رأي

نعي ونحيب وطعن

تخيّلوا معي هؤلاء “الأصدقاء” الذين يبدون الآن مثل الأسود الزائرة، تملأ صفحاتهم على الفيسبوك بالعبارات المؤثرة والدموع المزيفة بعد رحيل الدكتور سليم الحص. فجأة، باتوا خبراء في أخلاق الدولة والوطنية، يتسابقون في النعي والنحيب كأنهم كانوا أول من دافع عن الرجل وقيمه. لكن مهلاً، أليس هؤلاء نفس الأشخاص الذين قبلوا في الانتخابات عام 2000 بأن يقايضوا ضميرهم بنصف ابتسامة وبضع أوراق نقدية؟

نعم، هؤلاء نفسهم، الذين بمجرد أن لمحوا الدولار يلمع أمام أعينهم، نسوا كل شيء عن “النزاهة” و”الشرف” وصوتوا لغنوه جلول. كانوا قد باعوا مبادئهم عند أول فرصة، لكنهم اليوم يعودون بمظهر النبلاء الذي خدعونا به. هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم حماة القيم، كانوا أول من طعن رجل الدولة سليم الحص عند أول دولار قبضوه، وكأنّ دماء الوطنية التي يسيلونها اليوم لم تكن سوى صبغة رخيصة زالت بمجرد لمسها للورقة الخضراء.

التهكم هنا ليس في انحنائهم لدولار، فهذا أصبح أمراً شائعاً في هذا الزمن. التهكم هو في تمثيلية الحزن والعزاء التي يقدمونها اليوم، وكأنهم أبرياء من كل تهمة. يحاولون إقناعنا بأنهم كانوا مع الحص في كل معاركه، بينما هم في الحقيقة كانوا قد باعوه منذ عقدين من الزمن، ولا يسعهم الآن سوى لملمة بقايا الكرامة المفقودة تحت ستار الحزن المصطنع.

يا لها من مهزلة! الآن يضعون صورته على صفحاتهم، يتحدثون عن “خسارة الوطن” وهم من فرّطوا به قبل سنوات. هؤلاء المنافقون الذين لا يعرفون سوى لغة المال، قد أسقطوا قناعهم ليرتدوه مرة أخرى، لكن هذه المرة بقناع “الوطنية المزعومة”.

المصدر: رأي مواطن

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى