نزاع بين السلطة والمصارف والمودعين… بالتفصيل- هذه ابرز بنود خطة التعافي
حصلت صحيفة “الشرق الأوسط ” على نسخة من مسودة خطة التعافي التي أثارت حفيظة المصارف مع ترقب عاصفة اعتراضية من قبل المودعين، حيث تبين في جانبها المالي وهو الأهم على الإطلاق، بحسب الصحيفة، التزام الحكومة بإعادة الوضع السليم للقطاع المالي ومقومات ديمومته. لتصل إلى النقطة الجوهرية فتقر بأن التقديرات الحالية تشير إلى أن احتياجات إعادة رسملة النظام المصرفي تزيد على 72 مليار دولار، إذا لم توضع هذه الخسائر في الحسبان وإذا لم تنفذ استراتيجية هادفة إلى إعادة تقوية النظام، فلن يكون ممكناً استعادة الثقة بالقطاع.
وإذ تتضمن هذه المقدمة التباساً صريحاً بتسمية النظام المصرفي بينما المقصود موضوعياً هو القطاع المالي، فإن البند اللاحق يشير بوضوح إلى أولوية إعادة تكوين ميزانية مصرف لبنان المركزي لتصل إلى المستوى السليم، بعدما بينت التقديرات ضخامة الرأسمال السلبي المتراكم والذي يصل إلى حدود 60 مليار دولار، فضلاً عن خسائر إضافية مرتقبة جراء إعادة هيكلة الدين الحكومي وتوحيد أسعار الصرف.
وفي التفصيل، فإنه بناءً على نتيجة المراجعة الأولية التي تتولاها الشركة الدولية (KPMG)، والتي جرت مشاركة فحواها مع وفد الصندوق، تقترح الخطة شطب ما يوازي المبلغ عينه أي 60 مليار دولار من التزامات البنك المركزي إزاء البنوك التجارية، ومن ثم المساهمة بإعادة الرسملة جزئياً عبر إصدار سندات سيادية بقيمة مليارين ونصف مليار دولار قابلة للزيادة لاحقاً، على أن يجري تذويب الرصيد الباقي للخسائر خلال فترة 5 سنوات.
ومع تحميل هذا العبء الضخم على الجهاز المصرفي والذي يرجح أن يلقى معارضة شديدة من قبله، تقر الخطة بوجوب إعادة رسملة البنوك التجارية القابلة للاستمرار وحل المتعثرة منها، بهدف إيجاد نظام مصرفي يتوافق مع اقتصاد قوي ويدعم تعافيه. وتتطرق إلى خسائر مضافة إلى التزامات البنك المركزي، وستنتج عن إعادة هيكلة الديون السيادية (اليوروبوندز) وتعثر محافظ القروض ووقع توحيد سعر الصرف على ميزانيات البنوك. وهو ما سيتطلب، وفق الخطة، إسهامات كبيرة من قبل المساهمين ومساهمات ضخمة من قبل كبار المودعين.
ولعل البند الأبرز الذي يترقبه المودعون من مقيمين وغير مقيمين يكمن في تحديد خط الحماية التامة. وهو ما تقترح الخطة أن يصل إلى 100 ألف دولار بالحد الأعلى. مع اشتراط ألا تشمل هذه الحماية أي زيادة طرأت على حساب المودع بعد تاريخ 31 مارس (آذار) من العام الحالي. بينما ستكون الشرائح التي تتعدى خط الحماية خاضعة لسقوف السيولة بحيث يمكن السداد بالدولار والليرة أو كليهما وفق سعر السوق.
وتتضمن المرحلة المكملة من إعادة رسملة البنوك ضمناً شرائح الودائع التي تتخطى سقف الحماية، بحيث يتم تحويلها إلى حصص ملكية أو حذف جزء منها، وتحويل جزء من الودائع المحررة بالعملات الأجنبية إلى الليرة، إنما بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر سوق القطع، ما يعني تلقائياً تطبيق نسبة اقتطاع في عمليات التصريف من الدولار إلى الليرة.
وبهدف تحديد حجم متطلبات الرسملة تكون الحكومة قد شرعت في تقييم الخسائر وبنية الودائع عن طريق لجنة الرقابة على المصارف لكل بنك على حدة من مجموع أكبر 14 مصرفاً تحوز 83 في المائة من إجمالي أصول القطاع، على أن يتم استخلاص النتائج بنهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وسوف يتم الطلب من المساهمين السابقين أو الجدد أو كليهما الالتزام بضخ رأس مال جديد في البنوك التي سيتم تصنيفها «قابلة للاستمرار» بناءً على التحليل الرقابي لخطط العمل، فيما يجري حل البنوك غير القابلة للاستمرار عن طريق الإجراءات الفورية التي سوف تطبق بمقتضى القانون الطارئ لإعادة هيكلة البنوك، مع التنويه بأن المعيار الهيكلي سيكون منجزاً بنهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي. أما على المدى الأبعد، فثمة التزامات بتعزيز الإطار التنظيمي للقطاع المصرفي، بما يشمل مراجعة التشريعات المصرفية الأساسية وأطر الإشراف والحل وتأمين الودائع من أجل المحافظة على سلامة النظام المصرفي وإعادة الثقة فيه إلى مستوياته السابقة.