صدى المجتمع

ندوة بعنوان “واقع المخدرات والبعد القانوني في لبنان”

أقام معهد العلوم الاجتماعية الفرع الثالث بالتعاون مع جمعية “جاد – شبيبة ضد المخدرات”، ندوة تفاعلية هادفة بعنوان “واقع المخدرات والبعد القانوني في لبنان”، وسط حشد كبير من طلاب المعهد من مرحلة الإجازة والدراسات العليا، وحضور بارز لأساتذة المعهد والفاعلين الاجتماعيين والسياسيين المهتمين بالقضايا المجتمعية أمثال النائب جميل عبود، رئيس بلدية مركبتا بسام عطية، رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة لورا صفير، مدير كلية الصحة في الجامعة اللبنانية فؤاد زيادة، رئيسة قطاع المرأة في “تيار العزم” جنان سكاف.

بداية استهلت الندوة بالنشيد الوطني ونشيد الجامعة. وعرض عطية “أهمية طرح الموضوع خاصة بسبب تداعياته في الآونة الأخيرة”، مبينا أن “تناوله بأبعاده السوسيولوجية العلمية أمر ضروري لما طرأ على الظاهرة من مستجدات لم يعرفها المجتمع اللبناني سابقا”. واعتبر أن “مشكلة تعاطي المخدرات من المشكلات التي تؤثر في بناء المجتمع وأفراده لما يترتب عليها من آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية سيئة تنسحب على الفرد والمجتمع، كما أنها ظاهرة اجتماعية مرضية خطيرة تدفع إليها عوامل عديدة بعضها يتعلق بالفرد والبعض الآخر بالأسرة والثالث في البناء الاجتماعي ككل”.

وبعد تحية عيد الاستقلال اعتبر أن “الاستقلال الحقيقي يكون في مجتمع نظيف خال من الإجرام والفساد والسرقات والمخدرات، ويكون للشباب الدور الأبرز فيه في عملية البناء والنهضة الاجتماعية والاقتصادية”. وتوجه إلى الطلاب “بضرورة التعامل مع موضوع تعاطي المخدرات وترويجه بشكل علمي عبر اعتماده كإشكالية مهمة في أبحاثهم ودراساتهم كما شدد على ضرورة الإنتباه والإبتعاد عن هذه المشكلة المجتمعية الخطيرة”.

وقدمت البروفسورة وديعة الاميوني مداخلة اكدت فيها “أهمية مكافحة آلمخدرات بدءا من رأس الهرم وكبار التجار الذين اساؤوا الى صورة لبنان تجاه الخارج من جهة، ودمروا شبابه من جهة اخرى، فزجوهم في حفر مظلمة ليصبحوا اسرى ومساجين المؤثرات العقلية قبل ان يدخلوا السجون بسب التعاطي او القتل او الترويج او السرقة”. وعرضت “أهمية الضبط من قبل الدولة والاستخدام السليم والمفيد لزراعة المخدرات في لبنان تماشيا مع اصدار المراسيم التطبيقية لقانون زراعة القنب الهندي لاسباب صناعية وطبية التي واءمت مع خطة ماكينزي واستراتيجيتها الاقتصادية التي تعود بالنفع والاصلاح الاقتصادي على الدولة اللبنانية بحوالي مليار دولار سنوي”.

وأثارت “خطورة تعاطي المخدرات الرقمية خاصة بعد سعة انتشار واستخدام الشبكة العنكبوتية من جيل الصغار والشباب على السواء، ورقمنة الانسان في الحياة المعاصرة بعد سهولة حصوله على التقنيات الالكترونية وادمانه على الحياة الافتراضية”.

ثم عرفت قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار بالمخدرات وأنواعها، وتحدثت عن مخاطرها على المستوى النفسي والبيولوجي لجهة التأثيرات الكبيرة التي تحدثها على الانسان، والسعادة الزائفة التي تقدمها له. وعرضت لأكثر الأنواع خطورة مثل الهيرويين والموروفين، وتداعياتها النفسية والجسدية على المدمن، منبهة الشباب إلى “ضرورة عدم الإنزلاق لهذا العالم المظلم اوالادمان على المؤثرات العقلية وتجنب الفضول لتجربة أي مادة مخدرة بهدف التجريب، فالإدمان يبدأ بعادة وتسلية ومن ثم يؤدي الى الادمان ويتسبب في اضطرابات هرمونية وشعور الفرد بحاجته اليها بشكل مستمر، ما قد يؤدي به إلى إرتكاب جرائم سرقة وقتل بهدف الحصول على المال وشرائها.

وأشارت إلى “استحداث أنواع جديدة من المخدرات مخصصة للأعمار الصغيرة والمراهقين، والمخدرات الرقمية التي لا تقل خطورة عن المخدرات التقليدية في تأثيرها على ارباك الدماغ البشري والشعور بالاسترخاء او الضياع او عدم الاتزان او القلق تبعا لنوع الترددات المستخدمة بشكل متفاوت على الاذنين. من هنا يأتي دور الجمعيات في توعية الاهالي والمدرسين ومختلف فئات المجتمع لأجل التصدي لهذه المؤثرات العقلية الخطيرة بكل اشكالها واخذها على محمل الجد ودق ناقوس الخطر في زمن اصبح الادمان السلوكي والبيولوجي منتشرا بشكل كبير في مجتمعنا ليطال الكبار والمراهقين وحتى صغار السن، نظرا للانتشار الواسع وتصنيع مواد بأرخص الاسعار لكي تطال كل الفىات وصولا الى تدمير مجتمعنا وكل القيم والروابط الاخلاقية التي تقوم عليه”.

وقدمت مقاربة قانونية قضائية حول موضوع تعاطي المخدرات والترويج، وشددت على “ضرورة ان ينال تجار المخدرات أقصى العقوبات”، وأكدت عزمها وحزمها في “اتخاذ القرارات المناسبة والمعاقبة للمجرم بعيدا عن اية تدخلات او اسباب تخفيفية نظرا لسعة انتشارها بشكل مخيف ولما تشكله المخدرات من مخاطر بنيوية وتهديد على اهلنا واولادنا ومجتمعنا بأسره”.

راشد

وأشار رئيس مكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في طرابلس المقدم إبراهيم راشد الى أن “الإحصاءات أكدت زيادة نسبة المدمنين والمروجين للمخدرات منذ العام ٢٠١٦ حتى الآن وتزايد عددهم بشكل كبير، وذلك يعود لأسباب متعلقة بالضغوطات العائلية والفراغ الذي يشعر به الشاب وسط اضطراب علائقي مع محيطه”، وأشار إلى العقوبات ودور الجهات الأمنية في مكافحة الظاهرة عبر شبكاتها.

واعتبر أن “الشباب الذين يتعاطون المخدرات قد ساهموا في عرقلة مسيرة البناء والتطور في كل المجالات القانونية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الذي يعيشون فيه، حيث يتمثل ذلك من الناحية القانونية في إزدياد معدل القضايا والمخالفات التي يرتكبونها نتيجة إدمان المخدرات الأمر الذي يتطلب مزيدا من الإجراءات الأمنية والقضائية لمواجهة هذه المشكلة، كما يتمثل الجانب الاقتصادي في الخسائر التي تعود على المجتمع جراء فقده لهذه العناصر البشرية التي كان من الممكن أن تساهم في عملية البناء والتنمية، إذ يعتبر المتعاطين خسارة على أنفسهم وعلى المجتمع من حيث أنهم قوى عامة معطلة عن العمل والإنتاج يعيشون عالة على ذويهم وعلى المجتمع وإن أنتجوا فانتاجهم ضعيف لا يساعد على التقدم والتنمية بل قد يكونوا عوامل هدم وتخريب وتعويق عملية الانتاج، بالإضافة إلى ضعف أداء وكفاءة المتعاطي أو المدمن لعمله وسوء إنتاجه”.

ولفت إلى أن “تاثير تعاطي المخدرات على النواحي الاجتماعية يتمثل في كون المتعاطين يشكلون خطرا على حياة الآخرين من حيث أنهم عنصر قلق واضطراب لأمن المجتمع في سعيهم للسرقة والنصب والإجرام والعدوان على المجتمع والضغط عليه”.

الحواط

وفي مداخلة لرئيس جمعية “جاد” جوزيف الحواط، أكد أن “الوثائق والإحصاءات أثبتت أن من بين ١٠ مدمنين، ٦ منهم من مناطق طرابلس والشمال، ما يشير إلى خطورة الظاهرة على البنية الاجتماعية والتي انتشرت بين أوساط الجامعيين وطلاب المدارس بشكل هائل، الأمر الذي يستدعي تدخلا جديا والتركيز على الأصحاء عبر خطة وقائية واعتماد نهج تشاركي بين كل الجهات المعنية بهذه الظاهرة لمكافحتها، خاصة المؤسسات الرسمية والجهات المعنية وضرورة استخدام السكانير في المرافئ العامة لأجل الحد من سعة تجارة المخدرات من والى لبنان”.

وطالبت صفير في مداخلة سريعة  “أخذ الأمر على محمل من المسؤولية”، مؤكدة “أهمية التشارك بين كل من المجتمع المدني، والجمعيات بالتعاون مع الأهل لحل هذه المعضلة التي قد تفتك بشباب المجتمع وتهدمه”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى