خاصأبرزرأي

نزع سلاح المخيمات تُحل تعقيداته بحوار لبناني – فلسطيني

حسين زلغوط
خاص- “رأي سياسي”:


تُعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى بيروت يوم غد الاربعاء، خطوة مهمة في مسار العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، خصوصا في ما يتعلق بملف سلاح المخيمات.
وتأتي هذه الزيارة بعد لقاء إيجابي جمع الرئيس عباس بالرئيس العماد جوزاف عون في آذار الماضي على هامش القمة العربية في القاهرة.
وتتصدر قضية سلاح المخيمات جدول أعمال الزيارة، وسط رغبة لبنانية واضحة في حصر السلاح بيد الدولة، وان كان غير المتوقع أن تحسم الزيارة موضوع تسليم السلاح، نظرًا لتعقيد الملف وتعدد الأطراف المعنية، بما في ذلك حركة “حماس” والفصائل الأخرى.
وكما هو معلوم فان قضية نزع سلاح المخيمات، خصوصًا في السياقات الفلسطينية داخل بعض الدول المضيفة كلبنان تُعد، من القضايا الشائكة والمعقدة التي ترتبط بملفات سياسية، أمنية، إنسانية وتاريخية. فمن جهة، تحمل هذه المخيمات بعدًا رمزيًا لحق العودة واللجوء، ومن جهة أخرى، تحوّلت في بعض الأحيان إلى أماكن خارجة عن سيطرة الدولة، تضم مجموعات مسلحة، مما يجعل فكرة نزع السلاح مطروحة بإلحاح، لكن من دون حلول واضحة.
لقد برزت المخيمات الفلسطينية بعد نكبة عام 1948، كمأوى مؤقت للاجئين، لكن غياب الحل السياسي الدائم حوّلها إلى مجتمعات قائمة بحد ذاتها. مع مرور الزمن، وخصوصًا خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1990)، أصبحت بعض هذه المخيمات مسرحًا لصراعات مسلحة، ما أدى إلى نشوء تنظيمات تحمل السلاح بحجة الدفاع عن النفس ورفض التوطين.
ومن التحديات التي لطالما كانت تحول دون نزع السلاح هي: الفراغ الأمني إذ أن هناك الكثير من المخيمات، خصوصًا في لبنان، لا تخضع بشكل مباشر للسلطة الأمنية الرسمية، ما يجعل ضبط السلاح أمرًا صعبًا، اضافة الى الهاجس الفلسطين، حيث ترى فصائل فلسطينية أن نزع السلاح دون ضمان حقوق اللاجئين، خاصة حق العودة، يُعتبر تفريغًا للقضية من بعدها السياسي، ناهيك عن ضعف التنمية داخل المخيمات وغياب الأفق الاقتصادي الذي يدفع الشباب للانخراط في مجموعات مسلحة بدافع الحماية أو كسب الرزق.
لكن ورغم تعقيد الملف، هناك مقاربات قد تسهم في خلق بيئة تؤسس لنزع السلاح تدريجيًا ومنها: الحوار الفلسطيني–اللبناني، من خلال قنوات تنسيقية تنظر في شؤون المخيمات ضمن احترام سيادة الدولة وحقوق اللاجئين، ودعم المخيمات بالمشاريع التنموية قد يخفف من تغلغل المجموعات المسلحة، وإشراك المجتمع المدني عبر رفع الوعي حول مخاطر السلاح العشوائي ومساهمته في إدامة التوتر، واهم من ذلك الضمانات الدولية، اذ يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دور الضامن في أي اتفاق، لطمأنة اللاجئين والفصائل الفلسطينية في حال توافرت الارادة الحقيقية لمعالجة هذا الملف في ظل التحولات التي طرأت على المنطقة.
من هنا فان نزع سلاح المخيمات ليس مجرد قرار أمني، بل مسار سياسي واجتماعي معقّد يتطلب توافقات داخلية وخارجية. فنجاحه مرهون بوجود استراتيجية شاملة تعالج الأسباب الجذرية، وتجمع بين سيادة الدول المضيفة وضمان الحقوق المشروعة للاجئين، وأي محاولة لحل أمني صرف قد تؤدي إلى انفجار جديد بدلاً من استقرار دائم بين هذه المخيمات ومحيطها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى