرصة لأنتوني بلينكن لمناقشة قضية أوكرانيا وتشجيع حلفائها في الشرق الأوسط للاصطفاف معها من أجل عزل روسيا.

وباستضافتها، إسرائيل ستجمع بلينكن وعبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي. ورفضت الإمارات حتى هذا الوقت المطالب الأمريكية بزيادة معدلات إنتاج النفط من أجل مساعدة حلفائها الحصول على بدائل عن الغاز الروسي. إلا أن إسرائيل التي أثنت عليها واشنطن لجهودها في التوسط بين روسيا وأوكرانيا- رفضت شجب الغزو الروسي. وباتت إسرائيل التي ظلت معزولة من معظم الدول العربية تعمل جنبا إلى جنب لحماية مصالحها من تداعيات الحرب في أوكرانيا وكذلك مصلحة احتواء إيران.

وسيلتقي وزراء الخارجية في وقت وصلت فيه الجهود الأمريكية لإحياء الملف النووي مع إيران إلى ذروتها. وسيكون بمثابة فرصة للمشاركين للتعبير عن مظاهر قلقهم لبلينكن حول كل مظاهر الصفقة المقترحة التي تعتبر متساهلة مع إيران وتشجيع واشنطن المشغولة بالحرب أن تلعب دورا مهما في المنطقة. وحتى نكون متأكدين، كانت إسرائيل لاعبا دوليا وبخاصة في مجال التكنولوجيا والرقابة الإلكترونية والمعدات العسكرية وكذلك الدهاء الدبلوماسي وقبل عمليات التطبيع بوقت طويل. وكانت تاريخيا القناة الخلفية لواشنطن في العلاقات السرية بينها ودول الخليج والتي بدأت قبل عدة سنوات من إكمال اتفاقيات التطبيع عام 2020. لكن قدرة إسرائيل للعمل كوسيط معروف بين الدول الأخرى وليس فقط الحفاظ على دورها في العلاقات الثنائية أو تمرير رسائل لواشنطن تعتبر أمرا جديدا. ولم تتحول إسرائيل إلى جسر بين واشنطن والعالم العربي بل وكوسيط في الحرب بين روسيا وأوكرانيا حيث سافر بينيت إلى موسكو واجتمع مع بوتين.

ويقول مايكل كوبلو، مدير السياسة في منبر السياسة الإسرائيلي “بصراحة إنه تحول مذهل” و”تعودنا للتفكير في إسرائيل بأننا قوة عسكرية، وأفكر أنه من الدقة بمكان القول إن إسرائيل هي قوة إلكترونية عالمية”، و”لكنني أعتقد أن بينيت يعمل ما باستطاعته لكي يصور إسرائيل كقوة دبلوماسية حيوية بما في ذلك مجالات لم تكن إسرائيل لتلعبها في الماضي، مثل الحرب في أوروبا”.

وبالنسبة لدول الخليج “فالذهاب إلى إسرائيل له معنى” كما تقول إلهام فخرو، المحللة السياسية البحرينية. و”منظور إرسال رسائل حول التحالف الأمني والدفع باتجاه العلاقات مع إسرائيل بشكل مفتوح وبعد ذلك إرسال رسالة لإيران وإلى أمريكا بالضرورة هي أولوية”. وأضافت “لقد وجدت أنها لن تدفع الثمن محليا” لهذه العلاقات.

وتقول الصحيفة إن مشاركة وزير الخارجية المصري هي إشارة عن تغلب إسرائيل عن عزلتها. فقد كانت حتى عام 2020 مع الأردن هما الدولتان اللتان وقعتا اتفاقيات سلام معها. وزار بينيت وعدد من وزرائه الإمارات والبحرين، وهو أمر لم يكن أحد يتخيله. والتقى في شرم الشيخ مع محمد بن زايد ولي عهد الإمارات والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. والأهم من ذلك وقعت وزارة الدفاع الإسرائيلية مذكرتي تفاهم عسكري مع البحرين والمغرب بحيث يسهل عليهما التعاون والتنسيق العسكري. وزادت التعاون التجاري إلى مليار دولار، أي بنسبة 20% منذ عام 2020. وتتعاون إسرائيل مع دول المنطقة على نظام اتصالات بحيث يسهل على الدول تحذير بعضها من المسيرات الإيرانية أو تلك التي تطلقها الجماعات الوكيلة عنها.

ويقول يوئيل غوزانسكي، المسؤول الإسرائيلي السابق والخبير في الخليج بمعهد دراسات الأمن القومي إن حرف أمريكا نظرها لمناطق أخرى جعل دول الخليج تبحث عن شريك في إسرائيل “إسرائيل هنا لتبقى”. والغائب الوحيد في كل هذا هو مصير الفلسطينيين الذين يبدون أقل أهمية للحكومات العربية من تهديد إيران. إلا أن قرار عقد القمة في النقب وليس القدس يعكس حساسية وضعية المدينة المقدسة للقادة العرب.

وحضور قمة في القدس سيفسر على أنه رضى تكتيكي بالرواية الإسرائيلية عن وضعية المدينة التي يأمل الفلسطينيون أن يكون قسمها الشرقي المحتل عاصمة لدولتهم. وسيناقش المسؤولون سرا إمكانية تزايد العنف الشهر المقبل، وحلول شهر رمضان. ولم يناقش أي مسؤول مشارك في الاجتماع موضوع الفلسطينيين الذين عبروا عن خيبتهم من التطبيع.

ويرى غسان الخطيب المحلل الفلسطيني أن “العرب بعملهم هذا يلاحقون وهما لن يخدم قضيتهم أو قضيتنا”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى